يبقى ارتفاع أسعار السلع والخدمات في الأسواق هو الهاجس الأكبر للمواطنين من محدودي ومتوسطي الدخل، بعدما بلغت مستويات قياسية نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار مدخلات الإنتاج وجشع البعض في كثير من الأحيان، رغم التحسن الملحوظ في مؤشرات الاقتصاد الكلي من ارتفاع الاحتياطي النقدي وتراجع الدين الخارجي وانخفاض مخاطر التمويل الخارجي وتحسن أرقام الاستثمار الأجنبي المباشر، إلا أن هذه المؤشرات الإيجابية لا تعني الكثير للمواطن ما دامت لا تنعكس علي تراجع الأسعار بالأسواق.
كل هذه المؤشرات والشهادات الدولية الإيجابية، التي حصل عليها الاقتصاد المصري مؤخرًا، لم تنعكس على حركة الأسعار بالأسواق ولم يشعر بها المواطن رغم الجهود الحكومية للسيطرة عليها عبر اتخاذ الكثير من الإجراءات، التي انصبت في المقام الأول على مواجهة تداعيات الأزمات الاقتصادية، التي تعسف بالكثير من اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، أعتقد أن توحيد سعر صرف الجنيه أمام الدولار، كانت أهم وأخطر تلك الإجراءات، التي اتخذتها مصر في الآونة الأخيرة، التي أصبحت الخطوة الأولى للحفاظ على مستويات الاحتياطي النقدي الأجنبي المصري.
وتبقى السيطرة على ارتفاع الأسعار بالأسواق هي الخطوة التالية حتى تنعكس تلك المؤشرات الإيجابية على حياة المواطن، وهي الخطوة التي تحتاج المزيد من الجهد من الجميع سواء مواطن عادي أو مسئول حكومي، فإن السلطات التنفيذية والحكومية عليها أيضا اتخاذ المزيد من الإجراءات للحفاظ على مستويات التدفقات الدولارية و«استدامتها» عبر زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر والتركيز على قطاعات الإنتاج سواء الصناعي أو الزراعي لزيادة الصادرات والاهتمام بالترويج السياحي، والدخول في قطاعات الاقتصاد «الجديد».
وقتها فقط سوف تنعكس المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، التي يسجلها الاقتصاد المصري على حركة الأسعار بالأســــواق، دون انتظــــــار التخفيضات «الوهمية» أو المبادرات «المسكنة»، التي لا جدوى منها في أوقــــات الأزمـــات الاقتصادية، رحلة شاقة وطويلة لكنها ليست «مستحيلة»، لا بد أن يتكاتف في سبيل نجاحها الجميع ممن يحملون صفة «المواطن المصري»؛ لتحقيق الهدف الأسمى وهو الوصول بمستوى المعيشة إلى المستويات الإنسانية، التي يفتخر بها كل من يعيش على أرض مصر.