صدر حديثاً رواية “قضية الكوراني” للروائي السيد الحراني، والرواية هي العمل الأدبي الثالث في سلسلة الكتب الأدبية للحراني والكتاب الحادي والأربعين في مجموع مؤلفاته حتى الآن، في مجالات مختلفة منها الدراسات الإجتماعية والسياسية و الصحفية و الفلسفة و الإسلام السياسي والتراجم والسير الذاتية والوثائق.. إلخ.
صدرت "قضية الكوراني" في 350 صفحة من القطع المتوسط، وهي تقدم جانب مشوق من ملئ بالإثارة والأحداث عن الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية المعاصرة داخل المجتمع المصري والعلاقات المتشابكة مع السلطة والصحافة والإعلام، وتركز على كيفية تحكم وإستخدام رأس المال من أجل صناعة أهداف وطموحات لوبي المصالح، وبناء المنصات المختلفة المسيطرة على الأجيال المعاصرة للتأثير والتوجيه الثقافي والسياسي وأيضا حماية مصالح البعض على حساب آخرون.. هكذا عبر المؤلف عن فحوى رسالته ومضمون روايته.
تتمتع صفحات الرواية بالسرد السلسل واللغة العربية السليمة، وتبدأ أحداثها من داخل حي الزمالك حيث يعيش بطلها داخل قصره الحصين، وتعتمد اسلوب البطل (الراوي) حيث نتعرف على أحداثها من خلال صوت بطلها الحاضر معنا منذ البداية وحتى نهايتها.
وبطل (قضية الكوراني) هو رجل الأعمال المصري سعيد الكوراني وهو الشخصية المحورية في الرواية، فهو ذو أصول ريفية عريقة وينتمي إلى أسرة معروفة أصر كبيرها وهو (الجد) الكوراني الكبير على تعليم حفيدة كل فنون الحياة واطلعه على الثقافات والحضارات المختلفة واصطحبه معه في الكثير من لقائاته مع الزعماء والقادة.
تبدأ الرواية من نقطة في منتهى السخونة وهي لحظة القبض على بطلها "سعيد الكوراني" واحتجازه وخضوعه لتحقيقات تكون سبب في التوقف عن الانشغال بالعمل الذي لم يحدث له طوال سنوات عمره ليسترجع شريط طويل من الذكريات والأحداث في محاولة للبحث عن إجابة للسؤال المحير لماذا تم القبض عليه الآن؟ وما هو المصير الذي سينتهي إليه؟!
"الكوراني" بطل الرواية هو رجل يمارس الأعمال التجارية في كل شئ وأي شئ استثمارات تجارية وعقارية وزراعية وصناعية لذلك كانت الوسيلة الوحيدة من أجل حماية كل هذه الاستثمارات صناعة حائط صد ودفاع قوي عنها حسب ما تشير أحداث الرواية، لذلك استثمر "الكوراني" في مجال الصحافة والإعلام وانشأ مؤسسة صحفية ضخمة وشارك آخرين في محطات فضائية كبيرة.
بالفعل تحققت الحماية في مرحلة من المراحل واستطاع أن يمارس أعماله في هدوء ولكن انتهى كل ذلك مع أحداث ثورة 25 يناير 2011 حيث أصبح هناك سياسيين جدد، وحكام مختلفون للمرحلة.
حاول بطل الرواية من خلال تجربته الحياتية وعلاقات أسرته ومصاهرات أبنائه وبناته وشركائه وأقاربه وأصدقائه في الداخل والخارج المهادنة والدخول في شراكات مع تنظيم الإخوان ولكن الأمر لم يطول ليرحل تنظيم الإخوان وتسقط مخططاتهم الإجرامية في ثورة 30 يونيو 2013 ويأتي نظام جديد اصطدم به وبالكثير من المعوقات والتحديات الجديدة، فدخل مع هذا النظام في صراع مرير لأسباب مختلفة كان على رأسها أن جزء من شراكاته الخارجية مع الأمريكان والألمان والإسرائيليين وغيرهم تتعارض مع الكثير من السياسات الجديدة، وأن مؤسسته الصحفية والمحطات الفضائية التي يمتلك أسهم فيها كانوا من الأسباب الرئيسية في إشعال فتيل الثورة في مصر، وأنه يحرك جزء من رأس ماله لأغراض خفية ليست في صالح الوطن والمواطن هكذا يروج منافسيه وهم كثر ويتهمه أعدائه وبعض أصدقائه القدامي في الجلسات الخاصة والعامة.
ولكن بطل الرواية "سعيد الكوراني" استطاع كعادته التغلب على كل جزء من تلك المعوقات ودخل سريعا في احضان النظام الحاكم الجديد.
لذلك كان الأمر الغريب والسؤال الحائر طوال أحداث الرواية لماذا تم القبض عليه؟ ولماذا أصبح صاحب واحدة من أهم وأشهر القضايا التي يتابعها الرأي العام المحلي والدولي؟!
وتنتهي الرواية بانتهاء فترة احتجازه وأيضا قضيته، وانشغاله الشديد بالبحث عن إجابات الأسئلة التي ظلت بلا إجابات طوال أحداث الرواية (لماذا حدث ما حدث؟ ومن وراء ما حدث؟!)
في رواية (قضية الكوراني) نقابل وجوه الجميع منذ ثورة 1919، مروراً بثورة 23 يوليو 1952، وثورة 25 يناير 2011، وثورة 30 يونيو 2013، حتى عام 2021 من سياسيين وفنانين وإقتصاديين وأطباء وصحفيين وإعلاميين ومحامين الأحزاب السياسية المعارضة والوطنية، ورؤساء حكومات وأيضا رؤساء دول، تدور جزء من أحداثها حول البرلمان والجيش والشرطة والقضاء والشعب، داخل مصر وامريكا وإسرائيل والإمارات ودول أخرى كثيرة.. حول الحكومات السياسية والحكومات الاقتصادية والفرق بينهما.
والجدير بالذكر أن السيد الحراني كاتب صحفي بمؤسسة أخبار اليوم، وباحث سياسي، وروائي مصري.. تخرّج في كلية الإعلام، جامعة القاهرة.. عضو نقابة اتحاد كتاب مصر شعبة الرواية، وعضو لجنة الإعلام بالمجلس القومي للمرأة، وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية.. صدر له: رواية «مارد»، مجموعة قصصية «خفايا القصور»، وكتب: «الجماعات الإسلامية من تاني»، «فلسفة الموت»، و«الإخوان القطبيون».. كما كتب ونشر مذكرات عدد من أعلام السياسة والفكر والثقافة والفن.. وقدم البرنامج التليفزيوني «مسافر بين الشك واليقين».