إن من أخطر السلبيات التي تؤدي إلى فساد المعاملات المالية الغش والتدليس؛ فالمجتمع الذي يتعامل بهذه الطريقة تنتفي منه الثقة بين أفراده، وليت الغاش يعلم أن ما يحصل عليه من الغش لا يجلب له إلا الخسارة والندامة.
فعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مرّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني". رواه مسلم.
وفي رواية أخرى للحديث عند مسلم: "من غشنا فليس منا".
الغشّ ظاهرةٌ اجتماعيّة خطيرة، يقوم فيها الكذب مكان الصدق، والخيانة مكان الأمانة، والهوى مقام الرّشد، نظراً لحرص صاحبها على إخفاء الحقيقة، وتزيين الباطل، ومثل هذا السلوك لا يصدر إلا من قلبٍ غلب عليه الهوى، والانحراف عن المنهج الرّباني، حتى صار الرجل الأمين الصادق عملة نادرة في هذا الزمان.
وإذا نظرنا في أسواق المسلمين، وفي بيعهم، وشرائهم لرأيناهم يتفننون في اختراع ألوان من الغش والتدليس لأكل أموال الناس بالباطل، وهم بذلك يفرحون بالمال الحرام، ولا يشعرون أنهم سيحزنون طويلا، وسيندمون حيث لا ينفع الندم.