أساطير دولة التلاوة  (1) الشيخ محمود خليل الحصرى شيخ عموم مقارىء الديار المصرية

أساطير دولة التلاوة  (1) الشيخ محمود خليل الحصرى شيخ عموم مقارىء الديار المصريةأساطير دولة التلاوة  (1) الشيخ محمود خليل الحصرى شيخ عموم مقارىء الديار المصرية

شئون مصرية6-5-2019 | 17:14

كتب: خالد عبد الحميد

يأتي شهر رمضان المعظم وتتلألأ أصوات مشاهير القراء، حيث تضم مدرسة التلاوة المصرية العديد من الأسماء البارزة التي تعدت شهرتها حاجز الزمان والمكان.. أصوات من الجنَّة تشدو على الأرض، يمتازون بحلاوة الصوت ووضوح المخارج والتمكن من الأحكام والضوابط، فمصر هي مهد التلاوة، وغالبية مشاهير القراء مصريون علموا العالم الإسلامى أصول و«فن» التلاوة بأصوات عبقرية متفردة، وأرسى العديد منهم أسس التلاوة، وكانت تلاوتهم لآيات القرآن الكريم مثار إبهار وتعظيم لكل من استمع إليهم، واستمد من أصواتهم شغفا لفنون التلاوة والإنشاد الدينى الجميل.

الشيخ محمود خليل الحصري واحد من أشهر قارئي القرآن وأحد أقطاب التلاوة والترتيل، ليس في مصر وحدها ولكن في العالم الإسلامى كله، شهد له الكثيرون بأنه أفضل من جود القرآن ورتله، فلم يكن مجرد قارئ أو صاحب صوت يهز الوجدان بل كان رجلا يعيش القرآن فيعيشه معه من يسمعه. فهو أول من سجل المصحف المرتل للإذاعة وصاحب المصحف المعلم.. (حملت) جماهير المسلمين سيارته في ماليزيا على الأكتاف وهو بداخلها .. وهو القاريء الوحيد الذي قرأ القرآن الكريم في البيت الأبيض الأمريكي.

ولادتـــــــه:

ولد فضيلة الشيخ القارئ محمود خليل الحصرى فى غرة ذى الحجة سنة 1335 وهو يوافق 17 من سبتمبر عام 1917، بقرية شبرا النملة، مركز طنطا بمحافظة الغربية بمصر.

نشأته:

-  فقد سمي الحصري نسبة الى صناعة الاب المكافح الذي كان يبيع الحصر للناس بعد ان يجدلها بيديه، وكانت مشاركات الحصري له عديدة في عمله فيصنع الحصر ويبيعها الى جانب حفظ القرآن الكريم.

 - وهو متزوج وله سبعة اولاد.

- قرأ القرآن في شبرا النملة - مسقط رأسه - نظير عشرة قروش، ثم قرأ القرآن ولاول مرة خارج قريته في كفر الشيخ علي بكفر الريا طوال ثلاث ليال بمائة وعشرين قرشا.

حياته العلمية:

-  حفظ القرآن الكريم وسنّه ثمان سنوات ، ودرس بالأزهر ، ثم تفرغ لدراسة علوم القرآن لما كان لديه من صوت متميز وأداء حسن.

- وكان ترتيبه الأول بين المتقدمين لامتحان الإذاعة سنة (1364هـ – 1944م) .

- ثم قارئاً بالمسجد الأحمدي (1370هـ - 1950 م).

- ثم تولى القراءة بمسجد الحسين منذ عام (1375هـ – 1955م).

- وعُيّن مفتشاً للمقارئ المصرية (1377 هـ - 1957م ).

- ثم وكيلاً لمشيخة المقارىء (1378 هـ - 1958م).

- ثم مراجعاُ ومصححاً للمصاحف بمشخية الازهر (1379 هـ - 1959م).

-  تولى مشيخة المقارئ سنة (1381هـ – 1961م).

-  وكان أول من سجل المصحف الصوتي المرتل برواية حفص عن عاصم سنة (1381هـ-1961م)، وظلت إذاعة القرآن بمصر تقتصر على صوته متفرداً حوالي عشر سنوات.

-  ثم سجل رواية ورش عن نافع سنة (1384 هـ - 1964 م).

-  ثم رواية قالون والدوري والمصحف المعلم  سنة (1388هـ - 1968م).

- وانتخب رئيساً لاتحاد قراء العالم الإسلامي سنة (1388هـ - 1968م).

- سجل مصحف مشاهير القراء مع القراء( مصطفى اسماعيل – عبدالباسط عبد الصمد – محمود على البنا) سنه (1390 هـ - 1970م).

مؤلفاته:

له أكثر من عشر مؤلفات فى علوم القرآن الكريم منها:

- أحكام قراءة القرآن الكريم، وهو هذا الكتاب.

- القراءات العشر من الشاطبية والدرة.

- معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء.

- الفتح الكبير فى الاستعاذة والتكبير.

- أحسن الأثر فى تاريخ القراء الأربعة عشر.

- مع القرآن الكريم.

- قراءة ورش عن نافع المدنى.

- قراءة الدورى عن أبى عمرو البصري.

- نور القلوب فى قراءة الإمام يعقوب.

- السبيل الميسر فى قراءة الإمام أبى جعفر.

- حسن المسرة فى الجمع بين الشاطبية والدرة.

- النهج الجديد فى علم التجويد.

- رحلاتى فى الإسلام.

وله مقالات عديدة فى مجلة لواء الإسلام.

صاحب علم:

يعتبر الشيخ محمود خليل الحصرى أكثر قراء القرآن علما (وخبره بفنون القراءة أكثرهم وعيا) مستفيضا بعلوم التفسير والحديث، فلقد كان يجيد قراءة القرآن الكريم بالقراءات العشر، ونال شهادة علميه فيها من الأزهر الشريف لسنة 1958 و كان ملما (بهذه القراءات علما) وفهما وحفظا يجمع أسانيدها المأثورة.

عبقريتــــه:

لقد كانت عبقرية الشيخ محمود خليل الحصرى تقوم على الإحساس اليقظ جدا بعلوم التجويد للقرآن الكريم وهى علوم موضوعية داخلية تجعل من البيان القرآنى سيمفونية بيانية تترجم المشاعر والأصوات والأشياء فتحيل المفردات إلى كائنات حيه وكذلك تأثره بالقرآن الكريم، حيث كان عاملا بما يقول، فكان ذو ورع وتقوى، كست الصوت رهبة ومخافة. فأثرت الصوت خشوعا وخضوعا لله عز وجل، مما أثرت فى أذان سامعيه.

علمـــه: إلى جانب أنه قارئ للقرآن الكريم عبر أكثر من أربعين عاما وفى الإذاعات المصرية والعربية والإسلامية كان عالما فى علم القراءات العشر ويعرف طرق روايتها وجميع أسانيدها، وكان يحاضر فى كثير من الجامعات المصرية والعربية والإسلامية فكان عالما ذو رسالة نبيلة بل هى أعظم رسالة فى دنيا العلوم والمعارف وهى رسالة حفظ كتاب الله من أى تحريف وتشويه. وكان مراجعا لكتاب الله سواء فى الإذاعة مختبرا للقراء الجدد ومراجعا لكتابة المصحف، كذلك ظل شيخا لقراء العالم الإسلامى طيلة عشرين عاما وكان عضوا فى مجمع البحوث الإسلامية (هيئة كبار العلماء) بالأزهر الشريف. وبالرغم من كل ذلك ظل متواضعا يحب الفقراء ويجالسهم ويعطف عليهم.

فائدة الترتيل:

يقول الشيخ محمود خليل الحصرى: أن الترتيل يجسد المفردات تجسيدا حيا ومن ثم يجسد المداليل التى ترمى إليها المفردات. وإذا كنا عند الأداء التطريبى نشعر بنشوة آتية من الإشباع التطريبى فأننا عند الترتيل يضعنا فى مواجهة النص القرآنى مواجهة عقلانية محضة تضع المستمع أمام شعور بالمسئولية.

قواعد الترتيل:

والترتيل إذن ليس مجرد قواعد يمكن أن يتعلمها كل إنسان ليصبح بذلك أحد القراء المعتمدين، إنما الترتيل فن غاية فى الدقة والتعقيد ليس فحسب ويحتاج دراسة متبحرة فى فقه اللغة ولهجات العرب القدامى وعلم التفسير وعلم الأصوات وعلم القراءات بل يحتاج مع ذلك إلى صوت ذى حساسية بالغة على التقاط الظلال الدقيقة بجرس الحروف وتشخيص النبرات، واستشفاف روح العصر التى يعمر بها الكون حيث أن الله يوحى للإنسان والنبات والجماد.

كل هذا كسب صوت الشيخ محمد خليل الحصرى جمالا وبهاء وقدرة على معرفة مصاغ الآيات، فمثلا شعوب العالم الإسلامى التى لا تجيد العربية كانت تفهم الشيخ محمود خليل الحصرى وتعرف القرآن منه، هذه الخاصية أمن الله بها على الشيخ محمود خليل الحصرى مما جعله ذائع الصيت فى العالم الإسلامى.

الخلاصــة:

لقد ذكرنا بعضا من شخصية الشيخ محمود خليل الحصرى (رحمه الله) التى كانت شخصية الإنسان المسلم التى قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سئلت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها.

فقالت كان خلقه القرآن أو كان قرآنا يمشى، هكذا كان الشيخ محمود خليل الحصرى قرآن يمشى فكان قارئا خاشعا فاهما لكتاب الله عاملا على خدمته وحفظه وعاملا بآياته ذاكرا خاضعا خانعا زميلا للقرآن وآياته وحفظه من أى شائبه.

إن الشيخ محمود خليل الحصرى كرمه الله عز وجل أعظم تكريما فما من يوم يمر إلا وتجد ملايين المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها تستمع إلى صوته تاليا و مرتلا لآيات الله عز وجل.

تاريـــــخ الوفــــــاة:

توفى يوم الاثنين 24 نوفمبر سنة 1980 فور انتهاءه من صلاة العشاء.

https://youtu.be/VA-qKPt90xs

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2