بالتزامن مع أجواء الاحتفالات بالعيد الوطني الرابع والخمسين للنهضة العُمانية المتجددة، افتتح السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، مستشفى المدينة الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية ـ مسقط، في الحادي عشر من نوفمبر الجاري، ليمثل مُنجزاً وطنياً آخر لنهضة سلطنة عُمان المتجدّدة.
يأتي افتتاح مستشفى المدينة الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية ليحقق أهمية استراتيجية تكمن في التكاملية بين كل المؤسسات الصحية بجميع تفرعاتها العسكرية والأمنية والمدنية وتعاضدها من أجل تحقيق هدفها الأسمى المتجسد في الأمن الصحي.
نقلةٌ كبيرةٌ للقِطاع الصحِّي في عُمان
إنَّ افتتاحَ المدينةِ الطبيَّة للأجهزةِ العسكريَّة والأمنيَّة في مسقط نقلةٌ كبيرةٌ للقِطاع الصحِّي عمومًا، بجانبِ دَوْرِها في توفيرِ رعايةٍ صحيَّة متميِّزة لِمُنتسبِي الأجهزةِ العسكريَّةِ والأمنيَّة وأُسَرهم، وتوفيرِ الرِّعاية الصحيَّة المتكاملة لِمُنتسبِي الأجهزةِ العسكريَّةِ والأمنيَّة وعائلاتِهم وبعضِ الفئاتِ الأُخرى، كما أنَّها ستكُونُ نواةً لِمُخطَّطٍ كبير، حيثُ توجدُ إمكانيَّةٌ لإنشاءِ فروعٍ في المحافظات الأُخرى بحسبِ احتياجاتِ القِطاعات المختلفة، وهو ما سيُشكِّلُ رافدًا جديدًا لِمؤسَّساتِ القِطاع الصحِّي العاملةِ في سلطنة عُمان، خصوصًا مع التَّخطيط لِتَوسيعِ نطاقِ الرِّعايةِ لِيشملَ المُستحِقِّين من مختلفِ أنحاءِ السَّلطنة وفقَ الإمكاناتِ الماليَّة المُتاحة، كما سيكُونُ لهَا دَوْرٌ كبير في تحديثِ البنيةِ الأساسيَّةِ الصحيَّة، واستثمارِ التقنيَّاتِ الحديثة لِتَحسينِ جودةِ الخدمات، وإعدادِ وتأهيلِ وتطويرِ الكوادرِ المُتخصِّصة لِضَمانِ استدامةِ الخدمةِ الصحيَّة في المدينة.
ولعلَّ أهمَّ ما يُميِّز هذه المدينة الواعدة هو استخدام الكوادر المُتاحةِ من الأجهزةِ العسكريَّة، مع إمكانيَّة التَّعاون مع القِطاع الخاصِّ حسبَ الحاجةِ، ما يجعلُها خطوةً استراتيجيَّة لتعزيزِ قدراتِ القِطاع الصحِّي العسكري والأمني في السَّلطنة، عَبْرَ تقديمِ خدماتٍ طبيَّةٍ عاليةِ الجودة، ممَّا يُعزِّزُ جاهزيَّةَ البلاد في هذا المجال، بالإضافة إلى ذلك تُشكِّلُ المدينةُ نموذجًا فريدًا للرِّعاية يُحقِّقُ تنميةً صحيَّةً مستدامة، تدعمُ الأمْنَ الصحِّي الوطني، خصوصًا وأنَّها تحظى بميزانيَّة سنويَّة مستقلَّة تَضْمنُ استمراريَّةَ تمويلِها وتطويرها، كما تمَّ إعفاؤها من الضَّرائبِ والرسوم، وهو ما يُعظِّمُ تَوْجيهَ المواردِ المُتاحةِ بشكلٍ أكبر نَحْوَ تطويرِ وتحديثِ الخدماتِ المُقدَّمة، لِتكُونَ إضافةً قويَّةً للمنظومةِ الصحيَّةِ العُمانيَّة، الَّتي أثبتَتِ التَّجاربُ قوَّتَها وتطوُّرَها الدَّائم.
ويأتي التَّصميمُ المتكاملُ لهذا الصَّرحِ العملاق، والَّذي شُيِّد وفقَ أعلَى المعاييرِ وأرقَى النَّماذجِ المعماريَّة، الَّتي تستلهمُ من روائعِ العمارةِ العُمانيَّةِ التَّاريخيَّة النّموذج المُتفرِّد، تأكيدًا على المزجِ الحضاري، الَّذي تسعَى إِلَيْه سلطنة عُمان بالقيادة السَّامية للسُّلطان هيثم بن طارق، بَيْنَ الإرثِ المعماريِّ المميَّز، ورفدِها بأحدَثِ المواصفاتِ العالَميَّة المُتقدِّمة وتزويدِها بأحدَثِ التقنيَّاتِ من الأجهزةِ والمعدَّاتِ الطبيَّة وفي مختلفِ التَّخصُّصات.
إنَّ المدينةَ الطبيَّةَ الواعدة تتجاوزُ بالتَّأكيدِ دَوْرَ تقديمِ الخدمةِ الصحيَّة المميَّزة، فهي تُمثِّل مركزًا لِتَطويرِ السِّياساتِ الصحيَّةِ المُتعلِّقةِ بالأجهزةِ العسكريَّة والأمنيَّة، وتوفيرِ التَّدريبِ اللَّازمِ للكوادرِ الصحيَّة، ممَّا يجعلُها عنصرًا رئيسًا في رفعِ كفاءةِ القِطاعِ الصحِّي الوطني، عَبْرَ صلاحيَّاتٍ واسعةٍ لِتَطبيقِ خططِ تشغيلٍ ذاتيٍّ بالاعتمادِ على الكوادرِ المُؤهَّلة، وضمانِ توافُقِ المعدَّاتِ والموادِّ الطبيَّة مع أعلَى المواصفاتِ الفنيَّة.
وأكد الدكتور هلال بن علي السبتي وزير الصحة، أن هذا الصرح الطبي يعد جزءًا مهمًّا ومحورًا رئيسًا من محاور الأمن الوطني، موضحا أن مثل هذه المنجزات والمشروعات الراسخة على أسس متينة تضع سلطنة عُمان في مصاف الدول المتطورة في مجال كفاءة وجودة الخدمات الصحية، ويحقق لها الدبلوماسية الصحية مضيفاً أن سلطنة عُمان ماضية في طريق التطوير والتحديث الصحي متخذة من حتمية أن المواطن العُماني هو محور الأساس للتنمية ومقاصدها.
وأوضح وزير الصحة العُماني، أن المدينة الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية تشكل فضاءً واسعًا يضم نخبة وكفاءات من ثروة الموارد البشرية المختصة في المجال الصحي، وسيتيح هذا الصرح المزيد من فرص استقطاب وتوظيف وتدريب الكوادر الوطنية، وسيكون بيئة تحفيزية للتعليم والبحث والدراسات الصحية، بالإضافة إلى الدور الأساسي والمهم في تقديم الرعاية الصحية والخدمات الطبية لمنتسبي الأجهزة العسكرية والأمنية وعائلاتهم مما يسهم في تحقيق التكامل والتعاون من أجل تجويد الخدمات الصحية في سلطنة عُمان.
أولوية الصحة في "رؤية عُمان ٢٠٤٠"
وأكد الدكتور هلال بن علي السبتي، على أن أولوية الصحة في "رؤية عُمان ٢٠٤٠" تأتي ضمن محور الإنسان والمجتمع والتوجه الاستراتيجي لنظام صحي رائد بمعايير عالمية.
أوضح أنّ الأولوية تسعى إلى تحقيق خمسة أهداف تتمثل في: مجتمع يتمتع بصحة مستدامة تترسخ فيه ثقافة (الصحة مسؤولية الجميع) ومصون من الأخطار ومهددات الصحة، ونظام صحي يتسم باللامركزية والجودة والشفافية والعدالة والمساءلة، ومصادر تمويل متنوعة ومستدامة للنظام الصحي، وكوادر وقدرات وطنية مؤهلة ورائدة في البحث العلمي والابتكار الصحي، وأنظمة وخدمات طبية تقنية ورعاية صحية وقائية وعلاجية ذات جودة عالية بجميع مستوياتها.
وأشار وزير الصحة العُماني إلى أن برامج التغطية الصحية الشاملة والمشاريع الخاصة بها تأتي من خلال إنشاء المراكز الصحية ورفع كفاءة المراكز الصحية إلى مستشفيات وإنشاء مستشفيات جديدة، وتوسعة المستشفيات وإنشاء مختبر مركزي ووحدات غسيل الكلى.
وذكر وزير الصحة، أن الاستراتيجية الوطنية للصحة الرقمية والتحول المأمول في النظام الصحي، تأتي لتقديم نموذج رعاية صحية أكثر استدامة، ونظام معلومات صحي تصنع منه القرارات، واستدامة توفر المنتجات الطبية والصيدلانية اللازمة وتوطين الصناعات وقيادة لامركزية مرنة.
الخطة الخمسية العاشرة للتنمية الصحية ٢٠٢١ ـ ٢٠٢٥
كانت وزارة الصحة قد دشنت، الخطة الخمسية العاشرة للتنمية الصحية ٢٠٢١ ـ ٢٠٢٥ التي تهدف إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية لأولوية الصحة في رؤية عُمان٢٠٤٠. وترتكز الخطة على عدد من المرتكزات أهمها رؤية عُمان 2040 والنظرة المستقبلية للصحة 2050، وأهداف التنمية المستدامة وبرنامج عمل منظمة الصحة العالمية والإعلان السياسي للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها وإعلان صلالة حول التغطية الصحية الشاملة 2030 والاتفاق العالمي الرامي إلى المضي قُدمًا نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة.
وتشتمل الخطة على خمسة أهداف استراتيجية ومبادرات أساسية ذات أولوية، و/43/ نتيجة متوقعة تشترك فيها الوزارة بما فيها المديريات المركزية والمديريات العامة للخدمات الصحية بالمحافظات حسب مستويات التنفيذ.
وقد وُضِعت الخطة الخمسية العاشرة للتنمية الصحية لوزارة الصحة لتتواءم مع الخطة الوطنية للصحة التي تشترك فيها الجهات الحكومية والخاصة المقدمة للخدمات الصحية في السلطنة بهدف ترسيخ ثقافة التخطيط والتنفيذ المشترك وأن الصحة مسؤولية الجميع.
وتشتمل الخطة الاستراتيجية على ستة برامج استراتيجية تُنفذ من خلال مبادرات ومشاريع لتحقيق التغطية الصحية الشاملة تتصل بحوكمة وإعادة هيكلة قطاع الصحة، ومنظومة تخطيط وتمويل لقطاع الصحة أكثر كفاءة تتصف بالاستدامة، وتنمية الموارد البشرية من أجل الصحة، إضافة إلى استدامة توافر المنتجات والمعدات الطبية والصيدلانية، والتحول الرقمي في القطاع الصحي.