أكدت مستشارة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الدكتورة نهلة الصعيدي، أن الأزهر الشريف مؤسسة عريقة تاريخها يزيد على الألف عام، وله جهود كبيرة جدا على مستوى العالم، فضلا عن وجوده البارز في كافة دول العالم عبر علمائه ومناهجه وبرامجه، فلا توجد دولة حول العالم إلا وبها مبعوث من الأزهر الشريف.
وقالت الصعيدي - في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت - "لا يوجد قطر على مستوى العالم إلا وعلماء الأزهر فيه حاضرون، فضلا عن مناهجه التي تدرس حول العالم" مشيرة إلى أن هذا التاريخ الممتد للأزهر أسهم في نشر الدين واللغة العربية، موضحة أنه لولا وجود الأزهر وجهوده الكبيرة المتسعة لما انتشرت اللغة العربية وما حًُفظت، ولا انتشر الفكر الوسطي المعتدل للدين حول العالم كله.
وأضافت الصعيدى أن الأزهر يأتي إليه كل من يطلب العلم من شتى بقاع الأرض للتعلم على أيدي علمائه وعبر مناهجه، لما تمتاز به من وسطية واعتدال وإظهار جمال الإسلام، مشيرة إلى أن الأزهر أخذ على عاتقه مواجهة الفكر المتطرف وإظهار حقيقة سماحة وجمال الإسلام.
ووأوضحت الصعيدى أن الأزهر يواجه الفكر المتطرف عبر جميع مؤسساته المتعددة ومنها مجمع البحوث الإسلامية، وجامعة الأزهر، و المعاهد الأزهرية وأكاديمية الأزهر للتدريب، ومرصد الأزهر، والذي يرصد الفكر المتطرف على مستوى العالم والقائمين عليها، ويتم بناء على هذا الرصد إعداد برامج الأزهر للمواجهة، وتفنيد ما يزعمون.
وأشارت إلى أن الدورات التي يعدها الأزهر ويحضرها أئمة من حول العالم تلعب دورا بارزا في مواجهة هذه الأفكار المتطرفة، حيث يتم عبر هذه الدورات إصلاح ما يروج من أفكار مختلة ثم ينتقل الطالب من تلقى العلم والتدريب إلى بلاده لنشر هذا الفكر الذي تعلمه في رحاب الأزهر وعبر دوراته، وهو ما يكون له أكبر الأثر في تصحيح الأفكار داخل مجتمعاتهم.
ولفتت إلى أن الدورات التي يتيحها الأزهر متعددة جدا ويتم إعدادها لتتوافق مع كل دولة يتوافد منها العلماء والطلاب، حيث يتم دراسة جوانب القصور ببلدانهم ويتم الاستماع إليهم لمعرفة ما يعانونه، في دولهم، وعبر المعلومات المجمعة يتم إعداد برنامج تدريبي لهم يعاونهم على مواجهة كافة التحديات داخل بلدانهم.
وتابعت بالقول: "إن تصحيح المفاهيم الخاطئة رسالة أخذها الأزهر على عاتقه من أجل إصلاح هذه الأفكار وتصحيح الفكر ونشر الإسلام على صورته الحقيقية والصحيحة" مشيرة إلى أنه في هذا الإطار تم افتتاح معهد للأطفال الوافدين لأول مرة؛
بهدف تدريس المناهج الصحيحة منذ الصغر، خاصة لسهولة التنشأة السليمة والصحيحة لهذا السن.
وأضافت أنه إذا تعود الطفل في هذا السن الصغير على الفكر الصحيح سيكون إنسانا سليما في فكره وعقله، موضحة أن هذا المعهد يقدم خدمات كثيرة للطلاب الوافدين، عبر العديد من لبرامج، فضلا عن أن أولياء الأمور يحضرون مع أبنائهم هذه البرامج.
وقالت مستشارة فضيلة الإمام: إن التعليم يعتمد على إيجاد روابط إنسانية لمساعدة الأطفال على تعلم قيم الإسلام ومبادئه وقيم التعاون والتسامح والحوار مع الآخر والرحمة والعدل والرأفة وغيرها من الأشياء التي تمارسها الأطفال وتزرع في قلوبهم هذه القيم وتغرسها فيهم، لافتة إلى وجود فرق كبير بأن يتلقى الطالب التعليم النظري ويمارس هذا الأمر خاصة وأن ممارسة هذه الأشياء تجعله متزنا في روحه وعقله وأخلاقه.
وأكدت الصعيدى عإلى أن هذه البرامج تم وضعها وفقا لخطط خبراء التربية ووفقا للأخصائيين الاجتماعيين، والتي تم خلالها رصد لسلوك الطالب ورصد لنفسيته وإعداد برامج مناسبة لهم، لافتة إلى أن هذه البرامج من شأنها أن تؤتي ثمارها بعد فترات طويلة، فدائما حصد الثمار يأتي بقدر العمل، ولنا في هذا استراتيجية طويلة، حتى يصبح لدينا جيل جديد نأمل أن يكون موجودا يوما، جيل مسؤول واع يدرك مسؤولياته تجاه أمته ووطنه.
وأضافت الصعيدى "أننا نزرع في نفوس أبنائنا حب الوطن لأن الوطن هو الذي نشأ فيه الإنسان والذي تربى وترعرع فيه، ولذلك لابد من أن نرد الخير لأوطاننا سعادة وسلاما فلا مجال أن يخرب الإنسان في وطنه، وهذا ما نعلمه للأبناء" مشيرة إلى أن ما يقدم لهذه المراحل العمرية المبكرة يتلاءم تماما مع حداثة أعمارهم، مشيرة إلى أنه تم خلال العام الجاري تعاونا مع قطاع المعاهد الأزهرية فأصبح برنامجا لكل الطلاب في جميع المراحل المصريين والمغتربين، كما تم التنسيق مع الجامعة ليعمم البرنامج التربوي على الجميع.
وأشارت الصعيدى أن الأزهر الشريف يهتم بنفسية الطلاب الوافدين، ولذلك قام المركز بتوجيهات من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بتأسيس وحدة الدعم النفسي؛ نظرا لأهمية هذا الأمر لما لمسناه من مشاكل بحياة بعض الطلاب الوافدين، خاصة وأن هذه المشاكل النفسية والاجتماعية قد تؤرق الوافدين، وفي حقيقة الموضوع قد تكون مشكلة بسيطة في حد ذاتها وإنما تمنعه من استكمال مسيرته التعليمية.
وأوضحت أنه لابد إشعار الطالب بأننا إلى جانبه ومعه على مدار اللحظة، وهو ما سيشعره بأن الوطن له وأن الوطن معه، خاصة وأن هناك عددا كبيرا من الطلاب كانوا يعانون من مشكلات كثيرة تبعدهم عن الدراسة وتصرفهم عن أن يكونوا مسالمين مع أنفسهم ومع الطلاب، وعقب حل مشكلاتهم انتقلوا من هذه الحالة الصعبة إلى الحالة السالمة مع الطلاب.
وأشارت إلى دور الأزهر في تنمية روح تقبل الآخر، قائلة:"إن هناك الملتقى الدائم للوافدين الذي يلتقي خلاله الطلاب من جميع الجنسيات ومختلف الثقافات والعادات والتقاليد ليجلسوا على مائدة واحدة يتباحثون أمورهم باعتبارهم أخوة ولهم مشتركات كثيرة، فالعوامل الإنسانية التي تجمعنا كثيرة جدا ومن شأنها أن تحدث هذا السلام الذي نريده لنكون يدا واحدة".
وأوضحت أنه في رحاب هذه المؤسسة العريقة يجتمع الطلاب من مختلف دول العالم على دين واحد وعلى لغة واحدة وأمامهم هدف واحد، مضيفا "أننا نريد أن يشعر الإنسان بأخيه الإنسان حتى وإن كان في بلد مختلف عن بلده فلابد أن تجمع هذه الثقافة طلابنا، وهناك هدف ثان وهو إطلاع الطلاب على ثقافات بعضهم البعض لكي يحترموها وهو ما يحدث التلاحم والسلام فيما بيننا ونريد أن نعلمهم بأننا قد نختلف في أمور كثيرة ولكن هناك أمور أيضا نلتقي خلالها".