قبل 72 عامًا سطّر الأبطال من رجال الشرطة المصرية ملحمةً كُتبت بأحرف من نور فى سجل الشرف والفداء لهذا الوطن، وستظل علامة فارقة فى تاريخ الشرطة المصرية، لتتوالى البطولة لرجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأبروا بقسمهم أن يحفظوا أمن واستقرار الوطن، وأن يقدموا أرواحهم فداءً له.
لم يكن جيل أحداث الإسماعيلية، الذي وقف صلبًا فى وجه المحتل الغاصب ليموت، لكنه من ذلك النبت الطيب توالت الأجيال من أبطال الشرطة يسطّرون ملاحم البطولة، ويعملون على حفظ الأمن الداخلي للوطن.
مراحل عصيبة مرت بها الدولة المصرية وكان رجال الشرطة حائط صد منيعًا فى مواجهتها مما جعلها هدفًا استراتيجيًا لقوى الشر من أجل إسقاطها وإحداث حالة من الفوضى بالبلاد.
لن ينسى التاريخ مراحل الإعداد الشيطانية، التي تم تمريرها بدعوى حرية التعبير من أجل التأثير على معنويات رجال الشرطة قبل أحداث يناير 2011، التي كشفت فيها كل الأوراق لذلك المخطط الشيطاني المستهدف للدولة المصرية بإسقاط مؤسساتها وعلى رأسها وزارة الداخلية.
حرصت أدوات إعلام الشيطان على مدى أكثر من 10 سنوات قبل 2011 على شيطنة الشرطة وعناصرها، بالإضافة إلى محاولات الاحتكاك المستمرة بها خلال التظاهرات، لكن أحداث المحلة كانت كاشفة لحجم الهدف الشيطاني (الفوضى) وواصلت قوى الشر عملها من خلال أدواتها الإعلامية وعناصرها المدرّبة على الاحتكاك بالقوى الأمنية بهتافات وعبارات تدفع بعناصر الشرطة للاحتكاك بهم وهو الهدف المنشود.. إلا أن رجال الشرطة التزموا التمسك بأقوى درجات ضبط النفس.
لقد كان المسار يستهدف الوصول إلى إسقاط الداخلية واستبدالها بالميليشيات المسلّحة، يعقب تلك المرحلة إسقاط القوات المسلحة، وهو المخطط الشيطاني الذي غاب عن أذهان واضعيه أن الدولة المصرية ليست دولة من الممكن أن تحطمها المؤامرات والدسائس لأنها تمتلك تاريخًا حضاريًا وثقافيًا وشعبًا واعيًا يؤمن بوطنه ويحافظ على مؤسساته.
أُطلقت المصطلحات خلال فترة صناعة الفوضى وكان فى مقدمها (تطهير الداخلية) كان الهدف الشيطاني هو صناعة ميليشيات مسلحة بعد أن وجهت الجماعة الإرهابية عناصرها لإحراق المقرات الأمنية فى كل محافظات الجمهورية خلال أحداث 2011، وبزعم ضبط الحالة الأمنية فى البلاد لمواجهة الخارجين عن القانون لضبط الشارع، خرجت قيادات الإرهابية ومعاونوها بذلك المصطلح وتركت مساحة للجماعات المسلحة للظهور إلا أن الدولة المصرية فطنت للمؤامرة وقام المشير طنطاوي فى ذلك الوقت، بتقديم كل أوجه الدعم لوزارة الداخلية لإعادة بناء المقرات الأمنية، وواصلت الدولة دعم الشرطة وأدرك الشعب حجم المؤامرة، وعملت الأجهزة الأمنية على تطوير وتحديث التسليح والتدريب ومنظومة العمل الشرطي من أجل مواجهة كل التحديات والعمل على استعادة وحفظ الأمن الداخلي فى البلاد.
لم يكن الأمر باليسير فسيناريوهات إسقاط الدولة المصرية كانت ترتكز على ثلاثة أضلع: الأول، إسقاط الداخلية، والثاني، إفقاد الشعب ثقته فى قواته المسلحة وإحداث الفوضى، والثالث، الدفع ب القوات المسلحة نحو الاصطدام بالشعب أو العكس.
فشلت كل المحاولات بوعي الشعب ورؤية مؤسسات الدولة لحجم المؤامرة والعمل على تفكيكها.
فبدأت قوى الشر فى صناعة أكبر حرب استنزاف واجهتها الدولة المصرية، من أجل التأثير عليها اقتصاديًا وأمنيًا وعسكريًا وتدمير جدار الثقة بين الشعب وقيادته.
فكانت أكبر وأشرس معارك الحروب غير النظامية (الإرهاب) لتدفع الشرطة المصرية و القوات المسلحة فاتورة تلك المعركة من دماء وأرواح الأبطال من الشهداء والمصابين.
وتثبت الشرطة المصرية من جديد أن الأبطال الذين تصدوا للإرهاب وهم يدافعون عن أمن واستقرار الدولة هم أحفاد الأبطال البواسل الذين وقفوا فى وجه المحتل عام 1952، رغم أسلحتهم الخفيفة، فى مواجهة دباباته ومدفعيته وجنود بلغ تعدادهم 10 أضعاف القوة المصرية، وظلوا يدافعون عن شرف الوطن حتى آخر طلقة معهم، ليستحقوا التحية من العدو.
ففي معركة استمرت لأكثر من سبع سنوات منذ 2012 وحتى 2019 أعلنت مصر بعدها انتصارها على الإرهاب، سطّر الأبطال العديد من الملاحم وهم يذودون عن أمن واستقرار الوطن.
ولأن الأمن والاستقرار هما الركيزة الأساسية لبناء الدول ونهضتها عملت وزارة الداخلية على تطوير أدواتها لتطوير الخدمات الأمنية المقدمة للمواطنين، وكذا العمل على تطوير الاستراتيجية الأمنية نظرًا لتعاظم التحديات فى ظل محيط مضطرب وعالم يموج بالصراعات والمتغيرات.
فخلال الفترة الماضية تم العمل على تقويض نشاط الإرهاب وتفكيك هياكله وتجفيف منابع تمويله، إلا أنه يظل خطرًا قائمًا.
وهو ما أكده اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، خلال كلمته، أن الأمر يستوجب استمرار اليقظة الأمنية فى ضوء محاولات التنظيمات الإرهابية استغلال تراجع الأوضاع الأمنية بالمنطقة لإعادة التمركز وتكوين بؤر جديدة تتخذها منطلقًا للتمدد واستعادة قدراتها، كما تنشط تلك التنظيمات فى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب الشباب وتدريبه افتراضيًا ودفعه للقيام بأعمال عنف تستهدف مقدرات بلاده.
إن المعركة التي تواجهها قوات الشرطة من أجل الحفاظ على أمن واستقرار الدولة المصرية تزداد شراسة فى ظل المتغيرات الإقليمية، لما لها من تداعيات على الأوضاع الداخلية للدول؛ لكن رجال الشرطة يقفون فى المواجهة دائمًا للذود عن الوطن.
لقد نجحت وزارة الداخلية خلال السنوات الماضية فى تطوير وتحديث المنظومة الأمنية من أجل العمل على رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين فى قطاعاتها المختلفة، وبما يتوافق مع رؤيتها ودورها فى تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
فقد عمدت إلى رقمنة الخدمات وتقديم خدمة ذات مستوى عالٍ فى قطاعات المرور والأحوال المدنية والأدلة الجنائية والجوازات وغيرها من القطاعات، التي تقدم خدمات للمواطنين، كما حرص قطاع الإعلام فى وزارة الداخلية على مواجهة أخطر حروب الجيل الرابع (الشائعات) بالعمل على مواجهتها بنشر الحقائق وتقديم المعلومات الدقيقة والتعاون مع كل وسائل الإعلام.
(2)
خلال الاحتفال ب عيد الشرطة حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته على كشف حجم ما بذله رجال الشرطة من تضحيات خلال معركة الدولة المصرية فى مواجهة الإرهاب.
وخلال حواره مع الإعلاميين والمثقفين على هامش الاحتفال وفى إطار الحوار الدائم والمكاشفة بين الرئيس والشعب المصري، كانت هناك العديد من الرسائل التي يجب أن نتوقف عندها.
الرسالة الأولى: مصر دولة قوية على مر الزمان وتستمد قوتها من شعبها، فتحية إلى الشعب المصري الذي استطاع أن يصبر فى مواجهة التحديات، خاصة المواطن البسيط ومتوسط الدخل الذي أثرت عليه الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير وتحمل من أجل الحفاظ على الوطن.
وهي رسالة تؤكد أن القيادة السياسية تدرك حجم ما يتحمله المواطن من أعباء فى هذه المرحلة الفارقة فى تاريخ الدولة المصرية، التي ستعبرها مصر بإذن الله باصطفاف الجميع حول الوطن والعمل والإنتاج من أجل استكمال البناء.
الرسالة الثانية: مصر ستواصل دورها الوطني بالوقوف بجانب الأشقاء الفلسطينيين حتى انتهاء الأزمة والوصول إلى حل بشأن إعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وسيظل معبر رفح مفتوحًا دائمًا من أجل وصول المساعدات إلى الأشقاء، ولن تؤثر علينا الشائعات، التي تحاول النيل من وقوفنا بجانب الأشقاء الفلسطينيين.
كما أن موقفنا من تطورات الأوضاع فى قطاع غزة واضح منذ البداية ولن نقبل بتصفية القضية على حساب دول الجوار.
الرسالة الثالثة: الدولة بكل أجهزتها تعمل من أجل تحقيق الأمن بمفهومه الشامل.
الرسالة الرابعة: تطورات الأوضاع فى المنطقة والأزمات على الحدود المصرية كان لها تأثير على الأوضاع الاقتصادية، وقد كانت قدرة المواطن على تحمل تلك الأوضاع إحدى ركائز نجاح الدولة المصرية فى مواجهة تلك الأزمات وباستمرار المصريين على قلب رجل واحد ستكون الدولة المصرية أكثر قوة.
الرسالة الخامسة: عدم استقرار الدول يكلّفها الكثير مما يؤثر عليها اقتصاديًا فقد خسرت مصر 450 مليار دولار عقب أحداث 2011، بالإضافة إلى عدم استقرار الأوضاع بالمنطقة كان له تأثير سلبي على الدولة.
الرسالة السادسة: كان أمام الدولة أحد أمرين إما التحرك فى اتجاه بناء الدولة ومواجهة التحديات وإما تأجيل التحرك، والمسار الأول سيتحمل المواطن نتائج ذلك لكن نكون قد نجحنا فى عبور مرحلة صعبة، أما المسار الثاني وفى ظل الخسائر الرهيبة فى كل القطاعات عقب 2011 والزيادة السكانية التي وصلت حتى الآن حجمها إلى 26 مليون نسمة خلال 13 عامًا، وهو ما يمثل عبئًا إضافيًا وفى تلك الحالة كانت الأوضاع ستكون كارثية.
لكن اختيار المسار الأول وهو التحرك نحو بناء الدولة مع تحمل التأثيرات الناتجة عن ذلك جعلنا نعبر أزمة كورونا خلال فترة عجز سلاسل الإمداد العالمية وغيرها من الأزمات.
الرسالة السابعة: حل أزمة الدولار سيكون بمثابة حل للعديد من الأزمات وسيتم العمل نحو حل هذه الأزمة لكن علينا أن ندرك أن جزءًا كبيرًا من حلها يعتمد على زيادة التصدير والتصنيع المحلي، مما يقلل من عمليات الضغط فى الطلب على الدولار، وهو ما تعمل عليه الدولة المصرية فى المرحلة الحالية.
الرسالة الثامنة: نحن نرفض توسيع الحرب فى المنطقة ونعمل جاهدين على وقف الحرب، كما نرفض المساس بأمن واستقرار الدول ووحدة أراضيها، ولن نسمح بالمساس بالأمن القومي المصري.
إلى محمد صلاح..
ستظل فخرًا لنا جميعًا، وسنظل ندعو لك بالتوفيق وندعو لك بالشفاء العاجل لتعود إلى صفوف المنتخب قريبًا، ولن توقفنا أبواق السوشيال ميديا التي يحركها الذباب الإلكتروني للنيل من بطل مصر وفخر المصريين جميعًا.
إن محاولات بث روح السلبية تجاه محمد صلاح بين الشباب هي محاولة شيطانية من قِبل البعض لتحطيم القدوة عند الشباب.
لكن مصر دائمًا فخورة بأبنائها المخلصين وسنظل نهتف ونصفق لأسطورة الكرة المصرية « مو صلاح » رغم كيد الحاقدين