أُنشأ لسقاية المسلمين حتي خرب.. حكاية بئر الوطاويط بمتحف الكريتلية

أُنشأ لسقاية المسلمين حتي خرب.. حكاية بئر الوطاويط بمتحف الكريتليةأُنشأ لسقاية المسلمين حتي خرب.. حكاية بئر الوطاويط بمتحف الكريتلية 

غير مصنف30-12-2020 | 08:20

دار المعارف - محمود درغام ما أن تدخل متحف " جاير آندرسون " و المعروف بإسم " بيت الكريتلية " سيلفت نظرك ذلك البئر المغلق في أحد أركان الساحة، و الذي يقول عنه الباحث الآثري أبو العلا خليل أن له الكثير من الحكايات، فالبئر يدعي " بئر الوطاويط " و قد أطلق علي الشارع" المجاور لمسجد " أحمد بن طولون " و الذي يمكن رؤيته من شباك التسبيل بيت الكريدلية بنفس الإسم لشهرته بالمنطقة، و يذكر المقريزى فى الخطط أن هذه البئر أنشأها الوزير ابوالفضل جعفر بن الفرات المعروف بأبن حنزابة عام 355هـ / 965م لينقل منها الماء الى السبع سقايات – أى سبعة أحواض – التى أنشأها وحبسها لجميع المسلمين التى كانت بخط الحمراء – جهة السيدة زينب رضى الله عنها - ، فلما طال الأمر خربت السقايات ، وبنى فوق البئر المذكور وتولد فيها كثير من الوطاويط فعرفت من حينذاك ببئر الوطاويط . وثبت أبوالفضل جعفر بن الفرات على هذا البئر بلاطة من الحجر عليها كتابة فى ثلاثة عشر سطرا بالخط الكوفى وكتب عليها حسب ما ذكره المقريزى " بسم الله الرحمن الرحيم ، لله الأمر من قبل ومن بعد وله الشكر وله الحمد ، ومنه المن على عبده جعفر بن الفضل بن جعفر بن الفرات وماوفقه له من البناء لهذه البئر وجريانها الى السبع سقايات التى أنشأها وحبسها لجميع المسلمين ، وحبسه وسبله وقفا مؤبدا لايحل تغييره ولا العدول بشئ من مائه ، ولا ينقل ولا يبطل ، ولا يساق إلا إلى حيث مجراه الى السقايات المسبلة . فمن بدله بعد ماسمعه فإنما أثمه على الذين يبدلونه ان الله سميع عليم ، وذلك فى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وصلى الله على نبيه محمد وآله وسلم " . و يذكر الباحث الآثري الراحل حسن قاسم فى موسوعة " المزارات الإسلامية أن هذه الكتابة التاريخية على نقش بير الوطاويط أقدم حجة وقف فى مصر . كما يذكر د / فرج الحسيني في كتابه" النقوش الكتابية الفاطمية على العمائر فى مصر " أن نقش بئر الوطاويط من أجود نماذج الكتابات الأخشيدية ويرجع الفضل الى " فان برشم " عام 1891م فى حفظ هذه الكتابة شديدة الأهمية والتى تبقى من أيامه الجزء العلوى من الجانب الأيمن من هذا النقش ، وذكر فان برشم أن مادة هذا النقش من الحجر الوردى وجده مثبتا على حائط منزل مهدم، و لم يدرك فان برشم وقتها نسبة هذا النقش الى العصر الأخشيدى الى أن قام " جاستون فيت " عام 1914م بعمل دراسة تاريخية وأثرية توصل فيها الى أن هذا النقش هو نقش وقفية بئر أقامها الوزير جعفر بن الفرات والتى أوردها المقريزى فى خططه . و " أبوالفضل جعفر بن الفرات " صاحب هذا النقش يعرف بأسم" إبن حنزابة " وحنزابة هى أم " أُبيه الفضل بن جعفر " و" الحنزابة " هى المرأة القصيرة الغليظة ، و تولى رحمه الله الوزارة في عهد الدولة الأخشيدية ، و يذكر ابن خلكان فى وفيات الأعيان أن " إبن حنزابه " كان عالما محبا للعلماء و اشتغل بعلم الحديث النبوى الشريف وبسببه أتي " الحافظ ابوالحسن على " الى الديار المصرية ، ومما يؤثر عن ابن حنزابة صاحب البئر بشارع بير الوطاويط حبه الشديد لأقتناء ذوات السموم من الأفاعى والحيات والعقارب وأم اربعة واربعين حتى خصص لهن قاعة جعل لها خدمة وفراشون . وكان كل حاوى فى مصر يقصده ويعرض عليه ماعنده فيجلس ابن حنزابة على دكة مرتفعة يشاهد مايطرحه عليه الحواة فيتعجب من ذلك ويستحسنه ويثيبهم على ذلك اجل الثواب . و يذكر بن شاكر الكتبى فى فوات الوفيات أن صاحب بير الوطاويط  كان كثير الإحسان الى أهل الحرمين من الأشراف ، واشترى بالمدينة المنورة دارا بالقرب من الضريح النبوى الشريف على ساكنه أفضل الصلاة وأتم التسليم ليس بينها وبينه الا الحائط ، وأوصى أن يدفن فيها . ولما توفى فى شهر ربيع الأول سنة 391هـ حمل تابوته من مصر الى الحرمين ، وخرج الأشراف من مكة الى لقاءه وفاء بما أحسن إليهم فحجوا به وطافوا بعرفة ثم ردوه الى المدينة ودفنوه فى الدار التى اشتراها مجاورا للحبيب صلى الله عليه و سلم .
    أضف تعليق