يقاس مدى تقدم الأمم ورقيها، بمستوى وأسلوب حوار فئاتها المختلفة.. فبحسب قول «لورد تستر فيلد» إن الألفاظ هي الثياب التي ترتديها أفكارنا.. فيجب ألا تظهر أفكارنا فى ثيابٍ بالية.
وقديمًا قالوا «إن بعض القول فن، فاجعل الإصغاء فنًا».
بدأت الأسبوع الماضي أولى جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال إفطار الأسرة المصرية نهاية شهر رمضان الماضي.
وفى بث مباشر للجلسة الأولى للأمانة العامة من داخل الأكاديمية الوطنية للتدريب، التي تستضيف الحوار.. تابع المصريون تفاصيل ما دار خلال الجلسة والكلمات والتعليقات للأعضاء وأسئلة الصحفيين من كل وسائل الإعلام المصرية والعربية والعالمية، ليصبح الجميع شركاء فى الحوار الوطني؛ بعد أن أعلنت الأمانة العامة أنها لا تزال تتلقى المقترحات رغم حجم ما تلقته خلال الفترة الماضية منذ بدأت الدعوة وحتى الآن من مقترحات اقتربت من المائة ألف؛ بحسب ما عرضه رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني المستشار محمود فوزي، خلال عرضه لما تم خلال الفترة الماضية ليصبح الجميع على بصيرة بكل التفاصيل.
الجلسة الأولى لمجلس أمناء الحوار الوطني وما خرج عنها من قرارات وما عرض خلالها يعد بمثابة خطوة حقيقية لتنفيذ مبادئ ثورة 30 يونيو التي تؤمن بالحوار كأحد أهم ثوابت الديمقراطية الحقيقية.
فالنقاش الهادف والبنّاء، والحوار الهادئ المتقبل لوجهات النظر الأخرى؛ المتفاعل بإيجابية مستهدفًا طرح رؤى جديدة تدعم الوطن، وتحفظ له مقدراته؛ هو السبيل الوحيد لبناء دولة أكثر قوة وقدرة على مواجهة التحديات.
فلنتخذ من الاختلاف فى وجهات النظر طريقًا نحو تقديم مقترحات أكثر فاعلية لبناء الوطن معًا.
القرارات الصادرة عن الاجتماع الأول التي شملت.. التصديق على قرار تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني.. وإصدار قرار باللائحة المنظمة لعمل مجلس أمناء الحوار الوطني.. وإصدار قرار مدونة السلوك والأخلاقيات بالحوار.. لهي بمثابة بداية الانطلاق نحو أكبر نموذج للحوار المجتمعي.
وتعمل اللائحة الإجرائية للحوار الوطني على تنظيم عمل الجلسات ونظام العمل، فيما تحافظ مدونة السلوك والأخلاقيات على الوجه الحضاري لجلسات الحوار الوطني.
وما شهدناه خلال إدارة المنسق العام الدكتور ضياء رشوان للجلسة الأولى وما قدمته الأكاديمية الوطنية للتدريب من لوجستيات لتسهيل عمل مجلس الأمناء والتعاون الكامل، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك الحرص الشديد لدى الدولة المصرية على أن توضع مخرجات الحوار الوطني موضع التنفيذ عقب إقرارها.
وهنا يصبح الحوار مسئولية ملقاة على عاتق مجلس الأمناء والمشاركين فيه، ووسائل الإعلام الناقلة لأحداثه، لأن ما قدم من مشاركات تجاوزت الـ100 ألف مشاركة من كل محافظات مصر، يستوجب على الجميع أن يتوحّد خلف هدف واحد وهو تقديم حوار يلبي طموحات المصريين بما يناقشه من قضايا تهم كل فئات وطوائف الشعب.
إن حرص مجلس الأمناء على وضع لائحة منظمة للعمل ومدونة للسلوك والأخلاقيات، ينبئ بحوار وطني قوي يقدم نموذجًا جديدًا يحتذى به فى المنطقة، وينتقل بنا إلى مرحلة مهمة من مراحل بناء الجمهورية الجديدة.
مرحلة يعمل فيه الجميع باتجاه هدف واحد وهو بناء الدولة.. وينحي الجميع الأهداف الشخصية، فتتوحد الأهداف وإن اختلفت السُبل.
إن مسئولية نجاح الحوار ملقاة علينا جميعًا، فما يواجهه الوطن من تحديات، وما تواجهه المنطقة من مخاطر تتطلب من كل أبناء الشعب المصري فى الداخل والخارج تقديم نموذج حضاري يستمع فيه كلٌ منا للآخر، ويصبح شعارنا «اختلافنا لا يفسد للوطن قضية».
كما أن ما قدمه المستشار محمود فوزي، رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، من عرض كشف حجم ثقة المواطنين للدعوة التي وجهها الرئيس وحجم الثقة فى الأمانة العامة للحوار وأعضائها.. والثقة فى الأكاديمية الوطنية للتدريب التي قدمت لنا خلال السنوات القليلة الماضية، كوادر شبابية تقلدت مسئولية مواقع تنفيذية أثبتت فيها نجاحًا كبيرًا لتؤكد ثقة الرئيس فى شباب هذا الوطن.
كما أن المحاور الثلاثة التي تم تقسيم الحوار على أساسها (المحور السياسي، المحور الاقتصادي، المحور الاجتماعي) كشف عن مدى دقة الأمانة العامة على ترتيب أوراق الحوار لتكون المخرجات أكثر فاعلية.