يوم اليتيم.. قصة ممتدة من الفراعنة إلى الإسلام

يوم اليتيم.. قصة ممتدة من الفراعنة إلى الإسلاميوم اليتيم

مصر2-4-2022 | 08:46

للاحتفال بيوم اليتيم فى مصر جذور تاريخية عميقة، وفى عصرنا الحالى تحتفل مصر فى الجمعة الأولى من شهر أبريل من كل عام بيوم اليتيم .. وتحرص الجمعيات الأهلية المختصة برعاية اليتيم على الاحتفال بهذه المناسبة خاصة رعاية الأيتام المحتاجين.. ويتخلل الاحتفالات برامج ترفيهية وعروض مسرحية ومسابقات للأطفال بالإضافة إلى الزائرين الذين يحرصون على المشاركة فى هذه المناسبة لإدخال البهجة والسرور على الأطفال، وأحيانا يتم إقامة حفل زفاف جماعى للأيتام بحضور بعض نجوم الغناء والتمثيل تطوعا ومساهمة فى هذا اليوم.. كما تحرص بعض الجهات إتاحة دخول الحدائق العامة مجانا للأطفال الأيتام وقيام البعض بزيارة دور الأيتام لتقديم الهدايا للأطفال.

ما قصة الاحتفال بيوم اليتيم فى مصر؟ وكيف اهتم المصريون القدماء باليتيم ورعايته؟ وماذا عن أوضاع اليتامى وحقوقهم فى الإسلام؟

عن جذور الاحتفال باليتيم فى مصر، يقول المؤرخ إبراهيم العنانى عضو اتحاد المؤرخين العرب، إن الاهتمام بالأيتام فى مصر موجود على مدى التاريخ منذ العصور الفرعونية القديمة، وترجع رعاية وكفالة اليتيم ومساعدة المحتاجين منذ العصور القديمة (العصر الفرعونى) فكان المصرى القديم يدون على اللوحات الجنائزية (جواز مروره إلى الأبدية وشفاعة له يوم الحساب) تبين الأعمال الطيبة فيقول: كنت أكسو اليتيم.. وكنت أقدم له الطعام.. وكنت أحمى الأرملة.

وفى أحد المواقف التى وجه فيها فلاح مصرى قديم كلامه إلى مسئول كبير لكى يستمع جيدًا إلى شكواه ولكى يتعاطف المسئول الكبير معه.. لجأ الفلاح إلى أفضل الحجج بقوله: (أنا أب ليتيم) كما أننى أقدم الرداء لكل من فقد أمه، وفى مواقف أخرى كان أحد الحكام ويدعى (امنمحات) يفتخر فى العبارات المنقوشة بأنه لم يقهر أى أرملة، بل كان يعطى للأرملة مثلما كان يعطى المرأة المتزوجة، وكان يحنو على اليتيم.

وكان المصرى القديم يؤكد حرصه على حماية اليتيم فيقول: إن حماية اليتيم هى حماية السماء، وإرضاء للإله ولذلك لا يسمح بإيذاء الطفل اليتيم ولا بد من التأكد أنه يشرب اللبن ويرتدى الملابس وأن يتم توفير كل شيء يرقد فوقه بل إن الأمهات فى العصور الفرعونية كانت ترى أن إرضاع اليتيم مع طفلها يدخل فى ميزان حسناتها، وكانت الأسر تتبنى أو تكفل يتيما وتخصص له مرضعة إذ لم يكن قد أتم ثلاث سنوات، حيث إن الرضاعة عند الفراعنة كانت بالنسبة للطفل لمدة ثلاث سنوات وكانت بعض الأسر توصى بأن يحصل اليتيم الذى تتبناه أو تكفله على نصيب من الميراث، وإذا كان اليتيم ابنا لخادمة فكان يتم أحيانا تزويجها لشخص حر وبذلك تحصل الأرملة هى وابنها اليتيم على الحرية وعتقهما من العبودية.

رعاية اليتيم فى التاريخ الإسلامى

وعن رعاية اليتيم فى التاريخ الإسلامى، يقول العنانى: من التوجيهات النبوية قول الرسول i: «خير بيت فى المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه»، بل إن هذا الكرم النبوى يتعدى هذه الخيرية الدنيوية إلى ضمان الجنة حيث يقول صل الله عليه وسلم: «من عال يتيما حتى يستغنى عنه أوجب الله له بذلك الجنة»، بل إن الرسول i يحدد مكان كافل اليتيم فى الجنة فيقول: (إن فى الجنة دارا يقال لها دار الفرح لا يدخلها إلا من فرح يتامى المؤمنين).

وقد ساوى الرسول الكريم i، فى موضع آخر بين كفالة اليتيم والأمور العظام فى الإسلام مثل القيام والصيام والجهاد فى سبيل الله، حيث يقول i: «ومن عال ثلاثة أيتام كان كمن قام ليله، وصام نهاره، وغدا وراح شاهرا سيفه فى سبيل الله».

كفالة اليتيم ورضاعته

وتساعد دور الأيتام الأسرة التى ترغب فى الكفالة بتوفير أجهزة الرضاعة الطبيعية والذى يمكن الأم البديلة الاستعانة به لإرضاع الطفل المكفول 5 رضعات مشبعات وبذلك يصبح ابنها فى الرضاعة، ويرى الفقهاء أن هذا الطفل أصبح ابنا فى الرضاعة لهذه الأسرة وبالتالى يصبح وجوده داخلها وجودا شرعيا من خلال إدرار اللبن الطبيعى من الإناث عن طريق تنشيط الغدد التى تفرز اللبن، وبالإرضاع تصير المرضعة أما من الرضاع لمن أرضعته.

أفضل اليتامى

يكفى أن الرسول i توفى أبوه قبل ولادته وماتت أمه وهو فى طفولته وتولى رعايته جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب حتى شب وجاءه الوحى من السماء حاملا البشرى والنور والهداية للعالمين وقد خاطبه ربه فقال: (ألم يجدك يتيما فآوى).. و السيدة مريم التى كفلها نبى الله زكريا والتى بشرتها الملائكة: (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) وقال عنها الرسول i: «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وامرأة فرعون..» رواه البخارى.

ويروى أن الحافظ بن حجر ربته أخته وقال عن نفسه: (ولدت فى رجب سنة سبعين فى طريق الحج وكانت - أى أخته - قارئة، كاتبة، أعجوبة فى الذكاء، وهى أمى بعد أمى). وهذا إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانى وأصله من البصرة ولد عام 164 هـ فى بغداد وتوفى والده قبل مولده ونشأ يتيما وتولت رعايته أمه وحرصت على تربيته كأحسن ما تكون التربية، وعلى تعليمه فروع الثقافة التى كانت سائدة فى حفظ القرآن الكريم وانكب على طلب الحديث فى نهم وحب، فقد تفوق على أقرانه فى الفقه حتى صار أحد أصحاب المذاهب.. وعن الكسائى أنه قال: من عال يتيما فجعل يكسوه ويوفر له الطعام وينوى به عن زكاة ماله جاز له.

أضف تعليق