ورثت الملكة إليزابيث الثانية شغفها بالخيول والسباقات عن والديها، اللذين كانا يحرصان على متابعة سباقات الخيول.
وكانت الملكة إليزابيث الأم تفضل سباقات الحواجز، فى حين فضلت الأميرة إليزابيث ووالدها السباقات العادية.
وشجعت الأسرة إليزابيث على ركوب الخيل منذ الصغر، حتى أنها فى طفولتها عبرت عن رغبتها فى أن تصبح امرأة ريفية تمتلك الكثير من الخيول والكلاب.
وزاد اهتمامها ب سباقات الخيول فى فترة الحرب العالمية الثانية، حين ذهبت بصحبة والدها لتفقد ميدان تدريب الخيول الملكية فى ويلتشر.
وقالت الملكة لاحقا عن هذه الزيارة: "تمكنت من الربت على الخيول فى الاسطبلات بعد التدريب. ولم أشعر بمثل هذه النعومة الحريرية سابقاً".
كما قامت بزيارات سرية إلى بلدة نيوماركت لمشاهدة خيول والدها أثناء السباقات التى تقام هناك.
وجاء أول ظهور رسمى لإليزابيث فى سباقات الخيل بعد أسبوعين من نهاية الحرب، وتحديداً فى مايو 1945، عندما ذهبت بصحبة الملك والملكة إلى بلدة آسكوت، حيث يقام أحد أشهر سباقات الخيول.
ويعتبر سباق آسكوت من أكثر السباقات التى تحظى بالرعاية الملكية. وبعد وصول الملكة إليزابيث إلى العرش عام 1952، حافظت على هذا التقليد حيث أصبح هذا السباق أحد أهم مناسباتها الاجتماعية المفضلة.
ألوان
وعرفت الملكة النجاح فى ثانى ظهور لها كأحد أصحاب ومربى الخيول خلال مشاركتها فى سباق ديربى للخيول إذ حل حصانها أوريول فى المركز الثانى، وفاز بجائزة الملك جورج السادس والملكة إليزابيث، وكذلك كأس التتويج فى سباق آسكوت الملكى.
وقالت الملكة لاحقاً فى حديث لها أن الحصان أوريول "كان صاحب شخصية مستقلة ومشاغبة دائماً. وكان طليقاً أغلب الوقت فى نيوماركت أثناء التدريبات، ولهذا لم أزعجه عندما تحرر من قيده فى آسكوت، فى اليوم الذى فاز فيه بجائزة الملك جورج السادس".
كان أوريول مهراً صغيراً ، لكن الفلوات (الإناث اللواتى يقل عمرهن عن ثلاث سنوات) حققت النجاح أكثر فى السباقات وحملت الشارات الملكية الحريرية بألوانها البنفسجية والذهبية، والوشاح الغامق المصنوع من القطيفة والمطّعم بشرابات ذهبية.
أقدم خيول الملكة الفائزة
1957: الحصان كاروزا، فى سباق "ذا أوكس"
1958: الحصان بول مول، فى سباق "جينيس 2000"
1974: الحصان هايكلير، في سباق "جينياس 1000"
1977: الحصان دانفيرملاين، فى سباق "ذا أوكس"
1977: الحصان دانفيرملاين، فى سباق "سانت ليجر"
وكانت هذه الشارات خاصة بوالدها الملك جورج السادس، وجدها الأكبر الملك إدوارد السابع.
وفى عام 1974، أرسل ديك هيرن، الذى كان يُعتبر أفضل مدرب خيول فى عصره، الفلوة "هايكلير" التى كانت تملكها الملكة، لتحقق نجاحاً كبيراً فى سباق "جينيس 1000" فى بلدة نيوماركت.
وبعد ستة أسابيع حققت الفلوة فوزاً آخر بحضور الملكة، وبقيادة جو ميركر، إذ فازت بسباق "فرينش أوكس" فى بلدة تشانتلى. وكان الفوزان أحد أبرز إنجازات الخيول الملكية، وهى الفترة التى ارتفعت فيها حظوظ الخيول الخاصة بالملكة.
واستمرت انتصارات الخيول الملكية، واحداً تلو الآخر، فى وجود كوكبة من أبرز الفرسان مثل ويلى كارسون وفرانك ديتورى. وكان أبرز النجاحات فى عام 1977 خلال الاحتفالات باليوبيل الفضى لجلوس الملكة، إذ فاز الحصان دانفيرملاين بسباقى "ذا أوكس" و "سانت ليجر".
وجرى تدريب هايكلير ودانفيرملاين فى اسطبلات "ويست إلزلى" لخيول السباقات، والتى اشترتها الملكة عام 1982.
الفائزون
وبصفتها صاحبة أكبر منشأة لتدريب الخيول فى البلاد، كانت الملكة حريصة على زيارة الاسطبلات بشكل مستمرة، وأبدت اهتماما كبيراً بتربية الخيول وتدريبها وتحسين سلالاتها.
ورغم الخبرة الجيدة والمعرفة اللتين كانت الملكة تتمتع بهما، تراجع أداء خيولها فى السباقات بسبب اشتداد المنافسة من قبل مالكى ومربى الخيول العرب والإيرلنديين والأمريكيين.
لكن لا شك فى أن للملكة إسهامات عظيمة فى تحسين سلالات الخيول البريطانية، من خلال الاسطبل الملكى فى ساندرينجهام، إذ أحضرت سلالات جديدة لتحسينها والحفاظ على السلالات الرائعة الموجودة.
وحققت العديد من الخيول الفوز للملكة، لكن الفرس "هايت أوف فاشن" التى باعتها الملكة عام 1983، وأنجبت الحصان نشوان، كانت أحد أفضل الخيول فى تاريخ سباقات مسافة الميل ونصف الميل.
ويقول ويلى كارسون إن الملكة "كانت مهتمة بتناسل الخيل، ربما أكثر من السباقات نفسها. وحين أذكر شيئاً ما عن حصان، كانت تقول "أمه كانت كذلك".
ورغم فوز الخيول الملكية بأكثر من 600 سباق، فى بريطانيا وخارجها، إلا أن الملكة فشلت فى تحقيق هدفها الأكبر، وهو الفوز بسباق "دربى" التقليدى.
لكن الفائز بالسباق عام 2005، وهو الحصان "موتيفيتور" الذى كانت تملكه اسطبلات رويال آسكوت، ينحدر من سلالة تتصل بالخيول الملكية. وأصبح أحد خيول التناسل فى ساندرينجهام.
مساهمة جليلة
وبعد وفاة الملكة إليزابيث الأم، ورثت الملكة عدداً من خيول القفز. وفى عام 2009، حضرت الملكة مهرجان شيلتنهام لأول مرة لمشاهدة حصانها "باربارز شوب"، الذى حل فى المركز السابع فى سباق الكأس الذهبى، متخلفاً كثيراً عن الفائز الذى لا يشق له غبار "كاوتو ستار".
لكن عام 2013 شهد فرحة كبيرة بفوز الفلوة الملكية "إستيميت" بالكأس الذهبى فى سباق آسكوت، لتكون الملكة أول جليس على العرش يفوز بالسباق منذ تدشينه عام 1807.
وكان من المقرر أن تسلم الملكة الجائزة للفائز، فوجدت نفسها تستلم الكأس من يد ابنها، دوق يورك.
وقف الفارس ريان مور بجانبها بفخر، وقال: "فازت الفلوة عن جدارة. السباق باسم الملكة أمر رائع. لكن الفوز بالكأس الذهبى وحمل ألوان الملكة أمر استثنائى".
وبعد تقاعد "إستيميت"، ذهبت إلى الاسطبل الملكى فى ساندرينجهام، حيث وضعت مهرها الأول عام 2016.
وكانت إسهامات الملكة فى سباقات الخيل جليلة، خاصة فيما يتعلق بتناسلها. ولا شك فى أنها كانت شغوفة بالرياضة، وكانت تستمتع جداً بمشاهدتها.
وقالت ذات مرة: "ثمة ميل للمقامرة لدى كل شخص. وثمة أمل دائما أن يكون حصانى أفضل من حصان الرجل الآخر، ولهذا أستمر فى المشاركة".