عاطف عبد الغني يكتب: ٧ سنوات أسست لدولة المواطنة

غير مصنف8-1-2021 | 14:52

(١)

الناس على دين ملوكهم.. تأسيس دولة المواطنة بدأ من أعلى إلى أسفل، مع انتخاب الرئيس السيسي وتوليه المسئولية شرع على الفور فى سد الذرائع التي كان يمر منها المتطرفون، ويرتكبون الجرائم فى حق الأخوة الأقباط والمسيحيين.

(٢)

صدق المصريون أن رئيسهم يؤمن عن قناعة بما تسميه المجتمعات الحديثة دولة المواطنة، وقد ترجم إيمانه هذا وقناعاته إلى برنامج عمل بدأ بخلق أرضية دستورية وقانونية عالجت عوارًا سابقًا بدا فى أوقات سابقة وكأنه سور عال لا يمكن القفز عليه أو تجاوزه للتصحيح، وكمثال على ما سلف كانت القوانين المتعلقة ببناء وترميم الكنائس، ومعالجة قضايا الأحوال الشخصية لغير المسلمين، وتم تأسيس تشريعيًا لهذا العوار فى دستور دولة ٣ يوليو الصادر عام ٢٠١٤، الذى أسس لدولة المواطنة، وعدم التمييز، وقد حرص المشرع على التأكيد فيه على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، كما نصت مواد الدستور على أن يحكم أمر إدارة الأموال الموقوفة لصالح الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية (هيئة للأوقاف الخاصة بهم).. ومع اقتحام هذه الأسوار والاشتباك مع معضلة مثل قانون الخط الهمايونى المتوارث منذ عهد احتلال الدولة العثمانية لبلادنا، وإسقاطه، والانطلاق فى إنشاء وترميم دور العبادة المسيحية التى هاجمها المتطرفون، وفى خطوة تالية إنشاء الكنائس فى كل المجتمعات العمرانية الجديدة جنبًا إلى جنب المساجد، وتخصيص أراض فى المجتمعات القديمة لبناء كنائس، والعمل الجاد ومن خلال لجان قانونية تعمل على تقنين أوضاع أماكن العبادة التى كان البعض يتخذونها سرًا وكانت تتسبب فى مشاكل كبيرة وخاصة فى المجتمعات غير الحضرية، ومنح المئات منها على تراخيص بعد تقنين أوضاعها، واستيفاء بعض الشروط لتتحول إلى دور عبادة تعمل فى النور، ولا يهاجمها أحد أو يضايق روادها، أو يمنعهم من أداء شعائرهم، وما فعل المسلمون هذا إلا عن قناعة منهم بأن الممارسات السابقة كانت خطأ، وأن الدنيا تغيرت، وقد رأى الشعب رئيسه يحضر بنفسه إلى الكنيسة ليحتفل مع المصريين الأقباط بأعيادهم، فهم مكون أصيل من مكونات الوطن، وحين تمنحهم الدولة الحقوق التى يحصل عليها المسلمون فهى لا تتفضل عليهم، بل على العكس تمنع التمييز والظلم الذى لا يرضاه رب العباد، ولا يدعى كائن من كان أنه يستطيع أن يفسر لماذا ولد جرجس أو بطرس فى أسرة مسيحية وولد أحمد أو محمود فى أسرة مسلمة، " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ" (هود: ١١٨).

(٣)

وشملت التشريعات وقوانين دولة المواطنة أيضا ما يضمن للإخوة المسيحيين المشاركة المناسبة فى الهيئات التشريعية والنيابية منذ البداية بمشاركة كنائس مصر بممثلين عنها (إلى جوار الأزهر) فى لجنة الخمسين التى أخرجت دستور دولة ٣ يوليو، وتمت ترجمته فى قوانين خصصت كوتة تضمن للأخوة المسحيين التمثيل بنسبة ملائمة فى مجلسى الشيوخ والنواب، واللجوء لنظام الكوتة إلى أجل تتغير فيه ثقافة المجتمع وتتجاوز الحكم على الآخر من خلال خانة الديانة فى أوراقه الثبوتية، وليس عمله أو أخلاقه.. ويجب - هنا - التنبه إلى أن غلاة المتطرفين من اليمين الدينى، واليمين الليبرالى كانوا ومازالوا عامل هدم فى ترسيخ الثقافة الجديدة، حيث يظن المتطرفون من المتأسلمين أنهم بارتكابهم الجرائم ضد الإخوة المسيحيين، يرضون السماء، بينما يظن المتطرفون من الرافضين للأديان أنهم حين يعلنون انحيازهم الكبير للمسيحيين يكيدون للإسلام، وأكثرهم لا يؤمن بفكرة الأديان أصلا، والصنفان من المتطرفين لو اطلعا على دستور المدينة (الوثيقة التى وضعها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم) أو يدرسونها بعقول وقلوب صافية من الجهل والنكران، لأدركا عدالة الإسلام تجاه أهل الكتاب، وخاصة المسيحيين.

(٤)

والرئيس السيسي لم يكتف بالتأسيس لدولة المواطنة من خلال التشريعات والقوانين، ولكنه يرسخها - كل يوم - بالأفعال، ويصدقه المسلمون قبل المسيحيين، والمجتمع يتحول مع الوقت ليصير أكثر قبولا للآخر، وتسامحًا مع الذات ومع هذا الآخر اقتداء بالرئيس، وبعد قليل من الوقت، ومع التكرار سوف تتغير الثقافة وتتربى الأجيال الجديدة على قيم التسامح والمحبة والقبول، ولن تصدق هذه الأجيال الافتراء على الله ورسوله بالقول إن عدم تهنئة الأقباط فى أعيادهم أمر يرضى الله ورسوله، وهى فتوى لايصدقها عقل سليم ولا يؤيدها نص ربانى، إلا تأويلات أصحاب العقول الفارغة والقلوب المتحجرة ولأهداف لا علاقة لها بالدين.. كل عام وأخوة الإنسانية والوطن والجيرة الأقباط فى خير بمناسبة الاحتفال بذكرى ميلاد السيد المسيح سلام الله عليه.
    أضف تعليق

    حكايات لم تنشر من سيناء (2)

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2