حمادة عبد الوهاب
دائما ما كان يمدح الرجل، ويراه بالزعيم القوي القادر على تحقيق طموحات بلاده في إعادتها إلى المشهد السياسي الدولى والساحة الإقليمية مرة أخرى كرقم صعب في معادلة السياسات الدولية، هكذا كان يرى الرئيس الأمريكي ترامب نظيره الروسي خلال الحملة الانتخابية، وتفائل الكثيرون بأن قادم العلاقات بين العم سام والدب الروسي يكون أمرا مغايرا، عما كان عليه أيام الرئيس السابق باراك أوباما الذي أخذ مواقف متشدده تجاة إدارة بوتين بعد احتلال القرم، واتهما بالتدخل في الانتخابات الأمريكة، وبمتابعة تصريحات أقطاب الإدراة الأمريكية الجديدة ريكس تيلرسون وزير الخارجية ووزير الدفاع ماتيس، توضح أن الإدارة الجديدة ما زالت تتبع الخطوط العريضة لسياسات أوباما تجاه روسيا.
[caption id="attachment_23545" align="aligncenter" width="300"]
فلاديمير بوتين رئيس روسيا[/caption]
ولكن بعد شهرين من توليه منصبه، بات الرئيس الأمريكي أقل إشادة بنظيره الروسي وسط مناخ سياسي في واشنطن تثقله التحقيقات الرسمية حول تواطؤ ممكن بين فريق ترامب ومسؤولين روس خلال الحملة الرئاسية الأمريكية في 2016، وقد سبب الأمر إحراج كبير لترامب عقب استقالة مايك فلين مستشار الأمن القومي، والتحقيق في تواصل وزير العدل الحالي مع روسيا في أثناء حملة ترامب.
وفي هذا السياق، أدلى وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس خلال جولة في أوروبا الأسبوع الماضي، بمواقف قاسية إزاء موسكو سواء حول النزاع في أوكرانيا أو حول احتمال تدخّل روسيا في الانتخابات الأمريكية والأوروبية.
وتذكر هذه المواقف بالنهج الحازم الذي كانت تبنته إدارة أوباما مع موسكو.
استمرار العقوبات
[caption id="attachment_23544" align="aligncenter" width="300"]
دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة[/caption]
ورغم أنه يعتبر قريبا من بوتين كونه تولى رئاسة مجلس إدارة إكسون موبيل، فإن وزير الخارجية تيلرسون الذي خلف جون كيري، ندد في أول اجتماع يشارك فيه لحلف شمال الأطلسي بـ”العدوان الذي تشنه روسيا منذ ثلاثة أعوام على أوكرانيا والذي نسف أسس الأمن والاستقرار في أوروبا”.
وتعهد “استمرار تطبيق” العقوبات التي فرضها أوباما مادامت موسكو لا تحترم اتفاقات مينسك للسلام في شرق أوكرانيا ولم تعد شبه جزيرة القرم “المحتلة” إلى كييف.
وفي استعادة للخطاب الدبلوماسي لأوباما وكيري، وعد تيلرسون بأن “يبقى دعم أمريكا والحلف الأطلسي لأوكرانيا متينا”، مؤكدا أن الولايات المتحدة “لن تقبل بأن تحاول روسيا تغيير حدود أوكرانيا”.
وفي تصريح شبه مماثل في مارس 2016 في موسكو بعد لقائه بوتين، نبّه كيري إلى أن “الولايات المتحدة متمسكة بشدة بحماية سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها بما فيها القرم”.
روسيا لم تعد أهلا للثقة
[caption id="attachment_23538" align="aligncenter" width="300"]
فلاديمير بوتين رئيس روسيا[/caption]
وقال مسؤول في الخارجية الأمريكية إنه خلال غداء مغلق في مقر الحلف الأطلسي، أثار تيلرسون تصفيق الحاضرين حين “أعلن أن روسيا لم تعد أهلا للثقة”.
بدوره، أدلى وزير الدفاع ماتيس بمواقف تصب في الخانة نفسها. فخلال زيارته لندن اتهم موسكو “بانتهاك القانون الدولي في القرم” و”التدخل في انتخابات دول أخرى”.
التدخل في الانتخابات
[caption id="attachment_23541" align="aligncenter" width="300"]
دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة[/caption]
ووسط مناخ غير مريح في واشنطن، تحقق لجان في الكونجرس ومكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) في تدخل روسي محتمل في الحملة الانتخابية في 2016.
وتحاول الشرطة الفيدرالية تحديد ما إذا كان حصل “تنسيق” بين فريق ترامب ومسؤولين روس.
لكن ترامب والكرملين نفيا هذا الأمر مرارا، علما بأن ترامب أشاد غالبا ببوتين وسعى إلى تقارب أمريكي روسي بعد التوتر الذي شهدته ولايتا أوباما.
وفي 30 ديسمبر، أي بعد انتخابه رئيسا وقبل تنصيبه، أشاد في تغريدة بـ”ذكاء” الرئيس الروسي لعدم رده على العقوبات التي فرضتها إدارة أوباما.
[caption id="attachment_23539" align="aligncenter" width="300"]
فلاديمير بوتين رئيس روسيا[/caption]
والعام 2013، وفيما كان رجل الأعمال ينظم في موسكو مسابقة ملكة جمال الكون، أمل ترامب عبر تويتر في “أن يأتي بوتين ويصبح أفضل صديق” له.
لكن منذ دخوله البيت الأبيض، لم يعد الرئيس الجديد يشيد بنظيره الروسي. وفي الخامس من فبراير قال ترامب عبر شبكة فوكس نيوز المحافظة إنه “يحترم” بوتين، قبل أن يستدرك “هذا لا يعني أنني سأتفاهم معه”.
وتزامنا، وفي بداية فبراير، دفعت مواجهات جديدة في أوكرانيا الإدارة الأمريكية الجديدة إلى أن تعد بإبقاء العقوبات على روسيا.
وأوضح جيفري راتكي المتحدث السابق باسم الخارجية في عهد كيري أن “النهج المتصلب لتيلرسون وماتيس يعكس استمرارا واضحا” بين إدارتي أوباما وترامب، وخصوصا على صعيد العقوبات بحق موسكو.
[caption id="attachment_23542" align="aligncenter" width="300"]
دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة[/caption]
واعتبر راتكي، الخبير في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة “لن يكون من السهل عليها تبديل نهجها إزاء روسيا” بسبب “تحقيقات في واشنطن حول ضلوع روسي في الانتخابات ومع حملة ترامب”.