يعتبر لحظة خروج الجنين من رحم أمه إلى الحياة من أكثر اللحظات المذهلة والمثيرة في آن واحد، فقد كشف تقرير حديث كيف يمكن للمولود أن يحصل على ما يمكن أن يكون أصعب نفس في حياته بعد ثوانٍ فقط من الولادة.
وقال إنه في غضون ثوانٍ من الولادة، يشهد المولود عملية تغيير دقيقة للرئتين ونظام الدورة الدموية كي يبدأ التنفس واستنشاق الأكسجين لأول مرة في حياته، بحسب ما نشره موقع Live Science.
كما أوضح معهد تكساس للقلب كيفية عمل جهاز الدورة الدموية، وتحديداً الرئتين والقلب، أثناء وجود الجنين في الرحم، مبيناً أنه لا يتم توفير الأكسجين للطفل عبر الرئة، بل إنها تكون ممتلئة بالسائل أثناء النمو، بينما يحصل الجنين على الأكسجين عبر الحبل السري من المشيمة.
ونظرا لأن الرئتين لا تقومان بإمداد الأكسجين حتى لحظة الولادة، فإن إمداد الدم للرئة يتم من خلال وعاءين دمويين فريدين من نوعهما في جسم الجنين، وفقاً لما ذكره مستشفى الأطفال في فيلادلفيا.
ويسمى الوعاء الأول، الثقبة البيضوية، التي تسمح للدم المؤكسد بالمرور من الحبل السري والتدفق مباشرة من الأذين الأيمن للقلب إلى الأذين الأيسر، بدلاً من التدفق إلى البطين الأيمن و الرئتين كما هو الحال في أجسام البالغين.
ووفقًا لجمعية القلب الأميركية، يربط الوعاء الثاني، المسمى القناة الشريانية، شريان الجسم الرئيسي وشريان الرئة الرئيسي، مما يسمح للدم المؤكسد للجنين بالانتقال بعيدًا عن الرئتين ويتجه نحو الجزء السفلي من الجسم.
عكس قلب البالغين
من جانبه، قال دكتور جاي كيم، مدير قسم طب الأطفال حديثي الولادة في مستشفى سينسيناتي، "على عكس قلب البالغين عندما يخرج المولود، يكون الجانب الأيمن من القلب هو الجانب المسيطر"، لأنه كان يضخ الدم المؤكسد من خلال هاتين التحويلتين المؤقتتين إلى الجسم بأكمله.
في حين أنه بعد الولادة، يعاد تنظيم الدورة الدموية ويصبح البطين الأيسر هو المسيطر، أي يكون المسؤول عن إرسال الدم إلى جميع أنحاء الجسم، بينما يتولى البطين الأيمن المهمة الجديدة المتمثلة في إرسال الدم الذي يفتقر إلى الأكسجين إلى الرئتين.
كما أوضح دكتور كيم أن هذا التحول يحدث في إطار سلسلة من التغييرات السريعة بعد الولادة مباشرة حيث تبدأ الخلايا المسؤولة عن إفراز السوائل في رئتي الجنين بامتصاص السوائل بمجرد ولادة الطفل، والتخلص من السائل لإفساح المجال للأكسجين الوارد، ومن ثم تبدأ الرئتان على الفور بالعمل وتمتلئ بالهواء، شارحًا أن هذا التنفس الأول يمكن أن يكون قوياً ومثيراً لدرجة أنه في بعض الحالات يؤدي إلى إحداث ثقب في رئتي المولود.
كذلك، أوضح أنه من التغييرات المدهشة أيضًا أنه بمجرد أن يكون ضغط الرئة أقل من ضغط الدم الجهازي، أو الضغط الذي يُمارس على الأوعية الدموية أثناء تقلصات القلب، فإن الثقبة البيضوية تنغلق، وبالتالي مع عدم وجود ممر بين الأذينين الأيمن والأيسر، يبدأ الدم غير المؤكسد بالتدفق من الأذين الأيمن إلى البطين الأيمن السفلي، ثم يتم إرساله إلى الرئتين.
وفي الوقت نفسه، يؤدي انخفاض الضغط في الجهاز الرئوي إلى انتزاع الدم من القناة الشريانية، وهي الأوعية الدموية التي تسمح للدم بالمرور عبر الرئة والتوجه إلى الجسم. وبالتالي لا يكون هناك حاجة لوظيفة القناة الشريانية، التي تبدأ في الانقباض وتُغلق خلال اليومين الأولين من الحياة.
في هذه المرحلة، يتجه 100٪ من إمداد الدم إلى الرئتين، حيث يُضخ الدم المشبع بثاني أكسيد الكربون في الأوعية الدموية الصغيرة في الرئتين، وتقوم الحويصلات الهوائية لأول مرة باستبدال ثاني أكسيد الكربون في الدم بالأكسجين.
وقال دكتور كيم إن المولود السليم، الذي يولد في موعده، يستغرق حوالي 5 دقائق لكل التغيرات والتطورات، التي تنطلق بمجرد التقاط أول نفس من الهواء، واصفًا الأمر بأنه "لحظة ساحرة للغاية".