تسعى الدولة بخطى حثيثة للنهوض بالاقتصاد ورفع قدرات الأسواق التنافسية لتشجيع وجذب الاستثمارات بالإضافة إلى ضبط الأسواق ومكافحة الاحتكار بما يعود بالنفع على الاقتصاد والمواطن المصري، الذي يعاني في ظل أزمة طاحنة ضربت العالم ، وحرصت مصر على تذليل كافة العقبات أمام المستثمر لفتح أفاق جديدة وواعدة للاستثمار، كان آخرها تعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 2005، الذي وافق مجلس النواب على مجموع مواده.
يهدف القانون إلى مواجهة تزايد عمليات التركز الاقتصادى بصورها المختلفة، وذلك من خلال بسط الرقابة المسبقة على عمليات التركز الاقتصادى من أجل تعزيز فاعلية القانون كأداة مهمة؛ لدفع عجلة التنمية الاقتصادية وتشجيع وجذب الاستثمارات.
وينتج التركز الاقتصادى عن إنشاء مشروع مشترك، أو استحواذ شخصين أو أكثر على شخص قائم، بغرض إنشاء مشروع مشترك يمارس نشاطا اقتصاديا بشكل مستقل ودائم.
ويستهدف مشروع القانون تعزيز المنافسة فى الأسواق من خلال خلق كيانات اقتصادية أكثر كفاءة مما يعود بالنفع على المستهلك النهائى وإلى تحقيق الرقابة المسبقة على التركيزات الاقتصادية..
وتعمل التعديلات الجديدة على وضع إطار عام لرصد العمليات الضارة بالمنافسة لتمكين أجهزة حماية المنافسة من التدخل للحد من آثار تلك العمليات الضارة قبل إتمامها ، ويراعى القانون سرعة الإجراءات المتبعة لفحص التركيزات الاقتصادية، وأن تتسم بالوضوح والشفافية تماشيا مع خطة الدولة؛ لتشجيع وجذب الاستثمارات.
وقال د. خالد الشافعي، الخبير الاقتصادى إن موافقة مجلس النواب على مشروع تعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 2005، تعتبر من أهم التعديلات التى تساعد فى دعم مواصلة المهام التى يقوم بها الجهاز فى ضبط الأسواق.
وأضاف الشافعي، أن الجهاز لديه كافة الصلاحيات، التى تساعده فى إتاحة ممارسة النشاط الاقتصادي، مما لا يؤثر على حرية المنافسة أو تقييدها، سواء بين الأفراد أو الشركات، وفقًا للقانون المنظم لها.
وأكد الشافعي، أن قانون حماية المنافسة لمنع الممارسات الاحتكارية بعد التعديل تضمن الرقابة المسبقة لضمان تنافسية الأسواق التى تنعكس على المستهلك النهائى والاقتصاد المصري، وهو خطوة مهمة للدولة المصرية ويعد خلاصة التجربة الدولية فى 145 دولة حول العالم، بعد أن كانت مصر من أواخر الدول العربية التى يكون فيها نظام المراقبة المسبقة.
قواعد منظمة
من جانبه، قال د. ياسر شويته، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، إنه بكل تأكيد لكى يكون عندنا تنمية اقتصادية حقيقية وجادة لابد أن تكون القواعد التى تنظم الأسواق قواعد عادلة وتضمن المساواة بين كل المتنافسين داخل السوق؛ لذلك وضع المشرع القانون رقم 3 لسنة 2005 حتى تكون هناك ممارسات اقتصادية داخل السوق لا تحد من حرية المنافسة ولا تقيد من حرية المنافسة ولا تضر حرية المنافسة داخل السوق وهذا هو نطاق تطبيق هذا القانون المرتبط بحماية المنافسة والمرتبط بمنع الممارسات الاحتكارية.
وأشار إلى أنه من أهم التعديلات أيضا على هذا القانون هو زيادة الغرامة، وقامت الدولة بإعطاء جهاز حماية المنافسة هذه الوظيفة؛ لحماية السوق المصرى خلال المرحلة المقبلة، لأن الدولة لديها هدف استراتيجى تسعى إلى تحقيقه، بالإضافة إلى رؤية تحقيق التنمية المستدامة 2030، التى نحتاج إلى تطبيقها على أرض الواقع، بجانب هدف أساسى وهو جذب الاستثمارات سواء محلية أو أجنبية.
وتابع أن القانون وضع فى التعديل رقم مرتبط بحد الأعمال السنوى المرتبط بالكيانات فإذا تجاوز 900 مليون جنيه بالنسبة للأنشطة التى تتم داخل الدولة المصرية؛ يجب لجوء هذه الكيانات إلى جهاز حماية المنافسة، وكذلك الأعمال المرتبطة بالأنشطة، التى تتم خارج الدولة المصرية ويكون لها تداعيات وآثار على السوق المصرى إذا تجاوز 7.5 مليار جنيه أيا كان النشاط الذى يتم ممارسته.
مهمة جدا
وعلقت النائبة غادة على، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، على التعديلات قائلة: إن التعديلات التى تمت على القانون فى غاية الأهمية نتيجة لأن مصر أصبحت سوقا واعدة جدا لـ الاندماجات والاستحواذات سواء الأجنبية أو المحلية.
وتابعت: التقارير تشير إلى أن مصر حاليا ثانى أكبر دولة على مستوى العالم بعد أمريكا فى جذب الاستثمارات والاندماجات والاستحواذات، بدليل أن العام الماضى كان هناك نمو فى عدد الاندماجات والاستحواذات بمعدل 50% زيادة، بالإضافة إلى تحقيق 10 مليارات دولار نتيجة لـ 233 صفقة اندماج واستحواذات".
قواعد جديدة
من جانبه، قال النائب محمد إسماعيل، عضو مجلس النواب: إن أهمية مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية من شأنه تقوية دعائم الاقتصاد المصرى بما يعزز جذب الاستثمارات الأجنبية أو المحلية على حد السواء، موضحًا أن هذا التشريع يمنح طمأنينة لرؤوس الأموال.
وأشار إسماعيل، إلى استحداث مشروع القانون قواعد جديدة، خاصة بالرقابة المسبقة على عمليات التركزات الاقتصادية، اتساقًا مع استراتيجية الدولة المصرية وجهودها فى النهوض بالاقتصاد المصري، منوها إلى أهمية التعديلات المقدمة لاسيما فى ظل التوقيت الحالي، حيث يمر العالم بتحديات جسام ولعل آخرها الحرب الروسية الأوكرانية.
ضمانات للحماية
وعلى صعيد المواطن المصرى وضمان حقوقه قال أيمن محفوظ، المحامى والخبير القانوني، إن قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم ٣ لسنة ٢٠٠٥ يحظر الاتفاق أو التعاقد بين أشخاص متنافسة فى أى سوق معنية إذا كان من شأنه رفع أو خفض تسعير سلعة ما أو تقييد عمليات التصنيع أو التوزيع أو التسويق أو الحد من توزيع الخدمات أو نوعها أو حجمها أو وضع شروط أو قيود على توفيرها، أو اتخاذ فعل من شأنه أن يؤدى إلى عدم التصنيع أو الإنتاج أو التوزيع زمنيا أو جغرافيا ويخرج من نطاق هذا الحظر من المرافق التى تديرها الدولة.
وأوضح أن هناك قانونا آخر لحماية المواطن وهو قانون حماية المستهلك ١٨١ لسنة ٢٠١٨، الذى وضع سلطات واسعة لجهاز حماية المستهلك فى صون حقوق المواطن من خلال تلقى الشكاوى واتخاذ الإجراءات الفورية لحماية حق المستهلك ووضع عقوبات على مخالفة أحكام القانون بعقوبات تصل إلى الحبس والغرامة بالإضافة إلى العقوبات الإدارية بغلق المنشأة المخالفة ورد المبالغ للمستهلك التى دفعها حال عدم مطابقة السلعة للمواصفات وتكون المحكمة الاقتصادية هى المختصة بنظر أى نزاع حول هذا القانون.
ولفت إلى أن قانون العقوبات تصدى لمكافحة جشع التجار فى المواد ٣٤٥ و٣٤٦ المادة ٣٤٥ للأشخاص الذين تسببوا فى علو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع بنشرهم عمدًا بين الناس أخبارًا أو إعلانات مزورة أو بإعطائهم للبائع ثمنًا أزيد مما طلبه أو تواطؤهم بأن يعاقبوا بالحبس سنة والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين وتضاعف العقوبات إذا كانت تتعلق بسلع اللحوم أو الغلال.