بحضور مفتيّ العالم الإسلامي وكبار علمائه، وبرئاسة مفتي عام المملكة العربية السعودية، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس مجلس المجمع الفقهي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ.
اجتمع كبار فقهاء الأمة الإسلامية تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي، بالعاصمة الرياض
ويشهد كبار المفتين والعلماء والباحثين، القادمين من الدول الإسلامية ودول الأقليات أعمال الدورة الثالثة والعشرين للمجمع الفقهي الإسلامي، ليناقشوا خلاله عددًا منَ القضايا المُعاصِرة، لإصدار قرارات فقهية حِيالَها، ثم ترجمة تلك القرارت مع التوصياتِ إلى عِدَّة لغاتٍ عالميةٍ، ونشرها في وسائل الإعلام، إذ يُعنى "المجمع الفقهي الإسلامي" ببيان الأحكام الشرعيَّة التي تُواجِه المسلمين من مشكلاتٍ ونوازل، وإبراز إبداع الفقه الإسلامي، إضافةً إلى نشر التُّراث الفقهيِّ الإسلاميِّ وتوضيح مصطلحاته بِلُغَة العصر.
واستهلَّت الجلسة الافتتاحية للدورة أعمالها بكلمة مفتي عام المملكة، أكد فيها أنَّ "الفقه الإسلامي بما يشتمل عليه من الأصول العامَّة، والقواعد الكلية، والثروة الضخمة من الفروع الفقهية، والفتاوى، والبحوث في مختلف الموضوعات التي أورثها الأسلاف، من شأنه أن يثمر لدى المتضلِّع منه من فقهاء عصرنا مرونةً واسعة وأفقاً رحباً في النظر إلى واقع أمته، وما يستجد فيه من قضايا ونوازل، ويمنحه قدرة على دراستها وفهمها ومعالجتها من الوجهة الشرعية، ليرفع بذلك الحرج والمشقة عن بني جنسه".
وشدَّد على أن المسؤولية على علماء الشريعة وفقهاء الإسلام أصبحت اليوم مضاعفة في ظل تطور تقنية المعلومات، ووسائل الاتصال الحديثة، وانتشار البث الفضائي ومواقع التواصل التقني والمعلوماتي، مبيناً أنَّ "المسائل الشرعية والأحكام الفقهية تواجه تحدياتٍ كبرى؛ تحتاجُ معها من أهل التخصص إلى جهود نوعية من البحوث الدقيقة والدراسات القويمة، تقدم حلولاً ومعالجات للمستجدات والمشكلات التي مسَّت الأفراد والمجتمعات، وتضبط ممارستها ونشرها، وترشد إلى توظيف التقنية الحديثة في التعاون والتنسيق بين جهات الإفتاء المختلفة من الأفراد والهيئات والمجامع".
وحثَّ على بذل المزيد من الجهود في إطلاق البرامج الهادفة، والمبادرات النافعة، التي تساعد في التنسيق والتعاون المثمر بين الفقهاء والمفتين، والهيئات الشرعية، والمجامع الفقهية، في تناول المسائل الشرعية ودراسة النوازل المعاصرة والأحكام المستجدة، وفق اجتهاد جماعي في إطار مؤسسي معتمد موثوق، يقرِّب الرأي، ويُضيِّق من شقة الاختلاف، ويراعي مصالح الجميع، بما يحقق للشعوب المسلمة الحياة الهنيئة السعيدة، ويخدم قضاياها ويحل مشكلاتها، ويعزز للمجتمعات والأوطان طمأنينتها واستقرارها.
من جانبه أشار الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين نائب رئيس المجمع الفقهي الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى في كلمته إلى أنَّ الدورة الثالثة والعشرين لمجلس المجمع تستعرض عدداً من المسائل الشرعية المستجدة التي يختص بالنظر فيها، مسبوقةً باستطلاعات بحثية أكاديمية متعمقة، قام بها باحثون متميزون.
وأكد العيسى أنَّ "تصدي كبار فقهاء الأمة الإسلامية لتلك المستجدَّات يُحْسَبُ في طليعة واجباتهم العلمية، وعلى قدر بذل الوسع في البحث والدراسة والاجتهاد في إيضاح حكمها الفقهي، على قدر ما نضطلع بواجبنا الشرعي تجاه ديننا بعامَّة، وتجاه ما حُمِّلنا من أمانة العلم بخاصَّة، وكذلك تجاه ما يجب من إبراز قدرة فقهنا الإسلامي على التصدي لكافَّة المستجدات أيّاً كانت".
من جانبه قال رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، إمام وخطيب المسجد الحرام، عضو هيئة كبار العلماء، المستشار في الديوان الملكي، عضو المجمع الفقهي الإسلامي، الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد: إنَّ العلماء بفضل ما منحهم الله من علم وحكمة، أهلٌ لأن يرسِّخوا في الأمة قيم الوحدة والتعاون والتكافل والاعتزاز بالثوابت، ويُجنِّبوها خطر الفُرْقة والتشتت والتنازع، مؤكّداً أنه ليس للأمة طريق يعيد إليها قوتها ومهابتها ومكانتها سوى الالتزام بقوله عزَّ شأنه: ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا)).
وشدد على أنَّ الأمة ستتخلص من كل الأدواء، إذا استبدلت الفرقة والاختلاف بالتعاون والتآلف، والتعصب والتشدد بالحكمة والتسامح، والعنف والإرهاب بالترفق والتراحم، والغلو والتطرف والانحلال بالاعتدال والوسطية.
وأشار ابن حميد إلى أنَّ الموضوعات التي تناقشها الهيئات والمجامع تتنوع ما بين السياسة الشرعية والأسرية والطبية والاقتصادية والمالية والفكرية، وكلُّها تهمُّ الأمة، وتُكْتَبُ فيها بحوثٌ قيمة تناقشها في دوراتها ولجانها وورش عملها.
من جانبه قال الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور قطب مصطفى سانو: "إننا مطالبون جميعاً بالعمل على توحيد الأحكام في البلاد الإسلامية في كل شؤون الحياة، على مقتضى أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك هو السبيل الأوحد لتحقيق الوحدة الإسلامية بين الشعوب الإسلامية".