ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم صيام من ابتلع من ماء المضمضة دون قصد؟ فهناك رجلٌ في وضوئه للصلاة المفروضة سبقه بعض ماء المضمضة إلى حلقه دون قصدٍ منه في نهار رمضان، فهل يؤثر ذلك في صحة صومه شرعًا؟
وقالت دار الإفتاء، إن مَن كان في صيامٍ واجبٍ كصيام شهر رمضان، أو صيام القضاء أو الكفارة، فَسَبَقَهُ ماءُ المضمضة إلى الحلق في وضوئه لصلاة الفريضة دون قصدٍ منه أو مبالغةٍ في المضمضة، فإنَّ له أن يتم صومه، والقضاء في هذه الحالة مستحبٌّ؛ احتياطًا للعبادة، وخروجًا من الخلاف.
وقد اتفق الفقهاء على أنَّ تعمُّد تناول المفطِّرات مع تذكر الصيام ناقضٌ للصوم؛ كما في "مراتب الإجماع" للعلامة ابن حزم (ص: 39، ط. دار الكتب العلمية).
واختلفوا فيمن سبقه ماء المضمضة أثناء الوضوء للصلاة المفروضة إلى حلقه دون قصدٍ منه في صيام الفريضة -كما هي مسألتنا-:
فذهب الحنفية، والمالكية، و الشافعية في قولٍ، إلى فساد صومه، وأنه يجب عليه القضاء؛ حيث إن وصول الماء إلى الحلق ينعدم به ركن الصوم وهو الإمساك، وانعدام الركن يفسد العبادة، ولم يفرقوا في ذلك بين المبالغة في المضمضة وعدمها؛ لأن الماء لا يسبق إلى الحلق في المضمضة عادةً إلا عند المبالغة فيها، والمبالغة مكروهة في حق الصائم؛ فكان متعديًا فلم يعذر؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للقيط بن صبرة رضي الله عنه: «وَبَالِغْ فِي الِاستِنشَاقِ إِلَّا أَن تَكُونَ صَائِمًا» أخرجه الإمام الترمذي في "سننه". فأفاد النهي عن المبالغة في الاستنشاق الاحتياط من وصول الماء إلى الحلق، فدل على أنَّه مفسد للصوم، فمتى حصل وصول الماء إلى الحلق وقع به الفطر.
وأوضحت، دار الإفتاء، أن ضابط المبالغة في المضمضة هو مجاوزة الحد المعتاد في المضمضة بأيِّ صورةٍ كانت؛ كالغرغرة، أو مَلْءِ الفم بالماء ملْئًا شديدًا، أو إدارة الماء وتحريكه بما يوصله إلى أقاصي الفم، أو بأيِّ حركةٍ للفم بحيث يغلب على الظن وصول الماء بها إلى الجوف.
ذهب الشافعية في المعتمد، والحنابلة إلى عدم فساد صوم مَن سبقه ماء المضمضة إلى حَلْقِهِ أثناء الوضوء للفريضة دون قصدٍ منه في الصيام الواجب ما دام المتوضئ لم يبالغ في المضمضة، وهو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وبه قال الأوزاعي، وإسحاق، وعطاء بن أبي رباح، وهو مذهب ابن أبي ليلى، وحماد، والشعبي، والحسن بن حي.