ذكر الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عبر صفحته على فيس بوك إن الله تعالى قال: {إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} فإذا ظللنا على ما نحن عليه من غير تغيير، فإن الله لا يغير ما بنا، بل إنه سبحانه وتعالى يقول: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.
وأضاف علي جمعة اننا لابد أن نستجيب لرسول الله ﷺ ، وأن نتخذ منهاجه في التغيير، من حالٍ إلى حال؛ حتى نصلح أحوالنا، فينظر الله إلينا بنظر الرحمة، ويعيننا على أن نبدل حالنا إلى أحسن حال، ولا بد على المسلم أن يدرك مناهج التغيير، فالتغيير في مجالات ثلاث.. الأول: العلاقة بينك وبين ربك، والثاني: العلاقة بينك وبين الناس، والمجال الثالث: العلاقة بينك وبين نفسك.
وأضاف علي جمعة: لذلك عبرنا بالجمع دون المفرد، لأن التغيير يحتاج إلى مناهج، وليس إلى منهج واحد، والنبي ﷺ في التغيير يقول: «ابدأ بنفسك ثم بِمَنْ تعول»، ومجمل ما في السنة: ابدأ بنفسك، ثم بِمَنْ يليك، فلابد أن تبدأ بنفسك، ثم لا تَنْسَ عائلتك وأسرتك، وهذا يجعل التربية والتعليم أساس التغيير، لابد علينا من الاهتمام بالتربية والتعليم، فكل شيء في حياتنا لا يتم تغييره، إلا من خلال التربية والتعليم.
أساس العلاقة بينك وبين الله: لا حول ولا قوة إلا بالله، التي تفيد حسن التوكل على الله، وأن تؤمن أنه لا يكون في كونه إلا ما أراد، فيحدث لك التسليم بأمر الله، سواء أكان أمرًا كونيًّا، فلا تهتز أمام المصائب والبلايا، أو أمرًا شرعيًّا، فلابد عليك أن تطيع ربك، وأن ترضيه، وأن تعود إليه.
غَيِّر العلاقة بينك وبين الله، على أساس: لا حول ولا قوة إلا بالله، التي تؤدي بك إلى التوكل، فالتسليم، فالرضا عن الله سبحانه وتعالى، {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}.
فحينئذ ينظر إليك الله؛ بنظر التأييد، والمعونة، والعطاء، الله خلقك، وهو يحبك ويرحمك، وأرسل لك رحمة للعالمين، فالعلاقة بينك وبينه ليست مخيفة، بل هي مضيئة، منيرة، جميلة، الرهبة من الله من خلال حبه، وتعظيمه سبحانه وتعالى، فكن حيث ما أمرك الله.
العلاقة بينك وبين الله تحتاج إلى تغيير؛ لأن الإنسان ينسى، والذكر يجعلك قريبًا من الله، مستوعبًا لمعنى: لا حول ولا قوة إلا بالله، {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} أمرنا بالذكر وبالتذكير، «لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله»؛ حتى تتذكر أنه: لا حول ولا قوة إلا بالله، وأن الأمر ليس بيدك، ولا من علمك وقدرتك، افعل وتوكل على الله، سترى نفسك تنسى بعض هذا، فَذَكِّرها وتوكل على الله، ودائمًا قُلْ: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإن رسول الله ﷺ يقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله من كنوز العرش». أتدري ما العرش؟ إنه أكبر كائن خلقه الله، إن السماوات السبع على اتساعها، كحلقة في صحراء كبيرة، بالنسبة إلى العرش، العرش تخيل أنه أعظم مخلوق حجمًا وقيمةً، فيه كنز، فإذا فتحت هذا الكنز وجدته: لا حول ولا قوة إلا بالله.
إذن بهذه الكلمة سنستطيع أن نملك الدنيا، أن نملك حياتنا، أن نعرف كيف نسير؛ بلا متاهة، لا حول ولا قوة إلا بالله، ليست كلمات ترص بجوار بعضها البعض، بل هي منهج حياة، ومنهج تغيير، فهيا بنا نُغَيِّرُ، ما بيننا وبين الله.
وأشار علي جمعة إلى أن هناك منهجا بينك وبين الخلق، وهذا المنهج مبني على العفو والصفح، {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} أمر في غاية الصعوبة، يحتاج إلى صبر، وإلى تجرع مرارة، كيف تعفو عَمَنْ آذاك، وكيف تعفو عَمَنْ اعتدى عليك، وكيف تتجاوز مَنْ وقف بلا مبرر يسبك، وكيف لو أنه كان على الباطل، وأنت على الحق.
وعلى الرغم من ذلك، فإن العفو والصفح، هو منهج النبيين والصديقين، والعفو والصفح، هو الذي ينبغي أن نتقدم به بيننا وبين الناس، وهو أمر عظيم يوقعنا في نزاع مع أنفسنا، ولكن في النهاية: الأمر لله ولرسوله، وكلام الله ورسوله على أعناقنا، وفوق رءوسنا ( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا).