بريطانيا تنتحب حزنا على شبابها مع اتساع دائرة العنف والهجمات بالأسلحة البيضاء

بريطانيا تنتحب حزنا على شبابها مع اتساع دائرة العنف والهجمات بالأسلحة البيضاءبريطانيا تنتحب حزنا على شبابها مع اتساع دائرة العنف والهجمات بالأسلحة البيضاء

غير مصنف20-1-2021 | 11:55

لندن / وكالات عاد نبأ وفاة أليكس /15 عاما/أغسطس من عام 2019، ليتصدر عناوين الأخبار مرة أخرى بعد عام ونصف العام من مقتله، ليكون بمثابة تذكرة أخرى للبريطانيين بأن كثيرا من شبابهم يموتون بسبب الهجمات بالأسلحة البيضاء. وفي حالة أليكس تردد أنه كان يبتز فتى يكبره سنا ثبت أنه الشخص الذي قتله، غير أن هذه الحالة كانت فقط آخر حادث يقع في إطار اتجاه محزن لعنف الشباب، وغالبا ما يتم بالسكاكين مما جعل بريطانيا تحبس أنفاسها لسنوات. والأسوا من ذلك أن الحكومة تبدو عاجزة عن إيقاف تفشي الجرائم التي ترتكب بالأسلحة البيضاء، وهي الجرائم التي أطلق عليها وصف "وباء جيلنا". ومع ذلك لا يشي هذا الوصف بكل تفاصيل الصورة، حيث أن موجة العنف باستخدام السكاكين -والتي تشبه الطفح الذي يظهر على جلد المجتمع- لا تقتصر على جيل بعينه. وتشير الإحصائيات إلى تضاعف عدد الهجمات بالأسلحة البيضاء وأدوات أخرى، منذ عامي 2014 و2015 (ويتم إعداد الإحصائيات في آذار/مارس من كل عام)، وتم في عامي 2019 و2020 تسجيل نحو 46 ألف هجوم في إنجلترا، مع استثناء منطقة مانشستر الكبرى وويلز. وزادت أعداد الجرائم التي يرتكبها مهاجمون يبلغون 18 عاما من العمر أو أقل بنسبة 77%، وذلك خلال الفترة بين 2016 و2018، بينما تضاعفت تقريبا أعداد الأشخاص الذين تعرضوا للهجوم ونقلوا إلى المستشفيات ويبلغون من العمر 16 عاما أو أقل وذلك منذ عام 2012. وثمة عدة أسباب لهذه الهجمات، ومن الواضح أن كثيرين من المتورطين فيها شباب يقيمون في المناطق الفقيرة. وكتب كل من جيمس دينسلي الأستاذ بجامعة أوكسفورد، وميشيل ليتل سترود الأستاذة بجامعة روتجرز الأمريكية يقولان، "إن جذور المشكلة تتمثل في أن الناس لا يحبون الانقسام وعدم التيقن، وهم يشعرون بالإحباط والغضب دون أن يكون أمامهم متسع للتنفيس، ومع عدم وجود ملاذ قانوني يستمر العنف في الزحف بشكل تصاعدي". وتزداد كثير من المشكلات تعقيدا نتيجة مشاعر القلق المتعلقة بالنقود والمستقبل المالي، كما أن كثيرا من الشباب الذين أكملوا دراساتهم وقعوا في بئر الديون، وصارت بعض فرص الحصول على وظائف أفضل أو دراسات محدودة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وهذه الظروف تدفع البعض إلى السلوك العدواني، والاندفاع بالهجوم وارتكاب جرائم القتل. وأضاف الكاتبان دينسلي وسترود "عندما تصبح مشاعر عدم الثقة تيارا داخل المجتمع، يصير الشباب الذين مروا بتجارب من الشدائد في حياتهم، أو الذين تخلت عنهم المؤسسات في الماضي، معرضين بشكل خاص للجوء إلى العنف". وتم توجيه الانتقادات اللاذعة للحكومة البريطانية بسبب تركها المشكلة تتفاقم، بسبب سياسة الحد من النفقات التي طبقت لعدة سنوات، وهو ما أدى إلى إغلاق مئات من مراكز الشباب خلال الأعوام الأخيرة، وإلغاء مئات الملايين من الجنيهات الأسترلينية التي كانت تنفق على برامج رعاية الشباب. والأهم من ذلك أنه تم إلغاء 20 ألف وظيفة في جهاز الشرطة خلال العقد الماضي، على الرغم من أنه تم مؤخرا إعادة شغل بعضها. وبرغم ذلك باتت مستويات الثقة في جهاز الشرطة منخفضة في كثير من أنحاء بريطانيا، هذا إذا لم نذكر مناطق من البلاد يعني فيها اتخاذ إجراءات للتقشف خفض التواجد الشرطي في المقام الأول. وكتب لين بريناني الخبير في علم الجريمة بجامعة هول البريطانية، يقول "في ظل هذه الأوضاع، يكون من غير المستغرب تفسير مشاهدة شاب يحمل سلاحا، على أن ذلك مسألة لها مبرراتها أو ضرورية". وكان رد فعل الحكومة هو اتخاذ إجراءات صارمة، وأصبح كل شخص يحمل سلاحا أبيض معرض لعقاب جسيم. وتقوم العصابات بدور محوري في هذه المشكلة، حيث صارت الحرب بين العصابات المتنافسة من الأمور المألوفة في كثير من المدن بهدف الانتقام. كما أن بعض الشباب يستعرضون شجاعتهم وقوتهم الذكورية بأعمال العنف. وعلى سبيل المثال تم مؤخرا توقيع عقوبة السجن مدى الحياة، بحق خمسة أعضاء من عصابة ببلدة ميلتون كينز، من بينهم أثنان يبلغان 17 عاما من العمر عقابا لهم على شن هجوم على حفل عيد ميلاد، وقتل اثنين طعنا يتردد أنهما عضوان في عصابة أخرى، ويبلغ عمر الضحيتين 17 عاما أيضا. ووصف القاضي الجريمة بأنها تمت بدم بارد، واتهم الجناة بأنهم خاضوا حربا بين العصابات. وصاغ مجلس الشباب البريطاني عبارة "وباء جيلنا"، وذلك في تقرير صدر تحت هذا العنوان منذ نحو عام، وأدان ثقافة العنف واستخدام الأسلحة البيضاء. غير أن التقرير أشار أيضا إلى أن الحكومة لا تولي اهتماما إلى هموم الشباب البريطاني، وجاء بالتقرير أن ثمة افتقار للموارد الحالية وأن البلاد بحاجة إلى تشغيل مزيد من الشباب، وتقديم المعونة للآباء وفرض الأمن في المدارس. غير أن الخبراء يخشون من احتمال ارتفاع معدلات الجريمة بسبب جائحة كورونا، حيث أن أفراد العصابات يتبادلون المعلومات على شبكة الإنترنت، وذلك وسط دخول بريطانيا الموجة الثالثة من الإغلاق، وهذا يعني أنه بمجرد عودة العصابات إلى الشوارع ومواجهة بعضها البعض، فإن دائرة الكراهية والعنف يمكن أن تعود مرة أخرى للظهور كالمعتاد.
    أضف تعليق

    الاكثر قراءة

    تسوق مع جوميا
    إعلان آراك 2