عقد فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم السبت بقصر الصخير بالبحرين، حوارًا مفتوحًا مع شباب البحرين وشباب منتدى "صناع السلام"، بحضور سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة ملك البحرين للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، للحديث مع الشباب والاستماع إلى أسئلتهم واستفساراتهم وتطلعاتهم وما يشغل بالهم، ومعرفة ما يواجههم تحديات في حياتهم اليومية، ونقل الخبرات إليهم وتوجيه النصائح بما ينفعهم ويجعلهم فاعلين في نشر سماحة الدين في أخلاقهم وتعاملاتهم.
ولم يُلق شيخ الأزهر كلمته التي أعدها للحديث إلى الشباب، وقال إن ما رآه من همة الشباب واستقبالهم لفضيلته بحفاوة وإقبال نحو النقاش المفتوح، دفعه إلى إلغاء كلمته المكتوبة، والحديث معهم من قلبه دون أي قيود في أسئلة أو استفسار، داعيًا الشباب إلى الحديث بكل أريحية في كل ما يشغلهم من قضايا واستفسارات.
وعبَّر الشباب الحاضرين عن شكرهم لقيادتهم الرشيدة على إعطائهم فرصة اللقاء مع قامة دينية ورمز إسلامي كبير لطالما أحبوه وتابعوا لقاءاته وكلماته في المحافل الدولية، وأنهم لديهم شغف كبير لهذا اللقاء والحوار مع شيخ الأزهر، معربين عن حب شعب البحرين وشبابه لمؤسسة الأزهر الشريف وعلمائها، وتحدَّث الشباب عن شعورهم بالأمل والحماس وتطلعهم لمستقبل أكثر إشراقًا وأملًا والتزامًا.
وتوجَّه شباب البحرين بمجموعة من الأسئلة إلى شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين حول تعامل الشباب مع المجتمعات الغربية؛ من حيث اختلاف الثقافات، وكيفية العمل في ظل التحديات التي يواجهها الشباب العربي، وفي ظل الصراعات وانتشار الأفكار المتطرفة والجماعات المتشددة، كما سأل الشباب عن تعاليم الإسلام في كيفية تقديم النموذج الأمثل للشاب المسلم، وخصوصًا وسط انتشار موجات الانفلات الأخلاقي.
وأجاب فضيلة الإمام الأكبر على أسئلة واستفسارات الشباب، ووجه لهم مجموعة من النصائح، جاءت كما يلي:
-أود لفت انتباه الشباب إلى قيمة العمل في الإسلام، فالعمل في الإسلام واجب وليس حقًّا، وهو واجب على الإنسان حتى آخر نفس في أنفاس المؤمن، والرسول ﷺ يقول: (إن قامتِ الساعةُ و في يدِ أحدِكم فسيلةً، فإن استطاعَ أن لا تقومَ حتى يغرِسَها فليغرِسْها)، وهذا حديث عظيم يبين قيمة العمل وفعل الخير وأهمية الحفاظ على البيئة والمجتمع، ولو اهتدت مجتمعاتنا بهذا الحديث في كل حياتنا لكان لنا وضع آخر.
- لابد وأن يتثقف أولادنا وبناتنا بالثقافة الإسلامية التي هي العاصم من الاهتزاز يمينًا أو شمالًا في ظل هذه الظروف الصعبة، وأن يعلموا أن دينهم دين يسر لا عسر، وألا ينشغلوا بالحكم على غيرهم، بل عليهم أن يطبقوا الإسلام في حياتهم وتعاملاتهم.
- أدعو الشباب العربي إلى التسلح بالأمل، وألا يتوقف الإنسان إذا أخفق، بل عليه أن يواصل الأمل والعمل، ورسول ﷺ يقول: (إذا اجتَهَد فأصاب فله أجرانِ، وإن اجتَهَد فأخطَأَ فله أجرٌ)، وهذا الحديث يجب أن يكون منهج حياة للجميع، وأن يقترن الاجتهاد والأمل بكل شيء في حياة الإنسان، فلولا الأمل ما كان العمل.
-لا وجود للحياة الوردية، فالحياة مليئة بالتحديات، وقد أخبرنا القرآن الكريم بذلك في قوله تعالى {لقد خلقنا الإنسان في كبد}، وخلقنا الله وهو الأعلم بطبيعتنا وحالنا، وخلق الشهوات والمغريات، وزودنا بالقدرة على التغلب على كل هذه التحديات إذا وعى الإنسان بدوره الحقيقي.
-نحن مستخلفون في الأرض لخلافة الله ولإعمار الكون، فدورنا الحقيقي هو تمثيل الله في عفوه وصفحه وكرمه وحمايته للضعيف، ونشر قيم الخير.
-عليكم بالتحلي بالقيم الإيجابية تجاه وطنكم وأمتكم وعدم الاستهانة بدور الفرد في تغيير حال المجتمع والأمة بل والعالم كله، ولكم في رسولنا الكريم القدوة والمثل.
-تحيطكم مغريات ودعوات شيطانية، من فكر متشدد ومتطرف آخذة في الانتشار، تستهدف تجييش عقولكم ومشاعركم، وإساءة استخدامها، وإبعادكم عن دينكم وإقصاء دوره وتوجيهاته الحكيمة وتعاليمه النبيلة من واقع حياتكم، فاحذروا من الاستماع لتلك الأصوات، وحصنوا أنفسكم بالقيم الدينية والأخلاقية القادرة على احتواء تنوعكم واختلافكم.
اعلموا أن الاختلاف سنة كونية، أرادها الله لتسيير الكون، ولو أراد الله لخلقنا جميعًا على نفس الدين والهيئة والفكر واللغة، ولكنه سبحانه يعلم ما لا نعلم، وأراد لنا نحن المسلمين أن تتعدد مذاهبنا وأخبرنا أن ديننا الحنيف يسعنا جميعًا.
-التنوع بيننا نحن المسلمين من سنة وشيعة ومدارس فكرية إسلامية أخرى، لا يعدو إلا أن يكون خلافًا فكريًّا، ولكن يجمعنا الاحترام والتقدير، وأود ان أخبركم أن مكتبتي الشخصية تحوي العديد من الكنوز التي كتبها كبار علماء الشيعة الذين أكن لهم تقديرًا واحترامًا كبيرين.
-بعض المغرضين يحاولون استخدام الاختلافات الفكرية بين مدارس الفكر الإسلامي لبث الفُرقة والطائفية خاصة في أوساط الشباب، فاحذروهم واستعدوا لمواجهتهم".