الدولار وتحديات الحكومة

رغم برودة شتاء القاهرة إلا أن درجة حرارة الأسعار ألهبت الجيوب وجعلت برد الشتاء يزداد قسوةً على البسطاء "الغالبية الأعم من الشعب المصري" تلك الحالة التي يعيشها الشارع، بالإضافة إلى حالة التوتر والاضطراب المتسارع وأزمات متلاحقة في المحيط الإقليمي مما يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي والمحلي، حالة من الترقب لدى الكثيرين والخوف من المستقبل لدى البعض، أما القليل ممن ملأت خزائنهم، وبطونهم، وجيوبهم من تلك الأزمة فهم يحرصون على سكب مزيد من الوقود على النار لتظل مشتعلة ويرتفع لهيبها لضمان استمرار السيل الجارف من الأموال الحرام إلى خزائنهم، غير مبالين بما يصنعون في الوطن أو بمن يقتلون من البسطاء، هؤلاء الذين خلقتهم الأزمة المحاكة باحترافية وفكر شيطاني كأحد مسارات إسقاط الدول بأيدي الشعوب من الداخل.

وأنا هنا أرى أن كلمة الشعوب التي يقصدها مُخطِط الفكر الشيطاني هم أصحاب الضمائر الخربة، من تجار الأزمة.. عاونهم على ذلك بطء مواجهتهم وفساد البعض ممن غابت ضمائرهم، ففي الوقت الذي ترتفع وتتصاعد فيه وتيرة الأحداث فى المنطقة بالاتجاه نحو مزيد من الأزمات، يواصل المتربحون من دماء الشعوب غيّهم وهو ما يستوجب الضرب على أيديهم بيد من حديد حتى يرتدعوا، وإلا سيستمرون فى دفعهم للأزمة لتصل إلى مرحلة الانفجار المدمر لتأكل الأخضر واليابس، فهم لا يعبأون بالأوطان، لكني أثق بأن هذا لن يُسمح له بالحدوث وأتمنى أن يتم الإسراع باتخاذ الخطوات المناسبة فى أسرع وقت.

(1) حالة الاشتعال التي يحاول البعض سكب مزيد من الوقود عليها فى السوق الموازية للدولار ليست عشوائية، لكنها تدار من قِبل عناصر تستهدف الإضرار بالاقتصاد المصري والدولة المصرية ودعونا نكون أكثر واقعية فى تلك القضية.

السوق الموازية للدولار و الريال السعودي يقف خلفها مجموعات تعمل فى الخارج وأخرى فى الداخل منذ عام 2018 وليست وليدة الأزمة الأخيرة، فمنذ ذلك التاريخ وقد بدأت تلك المجموعات بالعمل على تقليل حجم تحويلات المصريين فى الخارج من العملة الأجنبية، فبدأت عمليات شراء النقد الأجنبي من المصريين العاملين بالخارج، وتحويل المقـــــــابل بـــالجنيــه المصري من خلال عناصر داخل مصر تقوم بتحويل الأموال لأسر العاملين فى الخارج، فيستفيد المغترب وأسرته من فارق العملة.

وتستفيد عناصر الشيطان من عملية منع وصول الدولار إلى مصر، ولكي تدير منظومتها بشكل غير ملفت للنظر فهي تستغل مواسم وفترات محددة للتغطية على تحركاتهم باتجاه تنفيذ المخطط الشيطاني، مثل مواسم الحج والعمرة أو فترات سداد أقساط القروض، أضف إلى ذلك توسع تلك الشبكات خلال الفترة الأخيرة بشكل كبير، وقد ذكّرني هذا الأمر، بما كان يحدث من فساد ضرب المحليات وكان أحد أسباب انتشار العشوائيات فى محافظات مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية، فقد كان «الكاحول» هو من يتحمل كل المخالفات التي يتم إجراؤها من قِبل موظفي الأحياء.

ودائمًا ما يكون شخصًا طاعنًا فى السن يتم عمل كل الأوراق باسمه ويقوم تجار الفساد بمنحه مبلغًا من المال مقابل ذلك مع توقيعه على أوراق الضد لضمان أموالهم، وليعيثوا هم فسادًا بالتعاون مع بعض موظفي المحليات من ضعاف النفوس وغائبي الضمائر، وتتحمل الدولة نتيجة هذا الفساد عندما تريد إصلاح ذلك القُبح، فقد تحملت الدولة المصرية وأنفقت 350 مليار جنيه للقضاء على العشوائيات خلال الفترة الماضية وهو ما يعد بمثابة علاج لفساد وقع ولم تتصدَ له الدولة بالشكل المناسب، نعود إلى أزمة الدولار فخلال الفترة الماضية، وبالتحديد عقب أزمات كورونا و الأزمة الروسية الأوكرانية وجدت عناصر الشيطان ضالتها بقوة لاستغلال الأوضاع الاقتصادية والدفع بترويج مفهوم الاستثمار فى الدولار مما زاد من حجم الطلب على الدولار فى الداخل.

وعلى الجانب الآخر كانت العناصر الخارجية تقوم بالحيلولة دون وصول الدولار إلى مصر خاصة أنهم يدركون أن موارد الدولة المصرية تعتمد بشكلٍ كبير على تحويلات المصريين فى الخارج وقناة السويس والسياحة بشكل أساسي، بالإضافة إلى الصادرات البترولية وغير البترولية.

وهنا كان التحرك نحو ضرب أحد أهم أعمدة تدفقات النقد الأجنبي " تحويلات العاملين فى الخارج " والتي انخفضت خلال العام المالي 2022 / 2023 لتصل إلى 22.1 مليار مقابل 31.9 مليار، بحجم انخفاض بلغ 9.8 مليار دولار ليحقق فجوة ضخمة فى التدفقات الدولارية فى ظل انخفاض الصادرات غير البترولية لذات العام بنسبة 3.3%.

أضف تعليق