عقب إنتهاء فاعليات المؤتمر الدولي الثاني للجيل الرابع من المدن الذكية الذي نظمته الجامعة الألمانية بالقاهرة، بالتعاون مع الجامعة الألمانية الدولية بـ العاصمة الإدارية الجديدة، و جامعة شتوتجارت والمركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، أنبثقت عنه لجنة مشكلة من كبار المسؤلين والخبراء لإصدار عدد من التوصيات التي أستندت على 105 ورقة بحثية مقدمة من 16 دولة على مستوى العالم، بجانب المناقشات التي تمت بين الحضور، وأثمرت عن 6 مخرجات لتنقيذها، وجاءت تتضمن في مجملها أن يشمل إهتمام القائمين كل من المدن الذكية المخطط إنشائها مستقبلًا وتحويل المدن القائمة إلى مدن ذكية.
فا بالنسبة للمدن الذكية المخطط إنشائها مستقبلاً، يجب مراعاة عدد من المعايير الهندسية والبيئية والصحية التي تضمن جودة حياة أفضل للمواطنين في حركة معيشتهم اليومية، وذلك بتوفير أنظمة النقل الذكية التي تلبي حركة انتقال الأفراد في أقل وقت ممكن بما يضمن خدمة متميزة مع الحد من تلوث البيئة وتقليل الضوضاء في المجتمع العمراني والحد من الحوادث المرورية، ويستلزم الأمر أن يكون هناك تخطيط عمراني جيد في إطار ضوابط ومعايير محددة مسبقاً، وذلك للحد من الكثافات السكانية العالية والحد أيضًا من اختلاط استعمالات الأراضي بعضها البعض، مع توفير المساحات الخضراء اللازمة لتوفير بيئة نظيفة تساعد على تحسين جودة الحياة في هذا المجتمع، ويجب عند اختيار مواقع المدن الذكية الجديدة أن تكون بعيده عن مواقع المدن القائمة بالفعل حتى لا تلتحم مع بعضها البعض مع مرور الوقت وتؤدي إلى تحميل على مرافق المدن القائمة وسوء توزيع في الكثافة السكانية.
أما بالنسبة لتحويل المدن القائمة إلى مدن ذكية، فإنه يجب أن يتم تشكيل فريق عمل متكامل من إستشاريين في التخصصات ذات الصلة، حيث يقوم فريق العمل بدراسة الأوضاع الحالية لهذه المجتمعات، كل مجتمع بحالته المتفردة ويتم تجميع البيانات الضرورية والكاملة عن مشاكل هذه المجتمعات لتكون امام الاستشاريين لوضع صورة استراتيجية متكاملة لعمل نقلة نوعية في هذه المجتمعات تضمن الوصول إلى جودة افضل للحياة مع وضع المتطلبات التقنية والمالية لتنفيذها امام الجهات المسئولة لوضع خطة سريعة لتحقيق هذه الأهداف، ولضمان تنفيذ هذه الرؤية السابقة يجب الاستعانة بالسادة القانونيين لوضع القوانين والتشريعات التي تلزم كافة الجهات بتنفيذ الخطط السابق ذكرها والالتزام بمراحل تنفيذها.
هذا وقد وصل المؤتمر إلى صياغة عدد من التوصيات ذات الصلة بالمدن الذكية، والتي نوجزها في التالي:
التوصية الأولى: الإستدامة ورعاية البيئة
نوصي بإعطاء الأولوية في التخطيط للعناصر التي تؤدي إلى الاستدامة وحماية البيئة، ونشجع على استخدام التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة والبنية التحتية قليلة الأثر للحد من التأثير البيئي مثل التلوث والضوضاء وتعزيز بيئة حضرية صحية، ووضع الخطط المثلى لاستعمالات الاراضي فى تخطيط مدن الجيل الرابع، كذلك يجب الإهتمام بكفاءة إدارة الموارد، حيث يجب أن نستفيد من التكنولوجيا الذكية للتقليل من استهلاك الطاقة والمياه والحد من الفاقد لضمان الاستدامة وتقليل الهدر.
التوصية الثانية: الأمان والصحة العامة
نوصي بأن يتم دراسة وترتيب الأولويات في تطوير المدن الذكية وتحسين نوعية الحياة في المدن القائمة، كما يجب استخدام التكنولوجيا الذكية لتعزيز التعامل مع مشاكل الصحة العامة مثل، رصد الأمراض، وتحسين أوقات الاستجابة للحوادث، وتيسير الوصول إلى الرعاية الصحية.
التوصية الثالثة: خصوصية وأمن البيانات
نوصي بالإستمرار في توفير الحلول التقنية والتشريعية للتعامل مع قضية خصوصية البيانات والأمان، حيث يجب تبني إجراءات صارمة لحماية خصوصية بيانات المواطنين وضمان الأمان السيبراني كونه أمر حيوي في بناء الثقة المجتمعية، خاصة في المدن الذكية.
التوصية الرابعة: التعليم والبحث العلمى وبناء القدرات
نوصي بالتركيز على التعليم وتطوير القوى العاملة، حيث يجب على الجامعات الاستمرار في تقديم مناهج دراسية توفر المعرفة والمهارات الضرورية لتأهيل الخريجين بوعي تقني متقدم يتماشى مع المدن الذكية والمخططات الخاصة بها، يجب التشجيع على التعاون بين المؤسسات التعليمية والصناعات من أجل تعزيز قدرات القوى العاملة.
كما نوصى بتعزيز التعاون مابين القطاعين العام والخاص والمجتمعات المحلية لضمان نجاح المدن الذكية، وهذا يتطلب تنسيق جيد بين مخططي المدن والمهندسين المعماريين والتقنيين وصناع القرار، حيث أن المواطن هو العنصر الأساسي في المدن الذكية، لذا يجب أن نشجع على مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات ويجب أن نستمع إلى آرائهم واحتياجاتهم.
التوصية الخامسة: الحفاظ على الهوية
نوصى فيما يتعلق بالمدن القائمة بالفعل وخلال تحويلها إلى مدن ذكية، الحفاظ على الثقافة والهوية الخاصة بكل مدينة خلال التنمية الحضرية، واحترام العناصر التاريخية والثقافية في تصميم المعمار والتخطيط الحضري للمحافظة على التراث الثقافي.
التوصية السادسة: التشريعات
نوصى بالنظر في دور السياسات والأطُر التنظيمية، حيث يجب أن تكون السياسات متوازنة داعمة للابتكار وأيضًا تحفظ حقوق المواطنين ومصالحهم، يجب العمل على ايجاد قوانين تشريعية ولوائح تنظيمية فعالة توفر الدعم وتيسر تطبيق التكنولوجيا في المدن الذكية.
في الختام، نأمل أن تسهم هذه التوصيات في تطوير المدن الذكية القائمة والمستقبلية، حيث الهدف الرئيسي هو العمل على تحسين نوعية حياة المواطنين ورفع مستوى معيشتهم في المدن القائمة، وتمكين جميع فئات المجتمع من الوصول إلى الخدمات الذكية، وتوفير وسائل لحل المشكلات التي تعوق ذلك أو تمنع تحقيقه بتوظيف التكنولوجيا المناسبة، وصولاً إلى تحقيق جودة حياة عالية في المدن في إطار تنسيق شامل وجهود المشتركة، كما يجب تشجيع إجراء مناقشات مجتمعية ومراجعات للتوصيات المذكورة أعلاه فيما يتعلق بإستراتيجيات تطوير المدن الذكية.