«التبرع بالأعضاء».. «الإفتاء» تجيز وبعض العلماء يرفض.. اختلافهم رحمة

«التبرع بالأعضاء».. «الإفتاء» تجيز وبعض العلماء يرفض..  اختلافهم رحمةصورة تعبيرية

الدين والحياة18-10-2022 | 15:55

التبرع بالأعضاء قضية قديمة تعود إلى دائرة الضوء بين الحين والآخر لتثير الجدل، بعد دعوات لنشر هذه الثقافة، وظهور ما يسمى بشهادات التبرع بالأعضاء بعد الوفاة.

"اختلافهم رحمة"، فرغم إعلان دار الإفتاء جواز نقل الأعضاء، اختلف علماء كثيرون فى الرأى هذا الأمر مؤكدين أن الجسد ملك لله وليس للإنسان حق بأن يبيع أو يهب جزءا منه، وأكدت دار الإفتاء أن العلاج بنقل وزرع عضوٍ بشرى مِن متوفّ إلى شخص حيٍّ مُصَابٍ جائزٌ شرعًا إذا توافرت الشروط.

وأوضحت أن التبرع جائز بشرط أن تُبعد هذه العملية من نطاق التلاعب بالإنسان الذى كرَّمه الله تعالى، وتنأى به عن أن يتحول إلى قطع غيار تباع وتشترى، ومن الشروط الأساسية فى ذلك: تحقق موت المتبرِّع؛ بتوقف قلبه وتنفسه وجميع وظائف مخه ودماغه توقفًا لا رجعة فيه؛ بحيث تكون روحه قد فارقت جسده مفارقةً تامةً تستحيل بعدها عودته للحياة، ولا يقدح فى صحة الموت الحركةُ الآليَّةُ لبعض الأعضاء بفعل أجهزة التنفس الصناعى ونحوها، وهذا التحقق إنما يكون بشهادة الأطباء العدول أهل المعرفة فى فنهم الذى يُخَوَّل إليهم التعرف على حدوث الموت، وما ذكره الفقهاء من علامات الموت -كاسترخاء الرجلين وغيره- مبنى على الرصد والتتبع والاستقراء الطبى فى أزمنتهم.

وأشارت إلى أن الطب الحديث أثبت أن هذه أعراضٌ للتوقف النهائى لجميع وظائف المخ والدماغ، فإذا استطاع الأطباء قياس هذا التوقف التام لوظائف المخ، وصار هذا القياس يقينيًّا عندهم بلا خلاف بينهم فيه: فإنه يُعَدُّ موتًا حقيقيًّا يجوز بعده نقل الأعضاء من الميت إلى الحى بشروطه.

مصلحة الإنسان

وقال د. عبد الغنى هندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الأزمة إننا لا نقرأ، رغم أن القانون لم يمر عليه سوى 12 عاما، وما حدث أنه كان هناك اجتماع لمجمع البحوث الإسلامية 2010، والمشرّع أخذ المواد التى انتهى إليها الاجتماع وحولها إلى قانون "5" لسنة 2010 بنفس النصوص ونفس المواد.

وأضاف لا توجد إشكالية من الناحية الشرعية، خصوصا أن المؤسسة الرسمية هى التى بادرت بإرسال هذا القانون، والمؤسسة الدينية كان لها دور استباقى فى إقرار هذا القانون.

وأوضح: "الدين فى الأساس يسعى لفكرة مصلحة الإنسان والحفاظ على حياته "ودرء المفسدة مقدم على جلب المنفعة" وهذه القاعدة العامة، لكن الإشكالية تتعلق بالبنية اللوجيستية وهو ما يحول دون تنفيذ هذا القانون".

فى حين أكد د. أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه من المقرر شرعا أن الأعضاء الآدمية بكل أنواعها هى ملك لله عز وجل، والإنسان حال حياته مستخلف فيها، قال الله: "إن البصر والسمع والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا".

وأضاف: "بطبيعة الحال الإنسان لا يبيع ولا يهب إلا شيء ملكه، وهذه العملية، كرأى خاص لا يعبر بالضرورة عن الأزهر الشريف فهذا رأى يخصني، أن هذه الأعضاء أمانة مع الإنسان حال حياته يستخدمها فى النفع فى حدود الشريعة الإسلامية، قال الله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم". وقال: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".

وتابع كريمة: "أنه فى حالة الموت السريرى أو ما يعرف بموت جذع المخ والموت الإكلينيكى وفيه الإنسان لم يغادر الحياة من الناحية الشرعية، امرأته لا تعتد عدة الوفاة، تركته لا تورث، لا تنفذ وصاياه، وإذا اعتدى عليه إنسان وهو فى غرفة العناية يقتص من المعتدي، وعليه فإن نقل الأعضاء من حى إلى حى جريمة مكتملة الأركان".

وشدد على أنه لا يجوز أن يتبرع الأب لابنه أو الزوجة لزوجها ولا الأخ لأخيه لأنه لا يملك، وعليه لا يملك البيع ولا الهبة.

وأضاف الأستاذ بجامعة الأزهر أن نقل الأعضاء من ميت إلى حي، ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم: "أن كسر عظم الميت ككسره حيّ"، فالميت له حق التغسيل والتكفين والدفن دون نقصان أى عضو منه، حتى لو سقط شيء من شعره أو من أظافره خلال الغسل يرد فى كفنه، فإذا كان الرسول، عليه الصلاة والسلام، حرم مجرد نقل الشعر الآدمى كما جاء فى الحديث: "لعن الله الواصلة والمستوصلة"، فيحرم نقل الشعر الآدمى سواء من حيّ إلى حيّ أو من ميت إلى حيّ". وقال: " نقل الأعضاء جريمة اتجار بالبشر، فبإجماع الفقهاء بدن الآدمى ليس محلا للتعاقد، فلا بيع ولا شراء ولا هباء، وهذا أمر عليه إجماع.

والشريعة قررت قواعد فى هذا الجانب وغيره بأن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح.

واختتم: "لا يجوز التداوى بالمحرم مثل الخمور أو الخنازير.

خلاف

ومن جانبه، أكد د. عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن هناك خلافا فى وجهات النظر حول هذا الموضوع خاصة فى المجمعات العلمية، فهناك من يجيز بضوابط وشروط وهناك من يمنع نهائيا.

وأضاف: "أنا مع الرأى الذى يقول بأن الأمور السائلة مثل نقل الدم، والقرنية، لو وضعت لها ضوابط لا بأس من التبرع بها، أما بقية أعضاء الجسم ليست ملكا للإنسان إنما هى ملك للرحمن، والمولى سبحانه وتعالى حينما خلق الخلق جعل هناك خلق أول وهو الإنسان، وخلق بقية المخلوقات فجعل منها ما هو ملك للإنسان، إذا الإنسان يملك غيره ولا يملك نفسه".

ودلل بقوله تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ"، أما حينما تكلم رب العزة عن خلق الإنسان بيّن أنه خلق للرحمن لكنه لا يملك نفسه، وبناء عليه أن الإنسان حينما يريد أن يتصرف أو يتبرع يكون ذلك فيما يملك أما الذى لا يملكه لا يحق له أن يتبرع به.

وتساءل لو أن الإنسان ملك لنفسه، فلماذا يعاقبه ربنا على الانتحار؟ أليس هو ملك لنفسه يفعل بها ما يشاء، لكن الله توعد المنتحر الذى قتل نفسه، فقال: "وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً"، إذًا المنتحر يعاقبه الله يوم القيامة.

وتابع متعجبا: "نرى أن الذين يخرجون فى الإعلام والإعلان عن تبرعه بأعضائه بعد وفاته قد تجاوز الـ60 عاما، والأطباء أكدوا أن أعضاء الذين تجاوزت أعمارهم الـ55 عاما لا تصلح لأن مدتها كادت على الانتهاء، حتى فى نقل الدم، لا يصلح بعد 55 عاما".

باب شر

وقال د. محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، "لو أجزنا موضوع نقل الأعضاء لفتحنا باب شر على الأطفال وعلى الرجال وعلى النساء، وستكون هناك تجارة فى أعضاء البشر ويتم ذلك عن طريق الخطف ثم القتل وأخذ الأعضاء منهم".

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2