أقوال العلماء في الاحتفال بيوم ميلاد النبي "صلى"

أقوال العلماء في الاحتفال بيوم ميلاد النبي "صلى" الاحتفال بيوم ميلاد النبي

الدين والحياة13-9-2024 | 14:57

نص جمهور العلماء على أنه يندب تعظيم يوم ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإبراز الشكر له؛ وذلك بصيامه والإكثار من الذكر والدعاء والعبادة وقراءة القرآن ونحو ذلك من مظاهر الشكر والتعبد لله احتفاء بمولده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما جرى عليه عمل أهل الأمصار.

فحكى مفتي مكة المكرمة قطب الدين النهروالي الحنفي [ت: 990ه] في "الإعلام بأعلام بيت الله الحرام" (ص: 196، ط. العامرة العثمانية) عمل أهل مكة في زيارة موضع ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة المولد المحمدي؛ فقال: [ويزار في الليلة الثانية عشر من شهر ربيع الأول كل عام، فيجتمع الفقهاء والأعيان على نظام المسجد الحرام والقضاة الأربعة بمكة المشرفة بعد صلاة المغرب بالشموع الكثيرة والمفرغات والفوانيس والمشاعل، وجميع المشايخ مع طوائفهم بالأعلام الكثيرة، ويخرجون من المسجد إلى سوق الليل، ويمشون فيه إلى محل المولد الشريف بازدحام .. ويأتي الناس من البدو والحضر وأهل جدة وسكان الأودية في تلك الليلة، ويفرحون بها، وكيف لا يفرح المؤمنون بليلة ظهر فيها أشرف الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم، وكيف لا يجعلونه عيدا من أكبر أعيادهم].

ثم رد على المنكرين على ذلك تحت دعوى أن ذلك لا يصح شرعا وأنه بدعة لم تحك عن السلف؛ بأنه: [بدعة حسنة، تتضمن تعظيم النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بالذكر والدعاء والعبادة وقراءة القرآن، وقد أشار صلى الله عليه وآله وسلم إلى فضيلة هذا الشهر العظيم؛ بقوله صلى الله عليه وآله وسلم للذي سأله عن صوم يوم الإثنين: «ذاك يوم ولدت فيه»، فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي هو فيه، فينبغي أن يحترم غاية الاحترام؛ ليشغله بالعبادة والصيام والقيام، ويظهر السرور فيه بظهور سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام].

وقال الإمام ابن الحاج المالكي في "المدخل" (2/ 2-3، ط. دار التراث): [وفضيلة الأزمنة والأمكنة بما خصها الله تعالى به من العبادات التي تفعل فيها؛ لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تتشرف لذاتها، وإنما يحصل لها التشريف بما خصت به من المعاني، فانظر -رحمنا الله وإياك- إلى ما خص الله تعالى به هذا الشهر الشريف ويوم الاثنين، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم ولد فيه، فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به؛ وذلك بالاتباع له صلى الله عليه وآله وسلم في كونه عليه الصلاة والسلام كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات].

وقد ساق كلامه على عمل المولد: الحافظ السيوطي الشافعي في رسالته "حسن المقصد في عمل المولد" المتضمنة في "الحاوي للفتاوي" (1/ 226-229، ط. دار الفكر)، والعلامة الصالحي في "سبل الهدى والرشاد" (1/ 371-372، ط. دار الكتب العلمية)، وصدرا ذلك بالثناء عليه بقولهما: [وقد تكلم الإمام أبو عبد الله بن الحاج في كتابه "المدخل" على عمل المولد، فأتقن الكلام فيه جدا].

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف" (ص: 95-96، ط. دار ابن حزم): [وفي قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل عن صيام يوم الإثنين: «ذاك يوم ولدت فيه، وأنزلت علي فيه النبوة» إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده، فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة: إظهار محمد صلى الله عليه وآله وسلم لهم، وبعثته وإرساله إليهم؛ كما قال تعالى: ﴿لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم﴾، فإن النعمة على الأمة بإرساله، أعظم من النعمة عليهم بإيجاد السماء والأرض والشمس والقمر والرياح والليل والنهار وإنزال المطر وإخراج النبات وغير ذلك.. فصيام يوم تجددت فيه هذه النعم من الله على عباده المؤمنين: حسن جميل، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر، ونظير هذا: صيام يوم عاشوراء حيث أنجى الله فيه نوحا من الغرق، ونجى فيه موسى وقومه من فرعون وجنوده وأغرقهم في اليم؛ فصامه نوح وموسى شكرا لله، فصامه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متابعة لأنبياء الله، وقال لليهود: «نحن أحق بموسى منكم»، وصامه وأمر بصيامه].

وقال الإمام الصنعاني في "سبل السلام" (1/ 581، ط. دار الحديث): [وعلل صلى الله عليه وآله وسلم شرعية صوم يوم الإثنين بأنه ولد فيه، أو بعث فيه، أو أنزل عليه فيه، وكأنه شك من الراوي، وقد اتفق أنه صلى الله عليه وآله وسلم ولد فيه وبعث فيه، وفيه دلالة على أنه ينبغي تعظيم اليوم الذي أحدث الله فيه على عبده نعمه بصومه والتقرب فيه، وقد ورد في حديث أمامة تعليل صومه صلى الله عليه وآله وسلم يوم الإثنين والخميس بأنه يوم تعرض فيه الأعمال وأنه يحب أن يعرض عمله وهو صائم، ولا منافاة بين التعليلين].

أضف تعليق

قدرات الدولة المصرية و حماية الأمن القومي

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2