من خصائص الشريعة الإسلاميّة الغراء أنها جاءت شريعة كاملة، اشتملت على كثيرٍ من الأحكام والتشريعات والمسائل الفقهيّة التي تهمّ الناس في جميع جوانب حياتهم، وإن هذه الخاصيّة هي بلا شك من تمام الدين الذي نصّت عليه الآية الكريمة التي تلاها نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع.
قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
وتُعرّف البدعة في الإسلام بأنها استحداث للشيء من غير مثالٍ سابق، ومن هذا اللفظ قوله تعالى عن نفسه جل وعلا: (بَدِيعُ السَمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
ومعنى ذلك أن الله تعالى قد خلق السموات والأرض من غير مثالٍ سابق، ومنها كذلك قوله تعالى: (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِنَ الرُسُلِ) أي لم يكن النبي محمد عليه الصلاة والسلام أول رسولٍ ونبي يُبعث للناس، بل بُعث قبله الكثير من الأنبياء والرسل.
وقالت دار الإفتاء المصرية: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه، ومفهوم هذا الكلام النبوي البليغ أن من أحدث فيه ما هو منه فهو مقبول؛ تمامًا كما فعل سيدنا عثمان رضي الله عنه في الأذان الثاني يوم الجمعة، وهذا هو فهم الأئمة والمذاهب الفقهية المتبوعة، ولو لم نقل بذلك لضاقت على الناس معايشهم ولأصبح واجبًا عليهم ترك كثير من أمور حياتهم ومعيشتهم.
وأوضحت الإفتاء أنه العلماء يقسمون البدعة إلى أقسام: فمنها المباحة، ومنها المستحبة، ومنها المحرمة، ومنها المكروهة، ومنها الواجبة؛ أي إنها تعتريها الأحكام التكليفية الخمسة.
البدعة الحسنة
هي ما يُستحدث من الأمور الحسنة، وهي توافق السنة الحسنة التي تكلّم عليها النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف (من سنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حسنةً، فله أجرُها، وأجرُ مَن عمل بها بعدَه) [صحيح مسلم] ومن الأمثلة على السنة أو البدعة الحسنة جمع الفاروق رضي الله عنه الناس على صلاة التراويح في المساجد بينما لم يجتمعوا عليها من قبل، وكذلك ترقيم التابعي الجليل يحيى بن معمر للقرآن الكريم، ولم يكن مرقماً من قبل، فكل عملٍ لا يخالف القرآن الكريم والسنة النبويّة الشريفة أو الإجماع هو سنةٌ حسنة أو بدعة حسنة.
البدعة السيئة
أما البدعة السيئة المذمومة فهي استحداث أمرٍ ليس من الدين أو يخالف القرآن الكريم والسنة النبويّة وإجماع الأمة، وهي داخلة في معنى حديث النبي الكريم (من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌ)[صحيح البخاري] وكذلك تدخل في قول النبي وكل بدعةٍ ضلالة، ومن بدع السلوك التوسّل بقبور الأنبياء والصالحين، وإن البدعة السيئة قد تكون مكروهة وقد تكون محرّمة، أو قد تُخرج الإنسان من الدين بالكليّة.