اخترت هذا العنوان .. لأنني لمستُه في أستاذنا الكبير. . لأننا في زمن تسيطر عليه المادة .. وقليل من يعمل لهدف روحي وإنساني
ومن وجهة نظري هو يمثل نموذجا في الأبعاد الروحية للنفس ، وتجاوز الذات في تعاملاته وعلاقاته
ا.د / هاشم بحري .. الذي أحسبه وأعتبره امتداداً للأستاذ الدكتور محمد شعلان.
لأنني سألتُ الدكتورشعلان.. من الذي تراه يُشبهك بين طلابك؟ فقال: كلهم كويسين
ولما أصررتُ أنا أن يُخصص أشخاصا بعينهم
قال: عادل وهاشم
وكان يقصد الدكتور عادل محمد المدني د. هاشم بحري
لكني أرى أن د.هاشم ، قد أكمل مسيرة د.شعلان بل وطورها أيضا.
لا يكاد يختلف اثنان على محبة هذا العالم الجليل في الطب النفسي .. وذلك من مواقفه العديدة
جَمعَ الأطباء المقيمين (النواب )في أول يوم رئاسة له للقسم ، وقال لهم ما ينقصكم كي تعملوا بجد واجتهاد .. وما هي مشاكلكم؟
فقال أحدهم إن سكن المستشفى حالته سيئة .
ولا أقول لكم ماذا فعل بعدها ... لقد حوَّل حجرة الأطباء إلى حجرة في فندق 5نجوم
وكانت البداية بعدها لتجديد وتجهيز قسمي الطب النفسي بالحسين وباب الشعرية. . ولم ينتظر روتين الدولة أو أن يطلب منهم تجديدا أو تمويلا
بل من خلال علاقاته وأحبائه - وكثيرا على نفقته الخاصة- جدَّد وطوَّر القسمين.
جمع المدرسين والمدرسين المساعدين في عام 2012 وقال لنا .. توجد دورة للتدريب على أجهزة النيوروفسيولوجي. . في كلية طب قصر العيني وسأتكفل بنصف تكاليفها ومن يريد أن يذهب عليه النصف الآخر
وكان يريد أن يخلق جيلا من الأطباء النفسيين له ارتباط بالعلم البيولوجي
لا يختلف اثنان على الدعم العلمي الذي يقدمه لطلابه .. يناقشهم في الرسائل.. ويبذل مجهودا ضخما ويجعلهم يحبون العلم والأبحاث العلمية .
وأبحاثه منشورة في كبرى المجلات العالمية
يتميز دكتور هاشم بتبسيط النظريات النفسية عن طريق ضرب الأمثال الشعبية أو الأقوال المأثورة مما يجعل المستمع لا يَمَل من سماعه وأعتقد أن بساطته جعلته من أوائل الأطباء النفسيين في الإعلام
وبعد الهجمة التي تعرض لها الأزهر من حيث طريقة التعليم القديمة نشرت أكبر الصحف في مصر صورة واسم ا.د. هاشم بحري ضمن صفوة ونخبة المجتمع الناجحين دوليا وهو من خريجي الأزهر
فتح لي ولزملائي جميعا بابا للظهور الإعلامي والعمل الخاص في التدريبات الجامعية .. وجدته يوما يقول لي: في تدريب لإحدى الشركات عن فن الإدارة والعمل الجماعي .. اذهب وسوف تحصل عل عائد مادي كويس .. ومرة أخرى يقول لي : في برنامج في قناة كذا
أرسلني كثيرا للحضور في مجلس إدارة المستشفيات .. مما جعلني أتواصل مع رؤساء الأقسام الأخرى .وأصبح تواجد قسم الطب النفسي أكثر بريقا. وكان يتعمد هو بإرسال المدرسين خلق كوادر في جميع المجالات وعدم احتكار أحد لشيء
لا ينسى أحد فكرته العبقرية في المؤتمرات الطبية بتشجيع صغار أعضاء هيئة التدريس على إلقاء المحاضرات بالمؤتمر ..كي يعتادوا على المحافل العلمية والتواصل مع الأطباء النفسيين من كافة أنحاء الجمهورية
وفعلا قدمتُ أنا وزملائي محاضرات وأكثر من ورشة عمل في مؤتمرات القسم
كثيرا ما يراودني شك - يصل لدرجة اليقين - بأنه يبيت ليلته يخطط ماذا سيفعل ويجدد ويطور في الغد
لأنه يعشق التجديد والتخطيط .. وأعتقد أن شخصيته كذلك بالإضافة إلى أنه عاشق وعبقري في العلاج الجمعي ويقوم بعمل تمارين ذهنية ، وطرق علمية لحل المشكلات ، وطرق تطوير الذات وطرق النجاح
من وجهة نظري أرى أن استاذنا الكبير - غالبا - يأخذ حالة (الأب الراعي والحاني) وقد يفسر ذلك سبب حب كل من حوله له .. هو يتحرك بهدوء ويبتسم دائما ويمزح مع من حوله
وأخيرا .. من وجهة نظري أن أهم شيء يميز ا.د هاشم بحري أنه لا ينتظر مقابل من أحد حتى ولو كان الشكر المعنوي ، فهو لديه سلام داخلي وقناعة ذاتية تجعله راضيا بما يفعله من إنجازات. . وسألته ذات مرة لماذا لا تضع لوحة رخام بافتتاح أي تجديد لك .. فقال لي : إن هناك مؤسسات يهدمها المدير الجديد كي يغير اللوحة الرخام المكتوب عليها اسم المدير السابق
ويأتي من بعده يريد تخليد نفسه هو ، فيهدم ما فعله من قبله
وإلى الآن يحب تخليد أسمائهم .. ويأتي من بعدهم لهدمها. .
لكنه أكمل ما بدأه أد. محمود حموده ، بعدما وفر للقسم أجهزة نيوروفسيولوجي متنوعة
قام د. هاشم بتدريب المدرسين المساعدين والأطباء المقيمين عليها عن طريق وضعها في رسائل علمية للماجستير والدكتوراه
وأصبح لدينا جيل كامل متخصص في الفحوصات الفسيولوجية العصبية
ونحن نستمد من دكتور هاشم المعلومات ، لأنه يعرف عن كل نظرية نفسية قصة طريفة تجعلك لا تنسى هذه النظرية .. ومجموعة مؤلفاته في الطب النفسي تعتبر موسوعة ثقافية
ومجموعة حلقاته التلفزيونية والإذاعية تعتبر مرجعا مهما في الطب النفسي الاجتماعي
ربنا يرحمه
الدكتور علي النبوي