قال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، إن الله (عز وجل) أيَّد رسله وأنبياءه (عليهم الصلاة والسلام) بمعجزات ، ومن المعجزات التى أيد الله (سبحانه وتعالى) بها نبيه محمدًا (صلى الله عليه وسلم) معجزة الإسراء والمعراج فزاده بها إيمانًا إلى إيمانه ويقينًا إلى يقينه ، مما يدل على عظمة القدرة الإلهية.
وأضاف وزير الأوقاف، فى خطبة وصلاة الجمعة التى أداها اليوم بأحد مساجد مركز بلبيس بعنوان: "الإسراء والمعراج وفرضية الصلاة" - أن أهل العلم المعتبرون أكدوا أن معجزة الإسراء والمعراج من المعجزات الثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ، وكانت بالروح والجسد إسراءً ومعراجًا ، وإذا كان البعض يتساءل كيف كان ذلك ، فقد أجاب سيدنا أبو بكر الصديق (رضى الله عنه) عندما سأله أحدهم؛ إن صاحبك يزعم أنه خرج من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عُرج به إلى السماء ثم عاد ثانية من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام فى جزء يسير من الليل ، ونحن نضرب إليه أكباد الإبل شهرًا ذهابًا وآخر إيابًا.
وأردف قائلا " فكان ردُّ الصدِّيق (رضى الله عنه) : إنى أصدقه، فإنى أصدقه فى الخبر يأتيه من السماء أفلا أصدقه فى ذلك؟، وإذا كان ذلك قبل العصر الحديث بعلومه المتقدمة ، وقد اخترع الإنسان من الطائرات ما يستطيع الذهاب عليه من مكة إلى المسجد الأقصى ثم إلى مكة مرة أخرى فى جزء يسير من الليل ، وكذلك التطور العلمى الذى لا يستوعبه كثير من الناس ، فإذا كان الإنسان المخلوق الضعيف قد توصل إلى ذلك ، فكيف بمن لا يعجزه شيء فى الأرض ولا فى السماء (سبحانه وتعالى)، وقال الأعرابى فى بداوته : (سماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحار ذات أمواج ، وليل داج ، وسراج وهَّاج ، أفلا يدل ذلك على اللطيف الخبير الذى "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ".
وأشار وزير الأوقاف إلى أن الصلاة اختصت من بين سائر الأركان بأن فرضيتها كانت من فوق سبع سماوات تعظيمًا لأمرها ، ولأن الصلاة هى معراج المؤمن ، فإذا كان النبى (صلى الله عليه وسلم) قد عرج به إلى السماوات العلى ، فهناك معراج للمؤمن يسمو به إلى الدرجات العلى وهو الصلاة ، مؤكدًا أن لفرضية الصلاة فى رحلة الإسراء والمعراج أهمية كبيرة ، تأكيدًا على هذه الفريضة التى هى الركن العملى الأول بعد الشهادتين ، وفيها يقول (صلى الله عليه وسلم): "مَن حافَظَ عليها كانَتْ له نورًا وبُرْهانًا ونَجاةً يَومَ القيامةِ، ومَن لم يحافِظْ عليها لم يكُنْ له نورٌ ولا بُرْهانٌ ولا نَجاةٌ".
ولفت إلى أن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "أقربُ مَا يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ" ، ويقول سبحانه: "وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ" لذا يُستحب الإكثار من الدعاء فى السجود ، مبينًا أننا إذا كنا نريد مرافقة نبينا (صلى الله عليه وسلم) فى الجنة فعلينا بكثرة السجود ، حيث ذكر سيدنا ربيعة بن كعب الأسلمى (رضى الله عنه) قال : "كُنْتُ أبِيتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأتَيْتُهُ بوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ فَقالَ لِى: سَلْ فَقُلتُ: أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فى الجَنَّةِ قالَ: أوْ غيرَ ذلكَ قُلتُ: هو ذَاكَ قالَ: فأعِنِّى علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ".
وكما جاء فى الحديث القدسى: "إن اللهَ تعالى يقولُ : قسمتُ الصلاةَ بينى وبين عبدى نصفينِ ، نصفُها لى ونصفُها لعبدى ولعبدى ما سألَ ، فإذا قالَ : (الحمدُ للهِ ربِّ العالمين) قالَ اللهُ : حمِدنى عبدى ، وإذا قالَ : (الرحمنُ الرحيمُ) قالَ اللهُ : أثنى عليَّ عبدى ، وإذا قالَ : (مالكِ يومِ الدينِ) قال اللهُ (عز وجل) : مجّدنى عبدى ، وفى روايةٍ فوَّضَ إليَّ عبدى" ، ولذا إذا أردت العون من الله سبحانه وتعالى تعرف على الله (جل وعلا) فى الرخاء يعرفك فى الشدة ، وإذا أردت أن يكون الله معك فكن معه ، فإذا كنت مع الله سبحانه كان الله معك ، وإذا كان الله معك فلا عليك بعد ذلك بمن عليك أو معك ، لأنك إذا كنت مع الله انضبط أمر سلوكك وأخلاقك ، واتَّزَن كل أمر حياتك.
وقال وزير الأوقاف: يقول أحد العلماء الحكماء يا ابن آدم أنت فى حاجة إلى نصيبك من الدنيا ، ولكنك إلى نصيبك من الباقية أحوج ، فإن أنت بدأت بنصيبك من الآخرة وكانت عينك على طاعة الله مَرَّ بنصيبك من الدنيا فانتظم انتظامًا فأصلح الله لك أمر الدنيا والآخرة ، وإن أنت بدأت بنصيبك من الدنيا على حساب نصيبك من الآخرة ضيعت نصيبك من الآخرة وكنت فى نصيبك من الدنيا على خطر، وليس لك منه إلا ما كتب ، وإذا قالَ العبد : (إياكَ نعبدُ وإياكَ نستعينُ) قال رب العزة : هذا بينى وبين عبدى نصفينِ ولعبدى ما سألَ ، فإذا قالَ : (اهدنا الصراطَ المستقيمَ صراطَ الذين أنعمتَ عليهم غيرِ المغضوبِ عليهم ولا الضالينَ) قال : هذا لعبدى ولعبدى ما سألَ".
وأوضح أن هذا لمن دخل الصلاة واقفًا بين يدى ربه وذهنه وعقله وقلبه فى الصلاة ، فإذا صلى العبد بهذه الكيفية يدخل فى باب القرب من الله (عز وجل) ، فينضبط سلوكه ، حيث يقول سبحانه : "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ" ، فالذى يقف بين يدى الله يستحضر عظمة الله، ويقرأ القرآن ويعيش معانيه ، ويعلم أنه وقف بين يدى الله خاشعًا ، لا يمكن أن يكون مصليًا وكذابًا ، ولا يمكن أن مصليًا وغاشًّا للناس ، ولا يمكن أن مصليًا وآكلًا للحرام ، وذلك لأن الله سبحانه يقول : "إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ" ، فإذا استقامت صلاتك استقامت حياتك ، ومن لم تستقم حياته بصلاته فليراجع نفسه قبل فوات الأوان.