تعانى العاملات فى المنازل من نظرة المجتمع السلبية لهن ، خاصة فى ظل عدم توافر أى حماية قانونية أو اجتماعية لهن، ويتعرضن لكثير من التحديات والصعوبات فى أثناء عملهن، على مستوى تقدير الأجر أو المعاملة غير الانسانية، لذا تم اعداد اول دليل تدريبي عن حقوق وواجبات العمالة المنزلية ، كأولى الخطوات المهمة التى اتخذتها الدولة فى سبيل التعريف بمشكلة العمالة المنزلية من حيث الحقوق والواجبات لفئة تعد من الفئات الأكثر هشاشة وضعفا فى المجتمع، التفاصيل والمزيد من الإيضاح لهذه القضية المجتمعية الهامة في السطور التالية… "
في البداية تقول منى عزت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة النون لرعاية الاسرة واستشارية التمكين الاقتصادي والاجتماعي، ان دليل الارشاد العمالة المنزلية "الحقوق والواجبات" ، يعد أول دليل يخص هذه الفئة ويأتى فى إطار التعاون بين وزارة التضامن الاجتماعي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة بمصر من أجل تطوير مراكز خدمة المرأة العاملة التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي ويبلغ عددها ٤٤ مركزاً فى ٣٣ محافظة، تقدم هذه المراكز الخدمات الاتية واجبات جاهزة ، انتاج الملابس والمشغولات الفنية، الغسيل والكى، معاونات المنازل، ويسند إلى الجمعيات والمؤسسات الأهلية إدارة هذه المراكز، وتشكل لجنة مشتركة بين الجمعية ومراكز خدمة المرأة العاملة للاشراف علي أنشطتها.
وتستهدف هذه المراكز تقديم خدمات بأسعار مناسبة من اجل مساعدة النساء العاملات على التوفيق بين مسئوليات العمل والأسرة، ما يتوافق مع المادة ١١ من الدستور المصري ورؤية مصر ٢٠٣٠ التى تستهدف زيادة نسبة مشاركة النساء إلى ٣٥٪ فى سوق العمل بحلول عام ٢٠٣٠ ، كما تتوافق مع اطار الشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للتنمية ٢٠٢٣- ٢٠٣٧ لمصر وبصفة خاصة زيادة قدرة المرأة على المشاركة فى النشاط الاقتصادي المنتج، وتوفير الخدمات العامة التى تقلل من عبء الرعاية على المرأة وتوسيعها، ونحن نعلم ان العديد من عاملات المنازل يعانين من ظروف عمل سيئة للغاية، فمعظمهن يعملن بلا عقود لساعات طويلة باجور منخفضة للغاية ، ولا يوجد تعويض عن العمل الإضافي ، بالاضافة إلى دفع الراتب متأخراً او منح اجر قليلاً، والخصم منه بلا تصريح غير الخصوصية غير الكافية وخطر العنف الجسدي وسوء المعاملة والايذاء.
وأشارت عزت، إلى انه عادة ما يتمتع العمال المنزليون سواء كان يعملون فى بلدهم او فى بلد اخر بقدرة تفاوضية محدودة، ولا يكونون قادرين على الوصول إلى الخدمات الاجتماعية، ولا يمكنهم فى كثير من الأحيان الشكوى من الظروف التعسفية، إذا لا يعانون فقط الظروف السيئة التى ترتبط غالباً بالعمل، لكن أيضاً عدم انتظام فى العمل والمواقف السلبية من صاحب العمل.
تعاون وتشبيك
وأكدت عزت، نركز فى هذا الدليل على الإسهام فى توعية العمالة المنزلية بحقوقها وواجباتها، ومساعدتهم على الوصول إلى الجهات المعنية بتقديم الدعم والمساندة، من اجل تمتعهم بحقوقهم الأساسية، وبناء قدراتهم المهنية والمهارية مما يؤدى إلى المحافظة على فرص عملهم، وتقليل المخاطر والأضرار التى يمكن ان يتعرضوا لها فى أثناء ذلك، فضلا عن تقديم الدليل اجراءات عملية تسهل لهم طريق الحصول على الخدمات الاجتماعية وتنظيم انفسهم نقابيا، مما يعزز من قدراتهم على التضامن والمساندة ودعم بعضهم، ودعم آليات العمل الجماعي والعمل المشترك من أجل تحسين اوضاعهم المهنية، وتغيير النظرة السلبية إليهم والاعتراف بقيمة هذه المهنة وأهميتها.
وأضافت عزت، الدليل يهدف إلى تشكيل فريق تدريبى من الموظفات فى مراكز خدمة المرأة العاملة والمنظمات غير الحكومية التى تعمل مع معاونات المنازل، يكون قادر على نقل المعرفة بشأن حقوق معاونات المنازل وواجباتهن، مساعده معاونات المنازل على اتخاذ الإجراءات اللازمة للحصول على حقوقهن فى التنظيم والحماية والعمل فى بيئة آمنة، بناء القدرات المهارية والمهنية لمعاونات المنازل، توفير مادة علمية بطريقة مبسطة تحتفظ بها معاونة المنزل بعد انتهاء التدريب ،وأُعد الدليل مع جهات تشاركية مع الجهات الشريكة والمتخصصة فى الموضوعات المطروحة فيه وزارة التضامن الاجتماعي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة العمل الدولية ويحتوى على إطار نظرى من الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية والقدرات المهنية والمهارية ، وقد طبق الدليل عمليا من خلال تنفيذ ورش عمل مع الموظفات فى مراكز خدمة المرأة العاملة والمنظمات غير الحكومية التى تعمل مع معاونات المنازل، ثم نفذ الفريق الذى حصل على الورشة ورشتين تدريبين مع معاونات المنازل، وضمنت بعض الاضافات والتعديلات بناء على جميع المراحل السابقة.
وقد تضمن التدريب الجهات الحكومية وغير الحكومية التى تقدم اشكال مختلفة من الدعم والمساندة للعمالة المنزلية وهما وزارة التضامن الاجتماعى من خلال تدريب وتأهيل وتامين اجتماعى للعمالة، وزارة القوى العاملة من خلال قياس مستوى المهارة، مكتب شكاوى المرأة من خلال الخط الساخن ١٥١١٥، الجمعيات الأهلية التى تعمل تحت إشراف مراكز خدمة المرأة العاملة التابعة لوزارة التضامن، مؤسسة الشهاب للتطوير والتنمية المتكاملة من خلال دعم قانونى تدريب وتاهيل مهنى وتشغيل وقياس مستوى المهارة بالتنسيق والتعاون مع وزارة القوى العاملة، الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من خلال تقديم دعم قانونى وتدريب وتأهيل مهنى وقياس مستوى المهارة بالتنسيق والتعاون مع وزارة القوى العاملة.
فئة هشة
ومن منظور الحماية الاجتماعية تقول د.هند فؤاد السيد، أستاذ علم الاجتماع المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، يعد الدليل الإرشادى للعمالة المنزلية من أولى الخطوات المهمة التى اتخذتها الدولة فى التعريف بمشكلة العمالة المنزلية من حيث الحقوق والواجبات لفئة تعد من الفئات الأكثر هشاشة وضعفا فى المجتمع، وبالتالى تتعرض للعديد من الإيذاء أو العنف خاصة لعدم وجود إطار قانونى يعمل على إنصافها وحمايتها، فهذه الخطوة مهمة فى تنفيذ الاتفاقيات الدولية بشأن مناهضة العنف ضد المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين كما يقرها الدستور، ويهدف الدليل إلى تطوير مراكز خدمة المرأة العاملة والتابعة لوزارة التضامن الاجتماعى التى تشمل (44) مركز خدمة، منتشرة فى 33 محافظة، وذلك بهدف "تشكيل فريق تدريبى من الموظفات فى تلك المراكز العاملة والمؤسسات غير الحكومية التى تعمل فى معاونة خدمات المنازل ليكون قادر على نقل المعارف بشأن حقوق معاونات المنازل وواجباتهن، ومساعدة معاونات المنازل على اتخاذ الاجراءات اللازمة فى الحصول على حقوقهن فى التنظيم والحماية والعمل فى بيئة آمنة، وأيضا بناء القدرات المهنية والمهارية لمعاونات المنازل.
ويشتمل الدليل على جزئين، الأول إطار معرفى ونظرى يتضمن الاتفاقيات الدولية ونصوص الدستور المعنية بالعمل وكفالة المساواة بين الجنسين، وأيضا معايير العمالة المنزلية منها قيمة العمل وعلاقات العمل وما تتعرض له من إيذاء أو عنف بجانب معايير الحماية القانونية.
والجزء الثانى يشمل إطار مهنى ومهارى يتناول الحقوق والواجبات لكلا الطرفين فى العمل، ونظرة مستفيضة للمعارف والإرشادات فى العمل المنزلى وسبل العناية به، وأيضا جانب مهم وهو السلامة والصحة المهنية للجروح والكدمات والكسور التى قد تنتج من طبيعة العمل داخل المنزل.
واوضحت فؤاد، أن هناك بعض الملاحظات على الدليل الإرشادى أبرزها، اختيار مصطلح "معاونات المنازل" اختيار موفق لأنه يفيد بأهمية دورهم داخل المنازل وبالتالى ضرورة احترام هذا الدور وحمايتهم، ولذلك أتمنى تداول هذا المصطلح بدلا من "العمالة المنزلية" الذى قد يشوبه بعض القصور المجتمعى والوصم والاستهانة بالمهنة، كما ان الإعلام عن المراكز التابعة للوزارة وأدوارها المختلفة فى شتى وسائل الإعلام الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعى لكى يقدر الجميع الجهد المبذول فى الدولة المعنى بتدريب معاونات المنازل وحقوقهم وواجباتهم، ويحقق انتشار وسمعة جيدة عنهم لدرء ما يبث من شائعات حول العمالة المنزلية.
واشارت فؤاد ، إلى ضرورة تعميم التجربة على مستوى المحافظات وزيادة عدد المراكز التابعة للمنظمات غير الحكومية واستقطاب عدد أكبر من الإناث للتدريب على الدليل وتوفير فرص عمل لهن كمعاونات للمنازل، إلى جانب نشر المعرفة بحقوق وواجبات معاونات المنازل على أكبر عدد من المستفيدات من التدريب والعاملات بالمراكز لكى تعم الفائدة بنفس محتويات المكون التدريبى. هذا بالإضافة إلى حماية معاونات المنازل من المخاطر المهنية وسبل حمايتها من الإيذاء، وينقصها دعم تشريعى لتوفير سبل لحمايتها أو جهات تلجأ لها حين تعرضها لتلك المخاطر.
وأشادت فؤاد، بأهمية التشبيك والتعاون مع المجلس القومى للمرأة فى إدراج الدليل الإرشادى للعمالة المنزلية ضمن أنشطته، ودمجه مع شكاوى المرأة لتوفير سبل لدعم معاونات المنازل المتعرضات للمخاطر والإيذاء نفسيا وقانونيا، تخصيص خط ساخن للشكاوى التى تواجه معاونات المنازل، فمن نتائج البحوث والدراسات المعنية بالمرأة يعتبر الخط الساخن من الآليات الفعالة للحماية السريعة والناجزة. فضلا عن استخدام القوى الناعمة كالدراما والأفلام لعرض نماذج ناجحة من تجارب "معاونات المنازل" فى سبيل تقدير دورهن داخل المنازل، والتفانى فى رعاية الأسرة لنشر الفكر الصحيح والاقتداء بتلك النماذج. لافتة إلى ان توفير دعم وحماية لمعاونات المنازل المصريات اللواتى يسافرن ويعملن خارج البلاد من خلال السفارة المصرية والقنصليات أسوة بدول جنوب شرقى آسيا وما تقدمه سفاراتهم من حماية ورعاية أثناء عملهم.