د.ناجح إبراهيم يكتب : فارس إسقاط الديون

د.ناجح إبراهيم يكتب : فارس إسقاط الديوند.ناجح إبراهيم يكتب : فارس إسقاط الديون

*سلايد رئيسى1-9-2019 | 21:08

من أهم الانجازات التى حدثت في عهد مبارك إسقاط الديون العسكرية الأمريكية علي مصر وكانت تبلغ قرابة 7 مليار دولار وكانت تمثل مع فوائدها 15%عقبة أمام نمو الاقتصاد المصرى ,وتولى بطرس غالي كأول مصرى لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة.

كلنا يعرف ذلك ولكن أكثرنا لا يعرف الفارس الحقيقي لهذين الانجازين,إنه السفير عبد الرءوف الريدى صاحب مبادرة إسقاط الديون العسكرية فقد اقنع بها مبارك والذى تصور استحالتها حتى اقنعه الريدى بأنها حق لمصر علي أمريكا وأن العقل الأمريكي لا يعطى شيئاً دون أن يطلبه ويلح عليه صاحبه ويستغل الوقت المناسب لذلك ويطرق الأبواب الصحيحة لتحقيقه.

وكان التحدى الأكبر هنا هو الكونجرس لأن الريدى كان يريد إسقاط الديون بقانون عبر الكونجرس وليس بقرار من الرئيس ,وهذا ما تم في النهاية.

حرص الريدى من أول يوم عمل في واشنطن علي إقامة شبكة علاقات قوية مع كل أعضاء الكونجرس,وبناء الصداقات في السياسة مؤثر وفعال,وكان يبنى العلاقة مع أى سيناتور من بداية انتخابه وحتى يصبح أحياناً رئيساً لمجلس الشيوخ. وكان الريدى حينما يدخل مع السفراء الآخرين عرباً وأجانب إلي مجلس الشيوخ يجد أعضاء المجلس يحيونه ويرحبون به من بعيد دون السفراء الآخرين الذين يتعجبون لعلاقاته الواسعة.

كان يرى أن الصداقات أساسية في الدبلوماسية كان يدعو السيناتور ومساعديه في السفارة ويجلس معه مع مساعديه ليطلعه علي الموقف المصرى,فيرد له السيناتور دعوة العشاء في مطعم الكونجرس وهناك يتعرف علي أعداد أخرى من الشيوخ والنواب وهكذا. مرت 6 سنوات علي الشبكة العنكبوتية الدبلوماسية التى أقامها الريدى مع أعضاء الكونجرس قبل أن تأتى لحظة طلبه إسقاط الديون العسكرية,سنوات من العمل الشاق حتى حانت لحظة جنى الثمار.

حشدت الدولة المصرية شخصيات بارزة لمساعدة الريدى في مسعاه وإقناع أعضاء الكونجرس بالتصويت لصالح مصر ,فحضر المشير أبو غزالة والسفير أشرف غربال لأنهما يعرفان الكثيرين من أعضاء الكونجرس لعملهما القديم في واشنطن,وجاء عاطف عبيد لزيارة بعض أعضاء الكونجرس. كانت المشكلة أن الكثيرين من النواب يمثلون ولايات زراعية بها مزارعون مدينون للحكومة الفيدرالية,فكيف تعفي الحكومة دولة أجنبية من ديونها ولا تعفي مزارعيها.

ولكن الريدى كان يقول لهم:"مصر القوية ستكون الصديق الوفى لكم ومصر الضعيفة لن تكون صديقة لكم",وإلغاء الديون يدعم المصلحة الأمريكية وتستطيع تحمل التزاماتها في تحرير الكويت .

وكان اتصال مبارك شخصياً ببعض أعضاء الكونجرس له فعل السحر,وكان هؤلاء الأعضاء يفخرون باتصال الرئيس بهم,وأخيراً نجح التصويت بأغلبية 188 عضوا مقابل معارضه 162 عضوا. أضيف إلي القانون مادة أخرى وهى حث الدول الدائنة لمصر أن تحذو حذو أمريكا وتعفي مصر علي الأقل من نصف ديونها,وأن يتم ذلك علي المدى القريب في مؤتمر دولي .

وانعقد المؤتمر وأعلنت السعودية والكويت شطب كل ديونهما علي مصر,واليابان وافقت على شطب النصف بشروط ليس هذا موضع تفصليها . أما المعركة الثانية التى نجح فيها الريدى بجدارة فهى اقناع أمريكا بقبول بطرس غالي أميناً عاماً للأمم المتحدة بعد رفضها. كان بوش الأب صديقاً حميماً لصدر الدين خان ابن الأغاخان وكان يبيت عنده في جنيف قبل توليه الرئاسة وكان يريد ترشيحه لهذا المنصب,وكان قبلها المفوض السامى لشئون اللاجئين,ولكن الريدى أقنع نائب وزير الدفاع الأمريكي أن خان لا يصلح لذلك لأنه يحمل الجنسية الإيرانية فاقتنع بوش وعدل عن ذلك.

كما أن الريدى وغيره اقنعوا د/عصمت عبد المجيد بالعدول عن الترشح للمنصب لأنه سيخسر فيه,أما أمانة جامعة الدول العربية فهي مضمونة فعصفور في اليد خير من أمم علي الشجرة. كان الريدى يعلم أنه لن يأتى أمين عام للأمم المتحدة بغير موافقة أمريكا,ولو وافقت أمريكا فالطريق بعد ذلك سيكون سهلاً وميسوراً. العمل كسفير لمصر في أمريكا يستلزم حسب رأى الريدى أن تكسب وتتواصل بنجاح مع الإدارة الأمريكية وخاصة البيت الأبيض والخارجية والدفاع والأمن القومى,وكذلك الكونجرس بمجلسيه,ومراكز الابحاث,والميديا الأمريكية,التجمعات الأثنيه,الولايات الأمريكية,المصريون الأمريكيون,بهذه السباعية يتحقق للسفير النجاح وبدونها يفشل فشلاً ذريعاً, سلام علي المخلصين في كل زمان.

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2