أقام المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمى أمسية شعرية بعنوان: (إبداعات الشباب)، نظمتها لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، بحضور مقررها الشاعر أحمد سويلم، وأدار الأمسية الشاعر إيهاب البشبيشى، وشارك فيها عدد من الشعراء الشباب، وهم: أحمد جمال مدنى، وأحمد حافظ، ومحمد أبو العزايم، ومحمد عرب صالح، ومحمد ملوك، ومحمود سلام، ومحمود شريف، ومصطفى أبو هلال، ومنتصر ثروت.
افتتح الأمسية الشاعر أحمد سويلم مقرر لجنة الشعر قائلًا: "مرحبًا بكم فى أول الأمسيات الشعرية، التى تقيمها لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، ولقد اتفق الأعضاء على أن اللجنة لا تقتصر فقط على أعضائها، وإنما هى للشعراء جميعًا، بكل أطيافهم وألوانهم، تنفيذًا لذلك كانت هذه الأمسية التى خصصناها لإبداع الشباب، الذين يملكون الموهبة ويسعون إلى تطبيق تجاربهم.".
ثم جاء الشعر، فقام الشاعر أحمد جمال مدنى بإلقاء أشعاره، ومنها قصيدته: (مهيأٌ لأغنى)، التى يقول فيها:
"نَجْلِسُ فى ليلِنا ولا سَمَرُ
سَمَاؤنَا لا يَعْتَادُهَا قَمَرُ
ونَّاسُنَا -فى لِبَاسِنَا- سَهَرٌ
صَدِيقُنَا -فى مَعَاشِنَا- سَفَرُ
قُلُوبُنَا ذِكْرَيَاتُهَا اشْتَعَلَتْ
وحَظُّنَا في أرْوَاحِنَا ضَجَرُ
نُؤَمِّنُ النُّورَ فى مَلامِحِنَا
وأَمْنُنَا في أَحْدَاقِنا خَطَرُ
تَخَالُنا ضاحكينَ فى أَمَلٍ
لكنّنا -لو أَمْعَنْتَ- نَحْتَضِرُ..".
عقب هذا ألقى الشاعر محمد أبو العزايم قصيدته: (لِخُصلةٍ بيضاء)، التى يقول فيها:
"يمشى إلى غدك الطريقُ
وخلفه تمشى
وتُبطئُ حين يُسرعُ خَطوَهُ لتقوده.
يا أيها الماشى برىءَ البال من وجع التساؤلِ،
ليس إلا من سؤالٍ واحدٍ:
أأرحتَ قلبكَ؟
- لا؛
ولكن كان يكفى أن أُرَسِّمَ باليقين حدوده.
كفُّ السؤال الآن فى كفِ الإجابةِ
فاحترم جرحًا أصاب القلب من جهة الحقيقةِ؛
واحترس من مِلح أجوبةٍ جديدة.".
عقب هذا ألقى الشاعر مصطفى أبو هلال بعض أشعاره، ومنها قصيدته: (رحيلُ النَّرجَس) التى يقول فيها:
"كنتُ.. أمرُّ عليها صبحًا.. فاتحةً.. نافذةَ الزيتونِ على أبهاءِ مساجدِ عينيها.. وسدومُ الأمداءِ القاحلةُ، تنازعُ أطرافَ الغلَسِ .. فتنبسُ شفتاهَا العنبرُ".
ثم ألقى الشاعر محمود شريف، قصيدته: (وجهى)، والتى يقول فيها:
"قلمى الرصاص مُهيّأٌ للرسمة
الأولى وعالمىَ البسيط مُهيّأُ
وجهى: حضارتى الوحيدة، كِلمتى
الأولى، وما زالت تَبينُ وتُقرأُ
مأوى ملامحىَ الشريدة حين
أُصهَر فكرةً براقةً لا تصدأُ
قلبى الحقيقىّ الذى يبكى ويضحك..".
فيما ألقى الشاعر محمد عرب صالح بعض من قصائده، ومنها قصيدته (من كتاب الرمل)، التى يقول فيها:
"أَتَيتُكِ مِن كتابِ الرملِ مَحمولًا على التعبِ
وبى طَغَتِ الخيولُ..
بِيَ الطُّلولُ.. بِىَ النُّحولُ، وبِى..
غِنائى جَفَّ ذاتَ صبا ومزْمارِى بِلا ثُقَبِ
أجِيئكِ حيثُ لا مَرسَى إلىَّ سِوى عُيونِكِ خالفاتِ الوَعدْ
سِوى فَمِكِ المَحارِ، وكَفِّكِ الجُمّارِ
مِن قبلِ انفِراطِ العِقدْ..".
عقب هذا ألقى الشاعر محمد ملوك من أشعاره، وتضمن قصيدته: (مِن الفَراغِ تَجَمَّعْ):
"مِن الفَراغِ تَجَمَّعْ بُعَيدَ بيتٍ ومَطْلَعْ
يقولُ: "شِعرُكَ صَعْبٌ" -فهل مضغتَ لتَبلَعْ؟
وهل فَعَلتَ صَوابًا إن لم تكن ضِدَّ أو مَعْ؟
أنا نَبِيُّ المَعاني التى تَضُوعُ وتَلْمَعْ
لكن بُعِثتُ بقومٍ أَضَلَّ مِن قَومِ تُبَّعْ!
لهم دكاكين ُ تَهفو لكلِّ صاحبِ مَصنَعْ
وغازلاتُ شِباكٍ فى كلِّ مترٍ مُربَّعْ..".
ثم ألقى الشاعر أحمد حافظ، قصيدته: (نطفة)، والتى يقول فيها:
"قبل أن تتشيأ فكرته فى خيال الحياة..
كان يسبح فى عالمٍ هادئٍ..
لا يفكرُ فى أى شىء..
فقط كان يؤلمه أن تمر الليالى يعيشها وحيدًا،
وأن يتأمل نسيانهُ وهو يكبر فى عينه كالفراغ،
وأن يتجمد فى الوقت دون حوائط يأوى إلى ركنها،
وهو يشعل منتشفًا حقب الذكريات؛
فهو لا ينتمى إلى زمان يحن إليه،
ولا حاضر يرتديه قميصًا،
ولا يتخيل هيئته لو مشت نحوه الروح..".
ثم ألقى الشاعر محمود سلام أبو مالك، بعض من أشعاره، ومنها قصيدته: (من أنت؟)، التى يقول فيها:
"مَن أنتَ؟ قلتُ: أنا أنا. ابتسمَت وقالت: أنتَ هُم. ولمن تعيش؟ فقلتُ: لى. ابتسمت وقالت: بل لهم. عِش يا حبيبي للذين تحبهم.. تحيا حياتك مرتين.. واغرس ورودك فى قلوبهم اطمئنّ.. تجد بقلبِك وردتين.".
ختامًا ألقى الشاعر منتصر ثروت، بعض من قصائده، ومنها قصيدته: (الوجدُ الغامض)، التى يقول فيها:
"يا بسمةً تسطع فى دُرِّها
تبارك الذى به رصَّعَكْ
على مُحَيّا سال منه السَّنا
في قلبىَ الظمآن فاستودعَكْ
لما احتلَلْتِنى ولم تتركي
بي قطعةً إلا غدت مَخْدَعَكْ
إن تجتمعْ عليّ كُلُّ القوى
هيهات يا مُحْتَلّ أن تنزعَكْ
ومنجم العينين أسرارُهُ
تقول للحيران مَنْ أوقعَكْ
في لُجَّة السحر الذي ضاع فى
مرجانه خَلْقٌ كما ضَيَّعَكْ
وكلما غُصْتُ إلى المنتهى
زاد الغموضَ الوجدُ إذْ قَنَّعَكْ
فإن بَكَى تومض لي بسمةٌ
وإن تبسَّمْتِ أرى أدمعَكْ.".
وفى نهاية الأمسية، أشاد الناقد الأدبى الدكتور عاد ضرغام بلجنة الشعر بالمجلس؛ لكونها تفتح ذراعيها وأبوابها لكل مبدع، مهما كان شكل هذا الإبداع، ربما ينقلنا هذا إلى فكرة القالب؛ فإن بعض من تجارب الشعراء الذين قدموا أشعارهم فى هذه الأمسية، أثر القالب الشعرى على شعره أكثر من الفكرة، وكأن القافية فى بعض الأحيان تحرك القصائد، مما يجعل الأفكار تبدو وكأنها مبتورة وليس هناك سياق فكرى يستطيع أن ينظم هذه الأفكار، وعلى الجانب الآخر نجد فى نصوص شعراء مثل أحمد حافظ ومحمد جمال مدنى أن الفكرة هى المسيطرة أكثر من القالب، وفى مختتم حديثة أكد للشعراء الحضور أن النص الأدبى أعلى من أى نقد؛ فالشاعر مبدع لكن الناقد يُعد مفسرًا، والإشكالية الأساسية التى حدثت منذ العقود الأربعة الأخيرة؛ أنه كان هناك تعاظم من النقاد على فكرة المتابعة، ولا شك أنه ينبغى على النقد أن يعود.