كتب: محمد عفيفى
تحدث السفير محمد حجازى مساعد وزير الخارجية السابق لـ " دار المعارف" عن مشاركة مصر فى قمة عدم الانحياز التى تنطلق فى المدة من 25 إلى 26 أكتوبر وكذا عرض مساعد وزير الخارجية السابق لتاريخ الحركة ومبادئها العشر وحاجة العالم لإحياء هذه المبادىء، فقال: تستضيف العاصمة الأذربيجانية (باكو) 20 رئيسا للجمهورية ضمن واحدة من أهم دورات حركة عدم الانحياز وهى الدورة الثامنة عشر التى تعقد تحت شعار التمسك بمبادئ باندونج لمواجهة تحديات عالمنا المعاصر وبالفعل ما أحوجنا فى هذه المرحلة للتمسك بالمبادئ العشر الكبرى التى وضعها القادة المؤسسين جمال عبد الناصر وجوزيف بروز تيتو من يوغسلافيا وجواهر نهرو من الهند وأحمد سوكارنو من إندونسيا وكوامى نوكروما من غانا. وقد وضع الأباء المؤسسين للحركة فى باندونج بأندونسيا عام 1955 مبادئ تحكم العلاقات بين الدول ومبادئ أساسية يسعى المؤتمر اليوم فى العمل على إحيائها والتمسك بها.
المبادئ العشر الهامة التى تدعو لاحترام حقوق الإنسان ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأهدافه واحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها والمبدأ الثالث إقرار مبدأ المساواة بين جميع الأجناس و الدول كبيرها وصغيرها وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى أو التعرض لها وعدم استخدام الأحلاف الدفاعية الجماعية لتحقيق مصالح خاصة لأى من الدول الكبرى وعدم القيام من قبل أى دولة بممارسة ضغوط على دول أخرى واحترام حق كل دولة فى الدفاع عن نفسها بطريقة فردية أو جماعية وفقا لميثاق الأمم المتحدة.
والمبدأ السابع هو الامتناع عن قيام أو التهديد بالقيام بأى عدوان والامتناع عن استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسى بأى دولة والحل السلمى لجميع الصراعات الدولية وفقا لميثاق الأمم المتحدة.
والمبدأ التاسع تعزيز المصالح المشتركة والتعاون المتبادل والمبدأ العاشر والأخير احترام العدالة والالتزامات الدولية.
والمتابع لهذه الأهداف يجب أن يدرك أننا أحوج ما نكون فى هذا الوقت الذى يتعرض فيه عالمنا للعديد من الحروب التجارية والنزاعات المسلحة وانتشار الإرهاب وتوغل الروح الفردية والقرارات الأحادية على مبادئ التعددية ومبادئ المجتمع الدولى وقواعد وقوانين ومواثيق الأمم المتحدة وقواعد الشرعية الدولية، وواقع الأمر أننا اليوم نقف أمام منصة هى الأهم بعد الأمم المتحدة وهى منصة حركة عدم الانحياز التى ستتيح لأعضائها فرصة للتداول حول كيفية مواجهة كل هذه التحديات والمخاطر تتيح لمصر آلية هامة.
وبعد أن تحدث الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الرابعة والسبعين عن رؤية مصر وقضاياها يتحدث سامح شكرى فى القمة أيضا عن أهداف السياسة الخارجية المصرية عن مساعى مصر لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار وستكون القضية الفلسطينية أيضا محورية فى مداخلة العديد من الرؤساء حيث أن القضية الفلسطينية تعد أحد القضايا التى تعبر عن عجز المجتمع الدولى عن إنصاف العدالة الممثلة فى هذه القضية التى طالت لسبعين عاما دون تسوية وتتعرض لأقصى ضغوط سواء من الاحتلال الإسرائيلى الاحتلال الوحيد الباقى على الأرض وكذلك قرارات أحادية الجانب سواء تلك التى مارستها الولايات المتحدة ضد الشرعية الدولية ممثلة فى قرار نقل السفارة أو الاعتراف بضم الجولان إلى إسرائيل كلها قضايا أدت إلى تزايد حدة التوتر فى المنطقة وبالتالى حركة عدم الانحياز أيضا وهى التى أنصفت دول العالم الثالث وحافظت على مكانة لها وسط الكتلين الغربى والشرقى فى خمسينيات القرن الماضى.
وعقب الحرب العالمية الثانية مباشرة حافظت دول العالم الثالث على حقها فى تقرير المصير وتأكيد الاستقلال الوطنى و حماية أمنها وسيادتها وهى الآن تنتقل إلى مرحلة جديدة تعيد فيها تأكيد مبادئ التعددية ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتعيد التمسك بالشرعية وتطالب بنظام اقتصادى عالمى جديد يمكن لهذه المنصة الهامة التى تضم 120 دولة أن تنتقل بدولها للمزيد من التعاون والترابط الاقتصادى وتنسيق المواقف السياسية فمن بين أهم مكاسب المشاركة المصرية فى مثل هذه المنتديات هو عقد اللقاءات مع كافة الدول المشاركة ومنها على سبيل المثال اللقاء الثلاثى الذى عقده وزراء خارجية مصر والأردن والعراق هذا اللقاء الذى جاء مكملا للقائى القمة التى عقدهما العاهل الأردنى والرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس الوزراء العراقى ليؤكدوا وكذلك رئيس الجمهورية العراقية ذلك فى القاهرة فى مارس الماضى أو فى نيويورك فى سبتمبر الماضى خلال انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة يبحث وزراء الخارجية قضايا الأوضاع فى المنطقة مساندة القضية الفلسطينية خاصة فى ظل الهجمة الشرسة وما تردد عن صفقة القرن وخلافها وكذلك تنسيق المواقف فيما يتعلق بالمشهد الليبى والمعركة المشتركة التى تجمع البلدان الثلاثة ضد الإرهاب والتوغل التركى فى الأراضى السورية وتحقيق العراق الأمنى واستقراره خاصة مع الضغوط الداخلية التى تتعرض لها المنطقة.
وأتمنى أن تكون هذه القمة بمثابة استعادة المكانة المرموقة التى تتمتع بها الدول الثلاث على الساحة العربية والدولية واستعادة أمن واستقرار المنطقة خاصة أن الخطر المتمثل فى الإرهاب و التدخلات الخارجية بات يهدد أقطارنا العربية كافة وبالتالى يمكن أن تكون مصر والأردن والعراق هى حائط الصد ضد النشاط الإرهابى فى المنطقة وكاشف الدول الداعمة والمساندة والمتعدية على الحقوق العربية التى تستقدم الإرهاب لتحقيق أغراض سياسية على رأسها قطر وتركيا ومن ورائها واقع الأمر أننا أمام مشهد دولى جديد فى باكو.
وخلال يومى انعقاد القمة سيكون قادة دول حركة عدم الانحياز مدعومين للتأكيد على أهمية تطوير الحركة و إحياء مبادئ باندونج والتى نجد فيها بالفعل إجابه على كل التجاوزات التى يشهدها عالمنا المعاصر ودعوة صادقة من خلال إحياء هذه المبادئ لاستعادة المجتمع الدولى لتمسكه بالشرائع الدولية وبميثاق وأهداف الأمم المتحدة وحتى تكون الحركة بداية انطلاقة كبرى خلال المرحلة القادة لدول الحركة على الصعيد الاقتصادى والدعوة لنظام اقتصادى عالمى أكثر عدالة بما يتماشى مع الرؤية التى تطرحها مصر سواء من خلال قمة مجموعة العشرين ومجموعة قمة السبعة الصينية الكبرى أو فى قمة تيكاد مع اليابان أو فى قمة الفوكات مع الصين يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أدبياته وفى خطبه دائما الحديث عن أهمية دعم أمن واستقرار وشعوب العالم الثالث ودول وشعوب القارة الإفريقية من خلال إتاحة المزيد من الفرص لتصنيع القارة ولفتح الأسواق لصادراتها ودعم الاستثمارات الخارجية من خلال شراكة متبادلة تتيح الفرص للشباب للبقاء فى وطنه بدلا من الانخراط فى الإرهاب أو فى هجرات غير شرعية يضار منها الجميع ومن هنا رؤية مصر الشاملة لمكافحة الإرهاب وعلاقات دولية مستندة من قواعد القانون الدولى والتنسيق أيضا الذى تم بين قادة مصر و العراق والأردن يشمل أيضا التحضيرات الجارية لمؤتمر إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية التى تستضيفه الأمم المتحدة فى نيويورك فى 18 من شهر نوفمبر القادم هذا المشهد الذى تتيحه مشاركة مصرية فاعلة فى منتدى عدم الانحياز التى ساهمت مصر فى تأسيسه والتى تساهم الآن فى تطوير أهدافه بما يحقق مصلحة شعوب دول الحركة، ودول العالم الثالث ويكون منصة جديدة من خلالها تلعب مصر دورها فى تحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم وتحقيق الأمن والاستقرار الاقتصادى واستعادة المجتمع الدولى لمكانته من خلال تمسكه بالمبادئ التى كانت مبادئ باندونج منذ عام 1955 هى الأساس التى يجب أن تقوم عليه العلاقات الدولية والشراكات بينها.
[caption id="attachment_252485" align="aligncenter" width="447"]
السفير محمد عبد الحميد حجازى[/caption]