في عيد القيامة.. خبير آثار يرصد حكايات الحج المسيحى وانطلاقها من القبر المقدس

في عيد القيامة.. خبير آثار يرصد حكايات الحج المسيحى وانطلاقها من القبر المقدسحكايات الحج المسيحى وانطلاقها من القبر المقدس

فنون24-4-2022 | 05:43

في إطار الاحتفالات بعيد القيامة المجيد الذى ينطلق من الأراضي المقدسة بشكل مميز لخروج النور من كنيسة القيامة وقد ذكرالمؤرخ العربى المقريزى أن النور يظهر فى قبر السيد المسيح فى القدس فى ليلة العيد ويضئ منه الناس الشموع.

وفى ضوء ذلك يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، كيف انطلقت رحلات الحج المسيحى إلى هذه البقعة الطاهرة بالقدس مباشرة أو عبر دير سانت كاترين بسيناء منذ القرن الرابع الميلادى وقد عرف مسيحيو القرن الثالث الميلادى الكهف الذى ولد فيه السيد المسيح عليه السلام فى بيت لحم معرفة جيدة.

وأضاف: بدأ ارتحالهم إلى هناك وإلى جبل الزيتون، وكان الهدف من زيارة هذه البقاع المقدسة هو الصلاة واكتساب الفضائل الروحية إلا أن التطور البارز فى فكرة الحج إلى القدس حدث فى عهد الإمبراطور قسطنطين أول الأباطرة المسيحيين (323 – 337م) الذى أوقف الاضطهاد الذى لحق بالمسيحية

وقامت أمه الإمبراطورة هيلانة بزيارة القدس من أجل الكشف عن رفات السيد المسيح والحصول على كافة متعلقاته، ويقال أنها عثرت على خشبة الصلب ودعّم قسطنطين اكتشافها ببناء كنيسة القبر المقدس ثم جاءت إلى سيناء وبنت كنيسة في حضن شجرة العليقة المقدسة وبرج يحتمى به الرهبان ومنذ ذلك الحين صارت الرحلة المقدسة إلى تلك البقاع تقليدًا قائمًا لدى المسيحيين.

وأوضح الدكتور ريحان أن أغلب المسيحيين الذين يذهبون إلى القدس كانوا يضعون مصر وسيناء فى برنامجهم وقد وصلتنا كتابات عديدة للمرتحلين المسيحيين إلى القدس عبر العصور فبين أعوام (381 – 384م) حيث جاءت الراهبة إجيريا أو إثيرى (كما ذكرت بعض المراجع ) قادمة من أوروبا إلى منطقة الجبل المقدس بسيناء عازمة على اتخاذ نفس الطريق الذى سلكه بنو إسرائيل فى رحلة الخروج من مصر إلى فلسطين عبر سيناء وتطلق إثيرى تسمية سيناء على مجموعة من الجبال من بينها جبل الشريعة أو جبل سيناء وهو جبل موسى الحالى 2242م فوق مستوى سطح البحر

ووصفت صعودها إلى جبل موسى فقالت أنها وجدت على قمته كنيسة صغيرة حيث أقيم قداس تلاه توزيع خيرات الله على شكل فواكه من إنتاج منطقة الجبل المقدس وشاهدت هناك كنيسة ومغارة سكن فيها النبى إيليا ، ويستدل من كتابات إثيرى على أن هذه الرحلة كانت شاقة وكثيرة التكاليف لا يقدم عليها إلا الشخصيات الكبيرة ذو النفوذ الواسع والمال الوفير

وجاء بوستوميان وهو من أهالى ناريون بجنوب فرنسا إلى مصر عام 400م بعد أن عبر البحر المتوسط فى أربعين يومًا إلى الإسكندرية ثم توجه إلى القدس عن طريق سيناء وكان معه عدة مرافقين ووصف لنا رحلته

وجاء القديس أنطونين من إيطاليا إلى الجبل المقدس وذكر أن عددًا هائلًا من النساك جاءوا لمقابلته ينشدون التراتيل وأنه كان لكل دير ثلاثة رؤساء أحدهم يجيد اللاتينية والثانى الإغريقية والثالث القبطية

ويشير الدكتور ريحان إلى وجود طريقان مشهوران للحج عبر سيناء، طريق شرقى وطريق غربى، أمّا الطريق الشرقى فهو للمسيحيين القادمين من القدس إلى جبل سيناء ويبدأ من القدس إلى أيلة (العقبة حاليًا) إلى النقب ثم وادى الحسى إلى وادى وتير الذى تتوفر فيه المياه من بئر الحسى وبئر صويرا ويجاور وادى وتير أيضًا عين فرتاقة وبها جدول صغير يفيض بالماء طوال العام، ثم يسير الطريق فى وادى غزالة إلى عين حضرة ثم وادى حجاج وبه تلال من حجر رملى بها نقوش نبطية ويونانية وأرمينية ثم يسير إلى سفح جبل جونة إلى وادى مارة ثم يدخل سفح جبل سيناء وطول هذا الطريق حوالى 200كم من أيلة إلى الجبل المقدس الذى أطلق عليه عدة أسماء منها جبل موسى وجبل سيناء وجبل المناجاة

ونوه الدكتور ريحان إلى شهرة وادى حجاج قرب سانت كاترين والذى يتضمن نقوشًا صخرية أرمينية عددها 55 نقش تاريخها ما بين القرن (الأول إلى الرابع الهجرى / السابع إلى العاشر الميلادى) منها نقش لأحد المسيحيين يقول (أنا ذاهب حول موسى) يعنى جبل موسى وآخر يقول (أنا رأيت القدس) وأن وجود مثل هذا العدد من النقوش الأرمينية فى الطريق الشرقى بسيناء وعدم وجودها فى الطريق الغربى يدل على كم المسيحيين الأرمن القادمين إلى جبل سيناء من القدس

و الطريق الغربى يبدأ من القدس عبر شمال سيناء وشرق خليج السويس إلى جبل سيناء ويبدأ من القدس، عسقلان، غزة، رافيا (رفح)، رينوكورورا (العريش) أوستراسينى (الفلوسيات) ،كاسيوم (القلس)، بيلوزيوم (الفرما)، سرابيوم (الإسماعيلية)، القلزم (السويس)، عيون موسى، وادى غرندل، وادى المغارة، وادى المكتّب، وادى فيران إلى جبل سيناء وطول هذا الطريق من القدس إلى القلزم 400كم ، ومن القلزم حتى جبل سيناء 300كم فيكون الطريق من القدس إلى جبل سيناء 700كم .

ولفت الدكتور ريحان إلى أهمية ميناء الطور وخدمة الحجاج المسيحيين فى العصر المملوكى منذ (القرن الثامن الهجرى / الرابع عشر الميلادى) وكانت السفن تبحر من موانئ إيطاليا، جنوة أو البندقية (فينيسيا الآن) إلى الإسكندرية ثم تتوجه بالنيل إلى القاهرة وبعد أن يحصلوا على عهد الأمان أو الفرمان من سلطان المماليك يقيم المسيحيون فترة فى استراحة للحجاج بالقاهرة حيث يتم إعطاء أطعمة للفقراء المتوجهين إلى سانت كاترين

ويعود المسيحيون إلى أوروبا عن طريق الإسكندرية على سفن البندقية التى تنتظر التجارة المصدرة إلى الإسكندرية من الشرق

ونظرًا لوقوع دير الوادى بطور سيناء فى موقع وسط بين دير سانت كاترين ومصر العليا وفلسطين فكان يقيم المسيحيون به لزيارة الأماكن المقدسة بالطور تم يأخذوا طريقهم إلى جبل سيناء ثم إلى فلسطين و يحوى الدير 96حجرة على طابقين بعضها قلايا للرهبان والأخرى حجرات لاستضافة المسيحيين الوافدين للدير

وتابع الدكتور ريحان بأن المسيحيون القادمون من أوروبا يقيمون لعدة أيام بدير أبو مينا (مارمينا) بمريوط غرب الإسكندرية وكان به عدة حجرات كانت تستخدم مكاتب خاصة لشئونهم مما يدل على كم المسيحيون القادمون من أوروبا إلى سيناء وكان الحاج يجهز نفسه روحانيًا ويرتدى ثوب الحج ويضع الصليب الأحمر على الثوب ورداء الرأس ويأخذ نقود كافية ثم يتجه إلى البندقية أو جنوة أو مارسيليا ويأخذ الحاج طريقه بسهولة

أمّا الراغبين فى الحج إلى جبل سيناء ودير سانت كاترين فلهم الحق فى الإعفاء من الرسوم وهى 23 دوقة ويجهز الحجاج بالجمال إلى سيناء، وللحجاج سواءً كانوا من الشرق أو الغرب الحرية فى قراءة القداس طبقًا لطقوسهم الخاصة فى كنيسة لاتينية خاصة قرب سكن الضيوف بدير سانت كاترين

ويصعد الحجاج إلى جبل موسى الذى تبلغ عدد درجاته حوالى ثلاثة آلاف درجة حيث يعبر الحجاج بوابتين من الصخر، الأولى يجلس فيها القديس اسطفانوس ليستمع لاعترافات الحجاج ويتسلم شهادات اعترافهم قبل أن يسمح لهم بالصعود إلى البوابة الثانية حتى يصلوا إلى قمة جبل موسى، وعليه كما يعتقد الكهف الذى اختفى فيه نبى الله موسى عليه السلام

ولقد بنى اللاتينين هناك كنيسة تسمى كنيسة موسى خصصت لكبير الملائكة ميخائيل، ثم يهبط الحجاج إلى دير سانت كاترين و يأخذوا طريقهم للعليقة الملتهبة عن طريق الجناح المخصص لذلك وهو الجناح الشمالى بالكنيسة الرئيسية ، وبعد زيارة العليقة الملتهبة يستكمل الحاج الزيارة إلى كنيسة التجلى الكنيسة الرئيسية بالدير

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2