أمرت النيابة العامة بحبس عامل بصيدلية أربعة أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات؛ لاتهامه بحقن طفل بمضاد حيوى داخل صيدلية بأسيوط، مما أفضى إلى وفاته، وقد شكلت الواقعة جناية الجرح العمدى المفضى إلى الموت، فضلا عن جنحة اتهامه بمزاولة مهنة الطب البشرى بالمخالفة لأحكام القانون، والعمل بصيدلية دون ترخيص.
وكان قد ورد بلاغ إلى النيابة العامة بوفاة الطفل المجنى عليه –البالغ من العمر أحد عشر عاما- بعد حقنه بعقار بالصيدلية وشعوره بإعياء شديد ونقله إلى المستشفى، فتولت النيابة العامة التحقيقات.
حيث انتقلت لمناظرة جثمان المتوفى، وقامت بمعاينة الصيدلية، والاطلاع والتحفظ على ما فيها من تسجيلات آلات المراقبة، وضبط كافة العقاقير المماثلة للعقار الذى حقن المجنى عليه به، كما سألت النيابة العامة عشرة شهود، من بينهم ذوو المجنى عليه، والأطباء الذين باشروا علاجه من بعد الحقن، ومفتشون بإدارة الصيادلة، ومدير إدارة حماية الطفل بحى غرب أسيوط.
وقد توصلت التحقيقات من حاصل تلك الإجراءات إلى توجه الطفل المجنى عليه برفقة شقيقه الأكبر إلى الصيدلية محل الواقعة بعد شعوره بأعراض مرضية، حيث استقبلهم المتهم -العامل بالصيدلية- وتبين ارتفاع درجة حرارته، فوصف لعلاجه عقارين؛ أحدهما مضاد حيوى والآخر خافض للحرارة، وحقن المجنى عليه بهما، وبعد ظهور أعراض التحسس على جسد الطفل المجنى عليه عاد به شقيقه الأكبر إلى الصيدلية، فوصف المتهم له عقارا آخر وحقنه به أيضا، فلم تتحسن حالته وساءت ونقل إلى المستشفى حيث توفى.
وقد استجوبت النيابة العامة المتهم، فأقر بحقنه المجنى عليه بالعقاقير المذكورة بعد توقيعه الكشف الطبى عليه وقياسه درجة حرارته -دون أن يكون مرخصا له بمزاولة أى من المهنتين؛ الطب البشرى والصيدلة-، وعلى ذلك قررت النيابة العامة حبسه على ذمة التحقيقات، وجار استكمالها.
هذا، وتشير النيابة العامة إلى أن مثل هذه الواقعة قد تكرر حدوثها فى الفترة الأخيرة أكثر من مرة، وأثير الجدل حولها من قبل، حتى أصدرت المؤسسات المختصة قرارات لتنظيم مسألة الحقن داخل الصيدليات وبيان شروطها؛ لتفادى حدوث مثل هذه الفواجع، وأن النيابة العامة قد باشرت الدعوى فى قضية مماثلة شغلت الرأى العام بالإسكندرية وصدر حكم القضاء فيها بإدانة المتهمين، على نحو ما طالبت النيابة العامة وانتهت إليه فى تحقيقاتها.
ولذلك فإن النيابة العامة تدعو إلى تنحية الجدل الدائر حول هذه القضايا جانبا، وعدم الخوض فيما تثيره من نقاشات حول الحقوق والواجبات التى انتهت أحكام القضاء فيها إلى قول فصل ببيانها، وهو أن الحقن لا يحق إلا للمؤهلين له، والمرخص لهم به؛ تفاديا لمضاعفاته وآثاره التى قد تفضى إلى الوفاة.
وتعيد النيابة العامة وتشدد على ضرورة الامتناع التام عن حقن المرضى بالمخالفة للقوانين والقرارات التى تنظمه، وفى غير الأماكن المخصصة، ومن غير المختصين به؛ وذلك حفاظا على أرواح المرضى، وعلى سرعة تداركهم بالعلاج حال حدوث المضاعفات، لا سيما أن الواقع قد أظهر مزاولة كثير من غير المتخصصين لاختصاصات مهنتى الطب البشرى والصيدلة، وسماح بعض المتخصصين لهم بذلك، مما أفضى إلى عبث بأرواح الناس وكثير منهم أطفال، وهو الأمر الذى ستتصدى له النيابة العامة بكل حزم، وستلاحق مرتكبيه بكل ما خولها القانون من إجراءات قانونية رادعة.
وتؤكد النيابة العامة أن غايتها من إعلان تفصيلات هذه الوقائع -إلى جانب كفالة حق المجتمع فى المعرفة- هى توعية كافة أفراده؛ للحد من وقوع مثل هذه الفواجع مرة أخرى، فإن لأبدانكم وأرواحكم عليكم حقوقا ستسألون عنها أمام خالقها.