بالعنصرية والرصاص.. مصرية عائدة من أوكرانيا تحكى رحلة الهروب من الجحيم

بالعنصرية والرصاص.. مصرية عائدة من أوكرانيا تحكى رحلة الهروب من الجحيممريم الدبيكي

بين عشية وضحاها، تبدلت حياة الطلاب المصريين من حلم الحصول على الشهادة الدراسية، إلى النجاة بحياتهم من ويلات الحرب فى أوكرانيا، ومع إطلاق الرصاصة الأولى فى فجر 24 فبراير 2022، تعرضوا لمواقف جعلت حياتهم على المحك، منها ما هو على باب عربة القطار، ومنها ما هو فى غابات شرق أوروبا.. دار المعارف التقت مريم الدبيكي، مصرية مقيمة فى الإمارات، وعائدة من أوكرانيا بعد رحلة دراسية، بدأت فى عام ٢٠١٩ لدراسة الطب، وأنهتها الحرب الروسية الأوكرانية، لتحكى لنا رحلة الهروب من الجحيم.

مقدمات الحرب


فى البداية تقول مريم الدبيكى: "كان متداولا بين الأوكران قبل نشوب الحرب، أنه لن يحدث أي شي، وأن الأوضاع كانت ستستمر مستقرة تماماً.. وقبل الحرب بيومين كنا بننزل الجامعة ولا يوجد أي خلل أو أي أشارة إلى قيام حرب قريبا.. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن مدينتين على الحدود الأوكرانية هيستقلوا وهذا كان استفزاز للشعب الأوكراني".

ساعة الحرب


لتتدخل صديقتها خلود أحمد قائلة: "في تمام الساعه ٤ فجر الخميس 24 فبراير، شنت القوات الروسية هجمات صاروخية على جميع المطارات الحربية في أوكرانيا.. الأمن الجامعى الأوكرانى كسر الباب علينا في سكن الطلبة صائحا: (الحرب ابتدت) تحرك كل الطلبة ليجهزوا حقائبهم، وأغلق الأمن جميع مصابيح الكهرباء لأن الطائرات الروسية توجه ضرباتها باتجاه المبانى المضاءة"

سحب الأموال والملفات


وأضافت مريم: "فى أول أيام الحرب، نزلت لأسحب فلوسي من أي مكينة صرافة فى الشارع، مشيت نص ساعة وكان التزاحم كبير والطابور يمتد لأمتار طويلة.. ثم توجهت إلى الجامعة مع وفود الطلبة لسحب ملفاتنا ومستنداتنا، إلا أن الجامعة رفضت أعطائها لنا.. وحاول أعضاء هيئة التدريس الأوكران بث الاطمئنان فى نفوسنا.. وأن كل شيء سوف يكون على مايرام فى القريب العاجل، وقاموا بإرسال الجداول الدراسية إلينا لاستكمال الدراسة أونلاين".

أول يوم حرب


"فرضت الحرب أجوائها على المدنيين الأوكرانيين والأجانب والعرب، وذهب الجميع إلى الملاجئ فى محطات المترو، وتواجد هناك: الأسر والطلبة وقامت الشرطة الأوكرانية بإغلاق أبواب المترو، ومنعت الشعب من الخروج حتى الساعة ٧ صباحاً.. حاولنا نخرج لقينا طيارة حربية روسية رجعنا كلنا لمحطة المترو تاني"

ثاني يوم حرب


"استيقظنا فى اليوم التالى على أصوات الإنذارات، وحسب التنبيهات من الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، أن الانذار مرة واحد يعني تحذير، ٣ مرات يعني أن الجميع ينزل إلى المخابئ، لنفهم أن الجيش الروسي يشن هجوما جويا والطائرات تقصف المبانى بالصواريخ".

وبعد أن عدت إلى منزلى فى صباح اليوم الثانى للحرب، دوت صافرات الانذار 3 مرات، في ذلك الوقت.. كان المترو يبعد عن منزلي ٤٥ دقيقة، وأثناء سيرى فى الطريق إلى المترو، تواجدت الطائرات فى المنطقة ووجهت هجمات صاروخية على المبانى، هرولت إلى المنزل من منتصف الطريق، وأصيبت قدمى بجروح من أطلال المنازل المهدمة، حتى عدت إلى بيتى وأطفات الأنوار وجلست فى الظلام".

رحلة الخروج من الجحيم


"لم تعد الحياة تحتمل فى أيام الحرب، وأعلنت رابطة الجالية المصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعى، عن وجود أتوبيس لنقل الطلاب المصريين إلى بولندا، وعلمت بالوقت والمكان، وعلى كل طالب يرغب في السفر، الذهاب للمكان المحدد، والأتوبيس يسمح لـ ٥٠ راكبا فقط، وكان سعر التذكرة ٥٠ دولار".

أتوبيس بولندا


"وكانت رحلة الوصول للأتوبيس شاقة وصعبة ومليئة بالاستغلال المالى من جانب السائقين الأوكران، كل العربيات رفضت تركبني عشان أروح مكان الاتوبيس، وعرضنا عليهم مبالغ مغرية (1000 دولار) ولكن ظلوا رافضين في حين وافق أحد السائقين على المبلغ، إلى أن أوصلنا.. وكانت من الحركة الذكية أن الجالية المصرية أرسلت لنا أتوبيس من بولندا، لأن العرب كان يواجهون اضطهادا، ولم يكن الأتوبيس المصرى ليصل إلينا أو نمر سالمين من الطرق الأوكرانية أو نعبر الحدود بسلام".

فى الغابات


"كان السائق البولندى يسير ببطئ، والإضاءة كلها مغلقة ويسير فى طرق مهجورة بين الغابات، واستغرقت الرحلة 33 ساعة: وصلنا إلى حدود بولندا بعد 8 ساعات، وانتظرنا نحو 25 ساعة لدخول بولندا، بسبب تضيقات أمنية من الجيش الأوكرانى على العرب وإعطاء الأولوية للأوكران، وكان في ذاك الوقت على الحدود عدد من العربيات التي لا تعد ولا تحصى".

العنصرية على باب القطار


وقالت خلود أحمد: "ركبت قطار من كيف إلى (لفيف).. أثناء ركوب القطار ظهرت العنصرية البشرية، حيث حاول الأوكران إعطاء الأولوية لمواطنيهم، فيما اتجه الأفارقة والهنود لتفضيل ذويهم، ومُنع الطلبة العرب من ركوب القطار.. الضباط الأوكران رفعوا عليا الأسلحة النارية بسبب الهمجية ورفضهم لينا للركوب، وضربوا ٣ طلقات تحذيرية فى الهواء، ودخل الطلبة الأوكران أولا، ثم الطلبة من باقى الجنسيات".

"الضباط الأوكران ضربونا، والكل كان يضطهد أى جنسية أخري غير جنسيتة، وصلت لفيف في ١٨ ساعة، ومن لفيف مشينا ٣٠ كيلو على رجلينا عشان نوصل على حدود بولندا، بعد وصولنا للحدود انتظرنا يوم كامل (نمنا فى بنزينة فى الشارع) عشان ندخل الحدود البولندية.. في بولندا أخدونا لملجأ واستقبلونا أفضل استقبال، وقدموا لنا كل شيء وتكفلت بولندا بكافه شيء".

التقاء الصديقتين
وتقول مريم: "عندما وصلنا بالأتوبيسات إلى المطار، استقبلنا السفير المصري في بولندا في فندق بجانب المطار، حجز السفير المصري فندق، لجميع الطلبة المصرين "٥٤ طالبا" وتكفلت السفارة المصرية في بولندا بكافة المصروفات المالية اللازمة الخاصة بالطلبة لمدة ٥ أيام في بولندا، والمواصلات داخل بولندا، وكذلك الرحلة من بولندا إلى القاهرة".

أضف تعليق