لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: من بورسعيد إلى بورسودان

لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: من بورسعيد إلى بورسودانلواء دكتور/ سمير فرج يكتب: من بورسعيد إلى بورسودان

*سلايد رئيسى8-5-2019 | 22:08

تناولت في الأسبوع الماضي، في نفس هذا المكان، بعض إنجازات الهيئة الهندسية، في مقال بعنوان "الهيئة الهندسية ولسه الأماني ممكنة"، استعرضت خلاله الإنجاز الضخم للهيئة، بإقامة كوبري تحيا مصر، "روض الفرج"، الذي سُجل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، كأعرض كوبري معلق في العالم، والإنجاز الثاني في مد كوبري أكتوبر ليصل للتجمع الخامس، محققاً سيولة مرورية، في منطقة اعتادت على الاختناق المروري، خاصة في أوقات الذروة، وتحدثت، أيضاً، عن التعديلات والتوسعات التي شهدها مدخل مدينة القاهرة من السويس.

والحقيقة أنني تلقيت العديد من التعليقات، بعد ذلك المقال، كان منهم تعليق الدكتورة/ ماجي الحلواني، عميد كلية الأعلام الأسبق، بجامعة القاهرة، وأستاذتي ضمن لجنة مناقشة رسالتي للدكتوراه، عاتبني فيه على إغفالي، عن غير عمد، لعدد كبير من الإنجازات الأخرى، مثل طريق الجلالة، وطريق القاهرة-بنها الحر، والأنفاق الخمسة على قناة السويس، وغيرهم الكثير ... وهو ما لا يمكن حصره، والثناء عليه في مقال واحد.

وخلال هذا الاسبوع كنت في مدينتي الحبيبة، بورسعيد، فشاهدت لافتة كبيرة، معلقة على مدخل المدينة، مكتوب عليها "الهيئة الهندسية للقوات المسلحة – بداية طريق بورسعيد إلى بورسودان" ... فتعجبت في نفسي عن كيف يكون ذلك؟! فمدينة بورسعيد عبارة عن جزيرة، يحدها من الشرق قناة السويس، متصلةً بقارة آسيا، "بورفؤاد"، من خلال معدية قناة السويس، ويحدها من الغرب "كوبري الجميل" عابراً فوق بحيرة المنزلة، إلى الدلتا ومدينة دمياط، ومن الجنوب "كوبري الرسوة"، العابر من بورسعيد إلى مدن القناة، لذلك عندما قام العدوان الثلاثي على مدينة بورسعيد، قام الإنجليز بتدمير كوبري الجميل والرسوة، وإنزال المظلات البريطانية في تلك المناطق، فتم، بذلك، عزل مدينة بورسعيد عن مصر ... إذن كيف يكون هذا الطريق الذي تشير له اللافتة؟!!

اتصلت، على الفور، باللواء/ أمير سيد أحمد، مساعد السيد رئيس الجمهورية للبنية التحتية، لأستوضح منه، فأكد لي أن الهيئة الهندسية تشرف، حالياً، على إنشاء طريق جديد، بطول ٤٩٥ كم، يبدأ من بورسعيد، وصولاً إلى شرق القناة، في مدينة شرم الشيخ ... أكرر شرق القناة ... في سيناء الحبيبة. ثم المحور الثاني، ويبدأ، كذلك، من بورسعيد إلى طريق الإسماعيلية الصحراوي، عابراً إلى طريق السويس، وإلى طريق السخنة، ثم طريق الجلالة الجديد، وصولاً إلى الزعفرانة بطول ٣٢٠ كم، ويمتد منها، في طريق جديد، إلى الغردقة، وسفاجا، ومرسى علم، ثم حلايب وشلاتين، في طريق، جديد شق معظمه في الصحراء الشرقية، حتى يصل إلى بورسودان، شرق أفريقيا، بدولة السودان الشقيق، ومن المقرر افتتاحه الشهر القادم بمشيئة الله، بالتزامن مع افتتاح أنفاق قناة السويس.

أزداد تعجبي بعد ما سمعته من اللواء أمير عن تفاصيل تلك الشبكة الجديدة من الطرق والمحاور، وما أتوقعه لها من آثار إيجابية، على كافة المستويات، وهو ما لم يعدو كونه أمل، في الماضي، أن يصلنا طريق بري بعمق أفريقيا، وخاصةً السودان، ولكن تعجبي هذه المرة، سببه أننا لم نسمع عن ذلك الإنجاز من قبل، فأجابني اللواء أمير قائلاً، "أنت تعلم أن السيد الرئيس يكره مصطلحات هنعمل، وهننشأ، وأوامر سيادته، منذ البداية، هو الاحتفال بانتهاء العمل في المشروع وافتتاحه، ولقد استثنى من ذلك الخمس أنفاق على قناة السويس، ليتمكن الشعب من متابعة تنمية سيناء واتصالها بالوطن الأم".

فاستأذنت في تناول ذلك المشروع العظيم، في مقالي هذا، لما يمثله من تحقيق لحلم امتد لعشرات السنين، أن نتصل بقلب أفريقيا بطريق بري، بما يفتح مجالات خصبة، وآمنة، للتجارة مع معظم دول القارة السمراء، بعد عقود من الاعتماد على ميناء السد العالي، في تصدير المنتجات المصرية إلى السودان، ومنها إلى باقي دول القارة، وهو ما يواجه الكثير من المعوقات والتحديات، ولكن مع افتتاح هذا الطريق، ستشهد حركة التجارة المتبادلة، مع أفريقيا، طفرة منشودة، فستتمكن الشاحنات المصرية، على سبيل المثال، من الوصول إلى بورسودان في غضون يومين، محملة بالصادرات المصرية، بما يفتح لها أسواقاً جديدة، بدلاً من تركزها، حالياً، في ٤ دول أفريقية هي كينيا، وجنوب أفريقيا، وأثيوبيا، ونيجيريا، ولكن بعد هذا الطريق ستحقق انتشاراً أكبر في معظم دول القارة، وهو السوق الرحب المتعطش للمنتجات المصرية، لجودتها، ولأسعارها التنافسية، مقارنة بالمنتجات الأوروبية. وتتمثل أبرز الصادرات المصرية إلى دول أفريقيا في، السكر، والذهب ومصنوعاته، والزيوت العطرية، واللدائن "البلاستيك"، والورق ومصنوعاته، والزجاج، والسيراميك، والأدوات الكهربائية، والمنسوجات، وكذلك المحاصيل الزراعية نظراً لاختلاف العروة الزراعية، وبالتالي، فمن المتوقع زيادة حجم الصادرات المصرية إلى أفريقيا عن 4,2 مليار دولار، التي تمثل حجم الصادرات الحالي وفقاً لآخر إحصاءات صادرة في ٢٠١٨.

تذكرت اليوم كلمات الدكتورة سعاد الصحن، في محاضرات الجغرافيا السياسية، وأنا طالب في كلية الآداب، حين قالت أن الطرق هي شرايين الحياة في أي دولة، وهكذا سوف تفتح شرايين الحياة بين مصر وأفريقيا، بفضل أبناء مصر ورجالها، القائمين على إتمام تلك الطرق والمحاور، تماماً كما شرفوا مصر، هذا الأسبوع، بالانتهاء من تنفيذ مجموعة الأنفاق التي تربط سيناء بالدلتا، والتي افتتحها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ذلك الحلم القديم الذي تحقق اليوم، ليكون أساس تأمين سيناء وتنميتها، من خلال ربطها بالوادي، فخرجت هذه الأنفاق التي تم تنفيذها أسفل قناة السويس، لتعد الأضخم، على مستوى العالم، من حيث الأطوال والأقطار وحجم الأعمال والخطة الزمنية القياسية، التي تم تنفيذها بسواعد وخبرة مصرية من شركات القطاع الخاص المصري، تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التي نأمل أن تستكمل مسيرة المساهمة في بناء مصر، بقيادة اللواء إيهاب الفار، خلفاً للعظيم اللواء كامل الوزير ... لذلك وجب علينا تقديم الشكر والتقدير لكل من نفذ تلك المشروعات التنموية العملاقة، وكل من أشرف على تنفيذها.

Email: [email protected]

أضف تعليق

إعلان آراك 2