هو أحد أعمام النبي -صلى الله عليه وسلّم-، واسمه الحقيقي هو عبد العزى بن عبد المطلب بن هشام، من قبيلة قريش، وتزوج من أروى بنت أمية بن حرب -أمّ جميل-. وكان له أبناء كثر أكبرهم عُتبة الذي كان يُكنّى به، وعُتيبة أبو معتّب.
وقد كان أبو لهب من أشدّ النّاس عداءً لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وكانت نهايته عقاباً له على ما فعل بابن أخيه؛ فقد روي أنّه أُصيب بمرض يُسمّى العَدَسة؛ وهو مرض فتّاك يخافه النّاس يُشبه الطّاعون شديد العدوى، وعندما مات به تركه أبناؤه أياماً دون أن يقترب أحد منه خوفاً من المرض إلى أن نتنت جُثّته، ولم يغسّلوه بل جعلوا يرمون جسده بالحجارة إلى أن وُري بالتّراب.
أبو لهب عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن صلة القرابة ورابط العمومة بين أبي لهب والنّبي -صلّى الله عليه وسلّم- دافعاً لمحبّته ونصرته؛ بل كان من أشدّ وأعتى أعداء الإسلام، بخلاف عمّه أبي طالب والذي لم يُؤمن به ولكنّه نصره وحماه وحُوصر معه في الشّعب، بل إنّ أبا لهب لم يكن ليفوّت فرصة إلّا وكذّب بها النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- واستهزأ به أمام جموع قريش.
ورود ذكر أبو لهب في القرآن الكريم وسببه لمّا زاد إيذاء أبو لهب للنّبي -صلّى الله عليه وسلّم- ولأصحابه المستضعفين، وتنوّعت أشكال تصدّيه؛ إذ كان يؤذيهم مرّة بالقول ومرّة بالعمل، أنزل الله -تعالى- كلاماً خالداً إلى يوم القيامة يذمّه ويذمّ أفعاله الشّنيعة هو وزوجته التي كانت تمشي بين النّاس بالنّميمة، وتشيع البغضاء بينهم.
فقد رُوي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (صَعِدَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- الصَّفَا ذَاتَ يَومٍ، فَقالَ: يا صَبَاحَاهْ، فَاجْتَمعتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ، قالوا: ما لَكَ؟ قالَ: أرَأَيْتُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أوْ يُمَسِّيكُمْ، أما كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، ألِهذا جَمَعْتَنَا؟ فأنْزَلَ اللَّهُ: {تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ})، فنزلت سورة المسد، أو سورة تبّت، أو سورة أبي لهب؛ تهديداً له على أفعاله ولتذكيره بأنّ ما جمع في الدّنيا من المال والأولاد ذاهب إلى زوال ولا بقاء له.