دائمًا.. ما يرد "المتكلمون" أننا في حاجة ملحة لبناء مجتمع يقوم علي التعليم، واقتصاد يقوم علي المعرفة.
وهو "مطلب" لا يمكن الاختلاف حوله إذا كنا نريد تحقيق النهضة المجتمعية و التنمية المستدامة ، لأن التعليم سيظل الوسيلة المشروعة لتحسين أحوال الناس والانتقال بين الطبقات.
كما أن الاقتصاد القوي والذي ينمو بمعدلات ثابتة يعتمد علي هؤلاء المتعلمين القادرين علي جلب المعرفة للتطوير والتجديد.
والمعني أن نبدأ ب التعليم الجيد الذي يوفر "المؤهلين" لإنجاز نمو اقتصادي وتنمية مستدامة.
إذن "التعليم" قضية مجتمع، لا يجوز أن يترك "حقل تجارب" لمن يتولي مسئولية الوزارة فهذا يلغي، والآخر يضيف، والثالبث يرقمن، والرابع يعدل في الامتحانات.. وهلم جرا..!
المشكلة أن النظام التعليمي الحالي – بخلاف عدم الاستدامة – يقوم علي مبدأ تأهيل الطالب للدخول إلي الامتحانات ، بينما يجب أن يستهدف إعداد شخص سوي مع تنمية قدراته الطبيعية والمكتسبة.
أقول ذلك بعد أن استمعت لمحاضرة قيّمة للدكتور حسام بدراوي بجمعية التشريع والاقتصاد السياسي، وكان رئيسا للجنة التعليم بالبرلمان المصري لسنوات عديدة، وهو صاحب فكرة هيئة ضمان الجودة في المدارس المصرية، والتي لم يحصل علي شهادتها سوي 4 آلاف مدرسة من إجمالي 55 ألف!
لقد صال د. بدراوي وجال في مشاكل التعليم في مصر، في الندوة التي أدارها د. سعيد عبد الخالق؛ بداية من عجز المدرسين والأبنية التعليمية وتكدس الطلاب، وعدم كفاءة الإدارة، وأنتهي إلي أن التعليم حق من الحقوق الأساسية ويجب أن يتميز بالإتاحة للجميع، والجودة في الخدمة، وعدم التمييز طبقا للمكان أو النوع، والمشكلة أن محاولات "الترقيع" لم تحقق الهدف منها حتي الآن، مثل المدارس التكنولوجية ، أو اليابانية، أو الخاصة والأجنبية.
لأن هناك "غياب" للرؤية الشاملة والفلسفة والاستدامة، وقد حاول أولياء الأمور البحث عن حلول فردية فلجأوا للمدارس الخاصة، وبلغ ما يصرفونه سنويا علي التعليم حوالي 50 مليار جنيه، ولكن المشكلة أن التعليم الخاص لا يمثل سوي 11% فقط من إجمالي التعليم قبل الجامعي، فماذا عن الأغلبية من أبناء أهلنا الطيبين؟
أعتقد أننا في حاجة ملحة لمؤتمر قومي للتعليم ما قبل الجامعي، وأن يشارك فيه كافة المعنيين، وينتهي "بوثيقة" شاملة تكون هي أساس عمل المجلس الأعلي الدائم للتعليم في مصر.
حفظ الله مصر وألهم أهلها الرشد والصواب.