للنقد .. حدود !

للنقد .. حدود !محمد رفعت

الرأى9-11-2021 | 18:08

المخرج الكبير الراحل صلاح أبو سيف ألف كتابًا قبل وفاته بأعوام قليلة، يحكى فيه قصته مع نقاد أفلامه، ويفضح من كادوا يتسببوا بهجومهم العنيف ضده فى اعتزاله مهنة الإخراج بعد أول فيلم.

حكى "أبوسيف" فى الكتاب، عن قصته مع الناقد السيناريست، الذى لم ير فى أى فيلم من أفلام رائد السينما الواقعية الرائع التى قدمها خلال أربعين عامًا هو عمره الفنى ما يستحق الإشادة أو المديح، لمجرد أن صلاح أبو سيف رفض أن يخرج فيلمًا كتب هذا الناقد له السيناريو والحوار، فظل يضمر له هذه الواقعة ويهاجم أى فيلم يضع أبو سيف اسمه عليه كمخرج. لكن المخرج الكبير تحدث أيضًا فى الكتاب بحب واحترام عن نقاد آخرين، لا تقودهم المصالح، ولا تلون أقلامهم الأهواء، وعلى رأسهم الناقد السينمائى المحترم الراحل سامى السلامونى.

والغريب أن نفس آفات النقد السينمائى وعيوبه التى تحدث عنها "أبو سيف" فى كتابه غير المسبوق، تتكرر الآن، بعد أن اختلطت الأوراق، وأصبحت الكتابة للسينما أحد أهم مصادر الاسترزاق بالنسبة لعدد غير قليل من المحررين والنقاد الفنيين، لدرجة أن أحدهم، لم يخجل من كتابة نقد سينمائى عن فيلم من تأليفه كال فيه لنفسه المديح والثناء، فى الوقت الذى يهاجم فيه أفلامًا أخرى لغير المنتجين والمخرجين الذين يتعامل معهم، ويستغل قلمه فى ابتزازهم.. فإما يسندون له تأليف الأفلام، وإما يهاجمهم ويشهّر بهم.


ولم يتورع سيناريست وكاتب صحفى آخر، عن أن يهاجم ناقدًا سينمائيًا كبيرًا، لأنه تجرأ وهاجم فيلمًا من أفلامه، وانتقد إدارة مهرجان سينمائى كبير، لأنها اختارت هذا الفيلم التجارى لتمثيل مصر فى المسابقة الرسمية للمهرجان فى إحدى دوراته، واستخدم الصحفى السيناريست ألفاظًا قاسية وتلميحات مهينة فى وصف غريمه الناقد الكبير.


والحقيقة أن منطق المجاملات ولغة المصالح ومبدأ "شيلنى وأشيلك"، لم تعد تقتصر فقط على النقد السينمائي، لكنها أصبحت سمة واضحة للغاية فى شتى نواحى النقد الفنى والأدبي، خاصة بعد رحيل معظم جيل النقاد الكبار.


وإذا كان الناقد كالقاضى فى المحكمة فلا يجوز أن ينظر فى قضية تخصه وتمس معالمه بشكل أو بآخر، فالأجدر بالاحترام والأقرب للمنطق والعقل، أن يتوقف نقاد السينما عن تحليل الأفلام، بمجرد أن ينضموا إلى أصحاب الصنعة، ليس فقط لأن «عدوك هو ابن كارك»، لكن أيضًا لأن شهاداتهم فى هذه الحالة ستكون مجروحة، وعلاقاتهم بالمخرجين والنجوم وشركات الإنتاج ستفرض عليهم عدم الاقتراب من تلك المناطق المحظورة، حفاظًا على أكل عيشهم، وطمعًا فى الاستمرار والسعى للرزق أو الاسترزاق.

وحتى يحدث ذلك، لا تسألوا عن مستوى النقد السينمائى، أو عن الهوة الشاسعة بين ما يقرأه الجمهور عن الأفلام فى الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، وبين المستوى الحقيقى لها الذى يشاهدونه بأنفسهم فى قاعات العرض

.

أضف تعليق