تحتفل وزارة الأوقاف، اليوم الأربعاء، ب ذكرى الإسراء والمعراج في مسجد السيدة نفيسة -رضي الله عنها- عقب صلاة العشاء.
وقال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف: تحدث القرآن الكريم عن الإسراء والمعراج بما يتسق وعظمة هذا الحدث، وأفرد له سورة عظيمة في القرآن الكريم هي سورة الإسراء، واستهلها بقوله تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"، في ربط عظيم بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى لتظل العلاقة بينهما قائمة في عقول وقلوب المسلمين إلى أن يرث الله (عز وجل) الأرض ومن عليها، فمن المسجد الحرام كان إسراء سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، إلى المسجد الأقصى، ومنه كان معراجه (صلى الله عليه وسلم) إلى السماوات العلا، ليرى من آيات ربه الكبرى، حيث يقول الحق سبحانه في سورة النجم: "وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى" .
ومن هذه الآيات إحياء الأنبياء ليؤمهم سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالمسجد الأقصى، ورؤية من رآه منهم بالسموات العلا، حتى انتهى (صلى الله عليه وسلم) إلى سدرة المنتهى .
ومن أهم دروس هذه الرحلة المباركة، درس الفرج بعد الشدة، ومعية الله لعباده المؤمنين، وضرورة الصبر وعدم اليأس مهما كان أمر الصادين عن دين الله (عز وجل)، فإذا ضاق الأمر اتسع، فبعد وفاة أبي طالب والسيدة خديجة (رضي الله عنها) اشتد الأذى برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، فكانت هذه الرحلة العظيمة ليرى (صلى الله عليه وسلم) من آيات ربه الكبرى ما يزداد به إيمانًا على إيمانه، ويقينًا على يقينه، وثباتًا على ثباته، فمن كان مع الله كان الله معه، وإذا كان الله معك فلا عليك بعد ذلك بمن عليك ومن معك، فالأمر أمره، والحكم حكمه، والكون كله في قبضته، فعلينا أن نتحلى بالشكر عند النعماء، والصبر عند الشدة والبأساء، وندرك أن لكل ضيق سعة، ولكل هم فرجًا، وكل شدة إلى زوال، وقد قالوا لا يغلب عسر يسرين، حيث يقول الحق سبحانه: " فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا".
فالصبر واليقين هما طريق التمكين، حيث يقول الحق سبحانه: "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ"، فما أحوجنا إلى الصبر واليقين، والتأسي بسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي تحمل في سبيل دعوته وإبلاغ رسالة الله (عز وجل) ما لم يتحمله أحد من الخلق، حتى أتم الله (عز وجل) له الفضل والنعمة، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وتحقق ما قاله (صلى الله عليه وسلم): "واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ".