بنات كوباني: امتعاض تركى من تحويل الكتاب إلى مسلسل

بنات كوباني: امتعاض تركى من تحويل الكتاب إلى مسلسلبنات كوباني: امتعاض تركى من تحويل الكتاب إلى مسلسل

غير مصنف19-2-2021 | 16:56

دار المعارف حصلت هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وابنتها تشيلسى، على الحقوق الحصرية لتحويل كتاب "بنات كوبانى" للكاتبة والصحفية الأمريكية جايل ليمّون إلى مسلسل تليفزيونى. ويسلط الكتاب الصادر يوم 16 فبراير الحالى، الضوء على حياة المقاتلات الكرديات وسر إرادتهن القوية التى كانت وراء تأسيس وحدات عسكرية خاصة بالمرأة فى عام 2012، تحت اسم "وحدات حماية المرأة"، التى لعبت دوراً بارزاً فى هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المتشددة الأخرى. وبعد أن انتشر خبر إعلان كلينتون عن حصول شركتها الحديثة العهد (هيدن لايت) على حق إنتاج هذا المسلسل، تفاعل مع الخبر الكثيرون بين مرحب ومعارض، وأثار ذلك جدلاً واسعاً فى أوساط بعض الساسة الأتراك. وتنضوى "وحدات حماية المرأة" الكردية و"وحدات حماية الشعب" تحت مظلة "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من قبل الولايات المتحدة والتى تضم المقاتلين من جميع الخلفيات الدينية والقومية من عرب وأكراد وسريان وغيرهم من أبناء المنطقة. لماذا "بنات كوباني"؟ تسعى هيلارى كلينتون وابنتها تشيلسى، من خلال شركتهما "هيدن لايت برودكشن" إلى التركيز على قضايا المرأة بالدرجة الأولى بهدف تمكين النساء حول العالم حسب قولها. وتسعى كلينتون إلى إطلاق مشروعها بقوة، فوقع اختيارها على تجربة المقاتلات الكرديات التى كانت بلادها تدعمهن بقوة فى عام 2015 عندما كانت هى فى منصب وزيرة خارجية بلادها. وقالت كلينتون أنها اختارت تجربة هؤلاء النساء " لأنها قصة شاملة تحكى عن تمردهن ضد الواقع غير المنصف لهن، وحاربن جنباً إلى جنب مع الرجال على جميع الجبهات للدفاع عن أرضهن ضد الجماعات المتشددة أمثال جبهة النصرة وتنظيم الدولة، من أجل حرية المرأة والمساواة والعدالة" التى تعدها تلك الوحدات، الهدف الرئيسى لوجودها. وبنات كوبانى، لا يعنى أن المقاتلات جميعهن ينحدرن من هذه المدينة، بل لأن الحرب فى كوبانى، كانت الأشرس على الإطلاق فى تلك الفترة، حيث توجهت إلى هناك المقاتلات الكرديات ليس فقط من مدينة عفرين ومناطق الجزيرة فى شمال شرق سوريا، بل انضمت إليهن النساء الكرد من العراق وإيران وتركيا وأوروبا، وانضمت لاحقاً إليهن شابات من جنسيات أوروبية أيضاً. وبرزت صورة المقاتلات بصورة استثنائية بين عامى 2014 و 2016، أثناء تغطية معظم القنوات والمحطات التلفزيونية العالمية للحرب الضارية التى جرت فى كوبانى، والتى ظهرت فيها النساء بقوة فى خطوط المواجهة الأمامية وهنّ يتصدين للهجوم الضارى على المدينة. وزارت الكاتبة جايل ليمون، مرات عديدة شمال سوريا؛ مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية حالياً، وعاشت معهن وأجرت العديد من المقابلات مع كثيرات منهن حتى باتت ملمة بأدق تفاصيل حياتهن وتفكيرهن وسر قوتهن. وتقول ليمون: "بنات كوبانى، هى نتاج مئات الساعات من المقابلات التى أجريتها مع المقاتلات ومع الشخصيات الخبيرة بتلك الوحدات التى درست نمط حياتهن بعمق عدا عن دراسات أخرى ذات صلة". "مقاتلات استثنائيات" تقول هيلارى كلينتون عن سبب اختيارها مع ابنتها لهذه القصة: "تحكى قصة بنات كوبانى، عن نساء استثنائيات شجاعات تحدين الصعاب وناضلن من أجل العدالة والمساواة بطريقة ألهمن فيها النساء ليس فى تلك المنطقة فحسب بل فى جميع أنحاء العالم". وتضيف: "قمنا بتأسيس شركة هيدن لايت مع برانسون، للاحتفاء بشجاعة هؤلاء البطلات وتسليط الضوء على تجربتهن حيث ذاع صيتهن حول العالم وأولئك المنسيات اللواتى لم ينتبه لشجاعتهن أحد. وإنه لمن دواعى سرورى أن أشعر بأننى قادرة على تقديم قصص حقيقية وواقعية ملهمة ليس فقط للنساء بل لجميع المشاهدين فى العالم". وتسعى شركة هيدن لايت، بالتعاون مع برانسون المعروف عالمياً، إلى إنتاج أفلام وثائقية وترفيهية للتلفزيون والسينما والانترنت. وستسلط هيدن لايت، الضوء على النساء اللواتى يتميزن بالجرأة حول العالم. ومسلسل بنات كوبانى هو أول دراما مكتوبة ستنتجها فى أقرب وقت ممكن. وقالت الكاتبة إليزابيث جيلبرت: "بنات كوبانى هى قصة لا تُنسى وتكاد تكون أسطورية عن قوة المرأة وشجاعتها. هذا الكتاب، الذى تم بحثه ببراعة وحظيت التقارير حولها باحترام عالمى، هو درس فى البطولة والتضحية والمعنى الحقيقى لأخوة الشعوب". امتعاض تركى؟ فى الوقت الذى نالت هذه الفكرة ثناء وإعجاب الكثيرين حول العالم، لم يرق ذلك لبعض القوميين الأتراك، ووصفوا المقاتلين الأكراد بالإرهابيين أينما كانوا، إذ علق فاتح أربكان - وهو نجل نجم الدين أربكان، رئيس وزراء تركيا السابق ورئيس حزب "الرفاه الجديد" التركى - ممتعضاً فى كلمة مصورة نشرها على صفحته فى تويتر : "انظروا، هذه هى طريقة تفكير شركائنا وحلفائنا الأمريكان، إنهم يخططون لإنتاج مسلسل عن مقاتلات فى صفوف حزب العمال الكردستانى، المصنف لديهم كحزب إرهابى، ومن قبل أعلى الجهات والشخصيات فى أمريكا". وأضاف: "هذا دليل على أن الولايات المتحدة لا تعتبر تركيا شريكاً استراتيجياً". وطالب آخرون الحكومة التركية بالتحرك بقوة: "يجب على تركيا تحريك اللوبى التركى بشكل أقوى للحيلولة دون تحقيق هذه الخطوة". ويُذكر أن تركيا ترى فى جميع القوى العسكرية الكردية السورية (وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية) على أنها فرع لحزب العمال الكردستاني الذى يقود صراعاً مسلحاً منذ 40 عاماً، ضد الحكومة التركية من أجل الحصول على حقوق الأكراد فى تركيا. رحلة الكاتبة الملهمة أمضت الكاتبة ليمون، زميلة مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية أيضاً، وقتاً طويلاً مع المقاتلات لتنتهى بعد خمس سنوات من تأليف كتابها "بنات كوبانى" الذى يبدأ توزيعه اليوم عبر أمازون وبنجوين راندوم هاوس وغيرها. وتؤرخ الكاتبة من خلال كتابها، القصة المذهلة لهذه "القوة النسائية الخالصة، وكيف أن انتصارهن فى ساحة المعركة لم يحمِ شعوب المنطقة فحسب، بل رسم مستقبلاً جديداً للنساء فى جميع أنحاء العالم" كما تصف الكاتبة. وكانت ليمون قد قررت الابتعاد عن الكتابة حول الحرب تماماً حسب قولها، حتى جاء ذلك اليوم الذى تلقت فيه مكالمة هاتفية من رقم مجهول. كانت المكالمة من صديقتها كاسى، التي كانت عضوة فى فريق العمليات الخاصة الأمريكية المنتشرة آنذاك فى شمال شرق سوريا عام 2016، ضمن قوات التحالف الدولى. وتقول إن كاسى دعتها إلى زيارة شمال شرقى سوريا، لترى العجائب، قائلة "جايل، يجب أن تأتى إلى هنا لترى بأم عينيك ما يجرى هنا، إنه حقاً أمرُ لا يصدق". وتتابع جايل سرد ما أخبرتها به كاسى: "أرى كل يوم نساء يقاتلن داعش على الخطوط الأمامية، بدأن ثورة من أجل حقوق المرأة ولديهن ميول يسارية ديمقراطية شعبية تتساوى فيها حقوق النساء مع الرجال، وقد أسسن وحدات عسكرية خاصة بهن تسمى واى بى جى، والغريب أنهن لا يواجهن قيوداً كتلك التى واجهتها النساء الأمريكيات عندما ذهبن إلى الحرب فى أفغانستان وغيرها، وكيف أنهن يتولين جميع الوظائف السياسية والعسكرية وفى أعلى المراتب دون أن ينظر إليهن بطريقة أدنى من الرجال". وتضيف: "قالت لى كاسى، تعالى لترى كيف تخوض هذه المقاتلات المعارك فى الخطوط الأمامية، لا بل يقدن الرجال فى المعارك". وتقول كاسى: "بصراحة، أشعر بالغيرة منهن نوعاً ما، ليس للرجال مشكلة معهن أو مع أدوارهن على الإطلاق، إنه أمر غريب حقاً". وتقول جايل أنها بعد وصولها إلى سوريا ولقائها بالمقاتلات، علمت منهن "أن هدفهن لا يتمثل فى حماية الشعب والأرض فحسب بل أن طموحهم هو أن يصبحن نموذجاً تحتذى به النساء فى جميع أنحاء العالم من أجل مجتمع ديمقراطى عادل تسود فيه المساواة بين الجنسين، وأنه بدون الانتصارات العسكرية للمرأة، لا يمكن للتجربة السياسية أن تترسخ على الإطلاق". "كانت جميع المقاتلات مستعدات لمواجهة الموت ومحاربة داعش ليثبتن للنساء والعالم أجمع، بأن النساء قادرات على فعل أى شىء وأن قدراتهن تتجاوز الفكرة النمطية المأخوذة عن النساء، إذا تسلحن بالإيمان بأهدافهن".
    أضف تعليق