مشاهد بطولية لا تنسى وملحمة مصرية أبدية معركة العبور

مشاهد بطولية لا تنسى وملحمة مصرية أبدية معركة العبورحرب اكتوبر

مصر5-10-2021 | 22:01

لن ينسى التاريخ أشرف معارك النصر والتحرير، تلك المعركة التى استردت بها مصر قطعة غالية منها هى سيناء الحبيبة أرض الفيروز التى طالما طمع فيها الطامعون، وتعد معركة التحرير من أهم المعارك التى طهرت قواتنا المسلحة أرض سيناء من دنس الأعداء، بعد أن ارتوت بدماء الشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم لكى تبقى مصر حرة مرفوعة الرأس لتظل معارك ملحمة مصرية خالصة.

لا تزال أسرار معركة تحرير الأرض لا تنتهى، ولا تزال البطولات ترويها الأجيال جيل بعد جيل فانتصارات أكتوبر حدث تاريخي، لا ينضب من البطولات يحمل معه كثير من أسرار المعركة التى استمرت على مدار 22 يومًا.


الضربة المفاجئة


بدأ القتال فى 6 أكتوبر 1973 الساعة 1405 بعبور طائراتنا للخطوط الأمامية للعدو شرق القناة، وتنفيذ الضربة الجوية المفاجئة المركزة بقوة 250 طائرة ضد أهداف العدو فى سيناء، والتى تضمنت ثلاثة مطارات وقاعدة جوية وعشرة مواقع صواريخ هوك، وثلاثة مراكز قيادة وسيطرة وإعاقة إلكترونية وبعض محطات الرادار، وموقعى مدفعية بعيدة المدى، وثلاث مناطق وشئون إدارية وحصون بارليف شرقى بور فؤاد.


وقد نجحت هذه الضربة الجوية تماما وكانت خسائرنا فيها محدودة للغاية، وفى الوقت نفسه فتحت المدفعية المصرية نيرانها على طول جبهة قناة السويس، وسقطت على مواقع العدو وقلاعه فى الدقيقة الأولى من التمهيد النيرانى 10.500 فى كل ثانية وهاون، بالإضافة إلى لواء صواريخ تكتيكية أرض / أرض واستمرت المدفعية تصب حممها لمدة 35 دقيقة.


وتحت ساتر هذه النيران الكثيفة عبرت جماعات الصاعقة ومفارز اقتناص الدبابات شرقى قناة السويس، لتثبت الألغام فى مصاطب دبابات العدو وتشل حركتها بالكمائن، حتى تمنعها من التدخل فى اقتحام قواتنا لقناة السويس.


ساعة الصفر


وفى ساعة الصفر تمام الساعة 1420 بدأت الموجات الأولى لخمس فرق مشاة فى عبور القناة، ومعها عناصر من المهندسين العسكريين لتأمين مرور المترجلين فى حقول الألغام المعادية، بالإضافة إلى ضباط ملاحظة المدفعية ووحدات الصواريخ الموجهة تشق عنان السماء بأمر مركزى من مديرى المدفعية، لتصيب أهدافها فى عنق سيناء وتحولها إلى دمار، وكانت تلك أول ضربة بالصواريخ التكتيكية فى تاريخ الشرق الأوسط.


وبعد عدة دقائق وضع ثمانية آلاف جندى أقدامهم على الضفة الشرقية، وهم يهللون بملء حناجرهم «الله اكبر.. الله أكبر» وبدأوا فى قهر الساتر الترابى المرتفع فتسلقوه بالحبال والأظافر والأنياب، واقتحموا دفاعات العدو الحصينة وهم يحملون أسلحتهم الشخصية والأسلحة الخفيفة والمضادة للدبابات.


الأعلام ترفرف


وسرعان ما رفرفت أعلام مصر فوق سيناء الحبيبة، فارتفع أول علم فى الساعة 1430 فى نطاق هجوم الجيش الثالث الميدانى وفى نطاق هجوم الجيش الثانى الميدانى الساعة 1437 والذى كان دفعة معنوية هائلة للقوات اللاحقة أن تسرع بالعبور.


وفى الوقت نفسه كانت الكتائب البرمائية تعبر البحيرات المرة من الجنوب وبحيرة التمساح عند الإسماعيلية.


وفى الساعة 1440 اقتربت بعض طائرات العدو فى مجموعات زوجية وفردية على ارتفاعات منخفضة لقصف قواتنا أثناء اقتحامها القناة، لكن بدأ ضباط المدفعية فى حشد نيرانها على السواتر التى احتلتها دبابات العدو، مما أجبرها على الخروج هربًا من هذه النيران لتتلقفها الصواريخ المضادة للدبابات، وتحولها من دبابة هى أحدث، ما أخرجته ترسانة الولايات المتحدة إلى كومة من الحديد المحترق.


كما أسقطنا أول طائرة إسرائيلية فى الساعة الثالثة إلا عشر دقائق، وقامت القوات بحصار نقاط العدو القوية ومراكز مقاومته وقلاعه الحصينة، وسقط أول حصون العدو القاعة رقم 1 فى منطقة القنطرة فى الساعة 1500 تماما، وبدأت القلاع تتهاوى بعدها.
وفى الساعة 2115 كانت عناصر دفاعنا الجوى قد أسقطت للعدو 16 طائرة على الجبهة من إجمالى طلعات العدو فى اليوم الأول للمعركة والتى بلغت 262 طلعة دفعها العدو ليلاً.


المهندس المقاتل


وتحت ساتر قوات المشاة ونيران المدفعية تقدمت وحدات المهندسين العسكريين، وقامت بفتح الممرات اللازمة فى الساتر الترابى، وذلك باستخدام مضخات المياه القوية، وفى زمن لم يتجاوز الساعة فى فتح أول ممر منها ثم استكملت فتح بواقى الممرات على طول المواجهة، وفى أثناء ذلك كانت وحدات أخرى من المهندسين تقوم بإسقاط معدات «براطيم» المعديات والكبارى، وتقيمها فوق مياه القناة وبالفعل نجحت قواتنا فى إقامة عدد كبير من المعديات، كما أنشأت 10 كباري ثقيلة، و10 كبارى مشاة وبدأ تدفق الدبابات والمعدات الثقيلة فى الأرض المصرية من الغرب إلى الشرق، وحتى الساعة 15.29 كانت عناصر دفاعنا الجوى قد أسقطت سبع طائرات بين فانتوم وسكاى هوك للعدو.


خلل السيطرة


وفى الساعة 1600 شعرت القيادة الجوية الإسرائيلية فى أم مرجم بأن قصف الطائرات والصواريخ المصرية للمنطقة، قد أخل بالسيطرة من مركز القيادة فى هذه المنطقة، فقررت نقل السيطرة على القوات الجوية إلى العريش.


وقامت المدفعية الساحلية فى بورسعيد بقصف القلعة الحصينة شرق بورفؤاد والحصن المنيع عند الكيلو 10متر جنوب بورفؤاد، وقام لنش آخر مسلح بضرب مرسى للعدو فى رأس برون على البحر المتوسط، وفى البحر الأحمر قامت سرايا المدفعية الساحلية بمعاونة الجيش الثالث بقصف مناطق العدو فى مواجهتها، وسرب آخر من لنشات الصواريخ المتمركزة فى سفاجا بقصف أهداف العدو بشرم الشيخ، واستمرت العمليات البحرية طوال أيام حرب رمضان بنفس معدل نشاطها للضغط على العدو وتكبيده خسائر فادحة، ومع غروب شمس كل يوم كانت تبدأ العمليات الليلية.


خسائر العمق


وقبل آخر ضوء السادس من أكتوبر كانت عشرات من طائرات الهليكوبتر المصرية تعبر القناة وخليج السويس، وهى تحمل مجموعة من قوات الصاعقة صوب أهدافها المخصصة لها على طول المواجهة، وعلى أعماق مختلفة وصلت إلى 30-40 كيلو مترًا، وبدأت فى تنفيذ مهامها فأنزلت بالعدو خسائر جسيمة وحرمته مدرعاته من حرية الحركة .


وفى الساعة 1710 وقع أول ضباط العدو أسيرًا فى يد قواتنا بمنطقة جسر الحرش شمال الإسماعيلية، وفى تمام الساعة 1735 تم الاستيلاء على 15 نقطة قوية للعدو.


وفى أقل من ست ساعات وبالتحديد فى الساعة 1930 أتمت الفرق الخمس المشاة، وقوات قطاع بورسعيد، اقتحام قناة السويس على مواجهة 170 كيلو مترا بقوة 80 ألف جندى من اعز أبناء مصر.


كما تمكنت قواتنا من الاستيلاء على رءوس كبارى العدو بعمق حتى 3-4 كيلو مترات، وحطمت خط بارليف الدفاعى وحصونه التى استمر العدو يتغنى بها كل السنوات الماضية، وغسلت عار الهزيمة فى حرب الأيام الستة 1967، وحطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذى لا يقهر، وأظهرت زيف نظرية الأمن الإسرائيلي وأعادت الأمور إلى مجرياتها الصحيحة والمقاييس إلى أحجامها الطبيعية فى منطقة الشرق الأوسط.


وقبل أن يبزغ فجر اليوم التالى، كانت قواتنا قد عززت مواقعها شرقى القناة بأعداد كبيرة من المدرعات والمدفعية والأسلحة الثقيلة.


عبقرية التمويه


وكان من أهم إنجازات السادس من أكتوبر هو تحقيق المفاجأة بفضل السرية والإخفاء والتمويه والخداع، بالإضافة إلى نجاح دفاعنا الجوى طوال الأشهر السابقة للحرب فى طرد طائرات استطلاع العدو بعيدًا عن مواقعنا، وأيضا نجاحنا فى انتزاع المبادأة من العدو، بعد أن تركناها لهم ربع قرن عربد فيها بأرجاء المسرح واعتدى حتى ظن أنه الأوحد فى ساحة الوغى.


أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2