تعتبر زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للهند بداية لمرحلة جديدة من التواصل بين حضارتين تعد من أعرق الحضارات التي تعكس رغبة الدولتين الكبيرة لترجمة هذه العلاقة التاريخية إلى واقع يحقق مصالح الشعبين من التعاون فى مجالات حيوية واستراتيجية وإضافة لذلك فإن تاريخ الزيارة مهم للغاية حيث تأتي دعوة الرئيس كضيف رئيسي فى العيد الوطني للهند والاحتفال هذا العام بمرور 75 عامًا، على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما والتى شهدت تقارب فى وجهات النظر فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والعالمية.
ومعـروف أن التعاون بين الهند ومصـر لا يقتصر على صداقة استثنائية بين الرئيس جمال عبدالناصر ورئيس الوزراء جواهر لال نهرو، أدت إلى إبرام معاهدة بين البلدين فى عام 1955، وتأسيس حركة عدم الانحياز، لكن استمر فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى ومودى، حيث تعد مصر حاليًا واحدة من أهم الشركاء التجاريين للهند بقارة إفريقيا، وثالث أكبر سوق تصدير ل مصر عام 2021، كما تعد الهند سادس أكبر شريك تجارى ل مصر فى عام 2021، والشركات الهندية من أكبر المستثمرين الأجانب فى مصر، كما شهدت الفترة الماضية زيارات متعددة رفيعة المستوى من الهند إلى مصر، بدءًا من زيارة وزير الدفاع الهندى راجناث سينج فى سبتمبر 2022، وزيارة وزير الشؤون الخارجية الدكتور إس جايشانكار فى أكتوبر 2022، وسبق والتقى الرئيس مع رئيس وزراء الهند نارنيدرا مودى وأكد الرئيس حرص مصر على تطوير التعاون مع الهند فى جميع المجالات، كما أشاد بالإنجازات التنموية التى حققتها الهند، مؤكدًا على تطلع مصر للاستفادة من التجربة الهندية فى العديد من المجالات التى حققت فيها تقدمًا ملحوظًا، فيما أشاد رئيس الوزراء الهندى بحكمة ودور القيادة السياسية المصرية وما حققته من إنجازات أدت إلى دعم الأمن والاستقرار فضلاً عن المشروعات العملاقة خاصة مشروع تنمية منطقة قناة السويس الذى يوفر فرصًا واعدة للاستثمار يتطلع الجانب الهندى للاستفادة منهاويحرص رئيس وزراء الهند للبناء على الإرث التاريخى والحضارى الذي يربط بين الشعبين المصري والهندي.
إن الرئيس عبد الفتاح السيسي يستهدف من زيارته للهند وضع أفق جديد لتعاون استراتيجي كبير بينها والعالم العربي فى مجالات الإنماء البشري والاقتصادي وتوطين التكنولوجيا.
إن مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر، وإقامة محطات إنتاجه فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس المصرية سيكون هو أحد مجالات التعاون المستقبلي المهمة بين نيودلهي والقاهرة، حيث تتطلع مؤسسات هندية تعمل فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة والخضراء إلى الإسهام فى المخطط الاستثماري لمحطات إنتاج الهيدروجين الأخضر فى مصر، والتي تصل استثماراته إلى 8 مليارات دولار أمريكي، وتنتج 220 ألف طن من الطاقة النظيفة.