​​لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: اليمن في دوائر الأمن القومي المصري

​​لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: اليمن في دوائر الأمن القومي المصري​​لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: اليمن في دوائر الأمن القومي المصري

*سلايد رئيسى22-6-2018 | 23:29

لا يمكن لمصر، أن تغض بصرها عما يجري في اليمن، هذه الأيام، حيث القتال بين قوات الحكومة الشرعية، المدعومة بقوات التحالف العربي، وبين الحوثيين المتطلعين إلى الاستيلاء على السلطة، بدعم من إيران وقطر.

ولتحديد موقع اليمن بالنسبة لدوائر الأمن القومي المصري، نُلقي، أولاً، نظرة سريعة، على دوائر الأمن القومي المصري القريبة، وعددهم خمسة دوائر، تتمثل في الدائرة العربية، والدائرة الأفريقية، ثم دائرة حوض نهر النيل، ودائرة البحر الأبيض المتوسط، وأخيراً، دائرة البحر الأحمر. تشترك اليمن في دائرتي أمن قومي لمصر، وهما الدائرة العربية، وكذلك دائرة البحر الأحمر، إلا أن ما يعنينا اليوم، هو وقوعها في دائرة الأمن القومي للبحر الأحمر، وما لذلك من تأثير على الأمن القومي المصري.

تسيطر اليمن على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، من خلال مضيق باب المندب، الذي يعتبر الممر الرئيسي للدخول إلى البحر الأحمر، من جهة الجنوب، وأي زعزعة لاستقرار اليمن، ووحدته، يعني سيطرة قوى أخرى، غير عربية، على مضيق باب المندب، الذي يتحكم في الملاحة في البحر الأحمر، المؤدي إلى قناة السويس القديمة والجديدة، ومن ثم المنطقة الاستثمارية اللوجستيكية حول قناة السويس. وأية سيطرة على مضيق باب المندب، يعني التحكم في ثلث الدخل القومي المصري. ومن هنا جاءت أهمية البحث في دائرة الأمن القومي المصري للبحر الأحمر.

لقد ظهرت أهمية اليمن، من قبل، خلال حرب أكتوبر 73، حيث نجحت مصر في مفاجأة إسرائيل، بإعلانها إغلاق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية، يوم 6 أكتوبر، مع بدء اقتحام قواتنا المسلحة لقناة السويس، فمنعت، بذلك، أي سفن إسرائيلية من عبور باب المندب إلى ميناء إيلات، أو حتى عبور أي بضائع من إسرائيل من خلال ميناء إيلات عبر باب المندب، حيث تمركزت القوات البحرية المصرية هناك، وقامت بتفتيش جميع السفن المتجهة إلى إيلات حاملة بضاعة إلى إسرائيل، أو المغادرة من هذا الميناء. وبالطبع سبق هذا الإعلان، زيارة بعض القادة المصريين إلى اليمن، وتحديداً ميناء الحديدة، الذي اعتمدت عليه القوات البحرية المصرية، ليكون قاعدة لوجستيكية للقوة البحرية المنوط بها تأمين باب المندب، من حيث الإمداد بالمياه والوقود والتقنيات والخدمات الطبية والإصلاح. وهو ما تم في سرية تامة، تحت ستار إنشاء شركة إستثمارية هناك، ولم يتم إبلاغ القيادة اليمنية إلا يوم العبور فقط، في إطار تحقيق السرية وعدم الكشف عن نية الهجوم، وهو ما عزز من هول وشدة المفاجأة على الجانب الإسرائيلى.

ومن هنا ظهرت أهمية، ودور اليمن، في تأمين مدخل البحر الأحمر، وبالذات ميناء الحديدة، الذي يُعتبر أهم ميناء في المنطقة، لما يتوافر فيه من إمكانات بحرية كبيرة، تسمح لمن يسيطر على الميناء، من السيطرة على الملاحة في منطقة البحر الأحمر. وعلى الرغم من أنه لم يكن له دور كبير عندما تعرض البحر الأحمر لأعمال التهديد من القراصنة الصوماليين، إلا أن قوات حلف الناتو استخدمت القواعد العسكرية الموجودة في جيبوتي، سواء القاعدة الفرنسية، أو الأميركية في التصدي للقراصنة الصوماليين في ذلك الوقت.

واليوم ونحن نتابع ما يدور من أعمال القتال في اليمن، التي تؤثر بصورة مباشرة على كل من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تتعرض السعودية للضربات الصاروخية، الموجهة من اليمن، لتهديد مدنها الرئيسية، مما دفع إلى إنشاء قوة التحالف العربي، بهدف القضاء على الحوثيين المتمردين، وفرض إدارة وسيطرة الحكومة اليمنية وقواتها الشرعية على مقاليد الحكم في البلاد. و لقد اشتركت مصر في هذا التحالف، بعناصر من القوات الجوية والبحرية، وأعمال التعاون المعلوماتي، دون الاشتراك بقوات برية، وهو ما كان من أهم القرارات المصيرية التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لصالح شعب مصر.

وتلقى، حالياً، أعمال القتال بين الطرفين، في اليمن، اهتماماً كبيراً من القيادة المصرية، حيث تدعم مصر بكافة الطرق، القوات الشرعية هناك، خاصة أن المتمردين الحوثيين يتلقون دعماً كبيراً من كل من إيران وقطر. وفي هذا الإطار، كان التقارب المصري مع إريتريا في المنطقة تحركاً استراتيجياً، بهدف استكمال تأمين عملية السلام في البحر الأحمر، خاصة وأن سواحل إريتريا الطويلة الممتدة على البحر الأحمر، يمكن أن تقدم أي معونةن كانت تقدمها اليمن إلى القوات المصرية من قبل. لكن سيظل استقرار واستقلال اليمن، مهما كانت الظروف، هدفاً رئيسياً لمصر، ولأمنها القومي، وهو ما ستعمل مصر دوماً على تحقيقه، وتعزيزه، والحفاظ عليه ضمن أهم دائرة من دوائر الأمن القومي المصري، وهي دائرة البحر الأحمر.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2