التعليم المنسى !

الرأى7-7-2023 | 15:13

(إنهم يبنون السلالم التى نصعد عليها ويبقون هم فى الأسفل).. هكذا عبّر المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الأسبق – عن تقدير وامتنان المجتمع لما يقوم به "المهنيون" من خريجى التعليم الفنى بمجالاته المختلفة.

واصفا التعليم الفنى والتدريب؛ بأنه "طوق" النجاة الوحيد من البطالة، فضلا عن تحقيقه للرضا النفسى والاستقرار الاجتماعى لمن حالت "ظروفهم" الخاصة عن الالتحاق بالتعليم العالى.

وبالطبع لا مناص سوى الاتفاق مع رؤية المهندس محلب للتعليم الفنى ورجاله، فهم "عمود الخيمة" لكافة الأنشطة الإنتاجية والتجارية، باعتبارهم العمالة الفنية المدربة للإنشاءات، والتشغيل، والإصلاح، والصيانة.

ويعلم الجميع أن مصر – بطول تاريخها – كانت تتميز بمهارة وجدية "العمالة الفنية" وأعتقد أن الرسومات والنقوش على جدران المعابد الفرعونية وما تلاها من آثار العصور المصرية المتتالية، خير دليل على ذلك، ولعل البعض منا يتذكر أن الغازى العثمانى بعدما فتح مصر، حمل معه على مراكبه العائدة "جمعا غفيرا" من الفنيين المصريين فى كافة الحرف والصناعات، كما اعتمد عليهم أيضا محمد على فى بنائه مصر الحديثة فى القرن التاسع عشر.

أقول ذلك بمناسبة محاضرة المهندس محلب وما تلاها من مناقشات فى ندوة جمعية المهندسين المصريين، والتى أدارها المهندس أسامة كمال رئيس الجمعية و وزير البترول الأسبق.

لقد تحدث الجميع بما فيهم المحاضر عن تراجع التعليم الفنى ومخرجاته، والتى لم تعد تواكب احتياجات المجتمع وسوق العمل، وأن العمالة الماهرة دائما ما تسارع فى البحث عن فرصة عمل مجزية فى دول الخليج.

وهذا الوضع الذى أصبحنا فيه يعود إلى تخلف المناهج وقدم معدات التدريب، إلى جانب انخفاض مرتبات المدرسين وعدم تطوير أفكارهم، وعدم وجود جهة مركزية واحدة تخطط وتضع الرؤية المناسبة، ثم تراقب وتتابع التنفيذ، لقد سبق القطاع الخاص المصرى الحكومة، وأنشأ أكثر من 12 مدرسة تكنولوجية وتطبيقية فى مجالات مختلفة، وكلنا يتذكر معهد دنبوسكو، والآن مدارس السويدى وغبور والعربى، بخلاف مدارس الاتصالات، والفندقة!

وقد لا يعلم الكثيرون أن لدينا أكثر من مليونين و500 ألف طالب يدرسون فى حوالى ثلاثة آلاف و200 مدرسة ثانوية فنية، منها 1700 مدرسة صناعية، و955 تجارية، و325 زراعية، و145 فندقية، و36 تكنولوجية.

ولكن المشكلة أن طلابها يبحثون فقط عن "شهادة" تزكيهم اجتماعيا عند التقدم للزواج!

على أية حال نحن فى حاجة ملحة لإعادة النظر فى مناهج وطريقة التدريس والمعدات وورش ومعامل المدارس الثانوية الفنية، لكى "تنتج" خريج يعمل بالمعايير العالمية، من حيث المهارة والدقة والمواعيد والتكلفة المعقولة.

ومن حسن الحظ أن وزارة القوى العاملة وقّعت مؤخرًا "بروتوكول" مع وزارة التربية والتعليم لتحقيق ما نتمناه.. وما نتوقعه!

أضف تعليق