«التغيرات المناخية».. أكبر تهديد للنمو الاقتصادي

«التغيرات المناخية».. أكبر تهديد للنمو الاقتصاديحرائق الغابات

اقتصاد6-8-2023 | 16:19

أصبحت قضية تغير المناخ أحد أهم الأخطار، التي تواجه البشرية في الوقت الراهن، فالعالم كله مشغول بقضية تغير المناخ والارتفاع غير المنضبط في معدل درجات الحرارة، بفعل تداعياتها المتوقعة على الاقتصادات العالمية، فكل الأزمات التي يعانيها الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي، يؤكد إدوارد ويلسون، عالم الأحياء الأمريكي أنها في الأساس متصلة بالبيئة.

وفى عام 2015 حذر محافظ «بنك إنجلترا المركزي»، مارك كارني، من آثار التغير المناخي على الاقتصاد والاستقرار المالي العالمي، وحض خبراء الاقتصاد على التحرك فى شكل سريع لمحاولة احتواء الضرر الاقتصادي، ولو جاء ذلك التحرك متأخراً. وصف «كارني» الضرر الذي يسببه التغير المناخي على الاقتصاد بـ«مأساة فى الأفق»، مؤكداً أن التكاليف المترتبة على التغيرات المناخية تتجاوز توقعات السلطات التكنوقراطية، التي لا تأخذ فى الحسبان استنزاف الموارد المشتركة من قبل الأفراد الذين يتشاركون فيها، وفقا للمصلحة الذاتية لكل منهم، على الرغم من إدراكهم أن استنزاف هذه الموارد يتعارض مع المصلحة المشتركة للمجموعة فى المدى الطويل.

من جهته، اتجهت الولايات المتحدة إلى تبني إجراءات لمواجهة قضية التغيرات المناخية، وتجلى ذلك فى تصريحات للرئيس الأمريكي جو بايدن أمام قمة افتراضية بشأن تغير المناخ فى أبريل 2021، حيث قال إننا نعيش فى «عقد حاسم» فيما يتعلق بمواجهة ظاهرة تغير المناخ. وأشار إلى تعهد بلاده بخفض انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 بنسبة تتراوح بين 50 و52% مقارنة بمستويات عام 2005.

فى المقابل، حذر صندوق النقد الدولى من تداعيات تزايد الكوارث المرتبطة بالمناخ على النمو الاقتصادي فى الشرق الأوسط. وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، فى 30 مارس الماضى (2022): إن «تواتر وشدة الكوارث المرتبطة بالمناخ تتزايد فى الشرق الأوسط ووسط آسيا على نحو أسرع من أى مكان آخر فى العالم، ما يشكل خطرًا كبيرًا على النمو والرخاء فى المنطقة»، كما أظهرت وثيقة جديدة لصندوق النقد الدولى أن الكوارث المناخية فى المنطقة أصابت وشردت سبعة ملايين شخص، وأسفرت عن أكثر من 2600 حالة وفاة وأضرار مادية بقيمة ملياري دولار.

يشار إلى أن الكوارث المناخية تقلل النمو الاقتصادى السنوى بنسبة 1-2 نقطة مئوية للفرد، كما تسببت الكوارث فى خسارة دائمة بمنطقة القوقاز وآسيا الوسطى دون الإقليمية بنسبة 5.5 نقطة مئوية،كما أنه على المدى الطويل، يُتوقع أن يضعف التغير المناخى النشاط الاقتصادى العالمى نتيجة الأضرار المترتبة على قطاعات اقتصادية حيوية مثل الزراعة، والأضرار فى الممتلكات والبنية التحتية، ارتفاع تكاليف التأمين، ضعف الإنتاجية والتهجير؛ لذلك فإن التغيرات المناخية تحمل فى جوهرها ارتدادات سلبية على الأوضاع الاقتصادية العالمية، ومنها: تراجع الاقتصادات الكبرى وتدهور الاقتصادات الضعيفة، تهديد الإنتاجية الزراعية، ارتفاع أسعار الغذاء، تأثيرات فى حركة النقل العالمية، اختلال الخريطة السياحية، اختلال النظام الصحي، التأثيرات فى البنية التحتية و16 تريليون دولار خسائر.

وكشفت دراسة حديثة صادرة عن « دارتموث» ب الولايات المتحدة الأمريكية، عن أن التغيرات المناخية التي تسبب ارتفاع درجات الحرارة، كلفت الاقتصاد العالمي 16 تريليون دولار (14 تريليون جنيه استرليني) منذ التسعينيات، كما كشفت الدراسات عن أن أفقر دول العالم وأقلها من حيث انبعاثات الكربون عانت من أكبر الضربات الاقتصادية، مثل الموجودة فى المناطق الاستوائية.

وفى هذا السياق، أكد الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن التغيرات المناخية لها تأثير مباشر على الاقتصاد العالمى، مبينا أن هناك محاصيل محددة، مثل القمح دائما ما تكون محفوفة بمخاطر التغير المناخى، وقد حدث منذ 7 سنوات عندما احترقت مزارع القمح فى روسيا، وتسبب هذا فى نقص المعروض ومضاعفة الأسعار، وجاءت مصر على رأس الدول المتضررة من هذه الكوارث الطبيعية بسبب ارتفاع سعر القمح حينذاك.

وأضاف عبده، فى تصريحات خاصة لـ «أكتوبر»، أن العالم كله الآن يشهد حرائق بسبب ارتفاع درجات الحرارة، فى أمريكا وتونس والمغرب، وفى النهاية كلها زراعات ومحاصيل ولها تأثير على الاقتصاد العالمى.

وتابع: أن الفيضانات والأمطار وارتفاع درجات الحرارة كلها ظواهر بيئية تؤثر على الاقتصاد، فلا يمكن أن ننسى أن الفيضانات قضت على الزراعات فى باكستان والمحاصيل، وبالتالى تحتاج إلى التكاليف لإعادة هذه الزراعات، بالإضافة إلى تأثيرها على المباني والبنية التحتية سواء الطرق أو الصرف الصحى والمنازل وتدمير البنية التحتية، فكل هذه الأمور لها تكاليف مرتفعة.

وأضاف أن المغرب من الدول الذي يعيش على الأمطار، ورغم ذلك لم تمطر فى المغرب منذ 3 سنوات، وبالتالى فهو يعانى من شح فى المحاصيل، مضطر إلى أن يقترض لكى يوفر الغذاء لمواطنيه، وتونس المعروفة بتونس الخضراء تعانى هذا العام من الحرائق، انحسار البحيرات فى تشاد، وتراجع مياه البحر الميت فى الأردن، وكل هذه الأمور تسبب خللا فى المنظومة وتكبد الدول خسائر بالمليارات.

وأوضح عبده أن تكلفة التلوث الذي يؤثر بدوره على المناخ، يتحملها الجميع، مبينا أن التغيرات المناخية سواء كانت ارتفاعا كبيرا فى درجات الحرارة، أو انخفاضا بها، تؤثر بشكل كبير على القطاع الزراعي.

وحول أهم الحلول لمواجهة تلك الأزمة، لفت الخبير الاقتصادي، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إلى أن دول العالم تتأثر بشكل كبير بالتغيرات المناخية، وكل دولة تستعد لمواجهة الأزمات الناتجة عن هذا التأثر، مطالبا بضرورة تكاتف وتضافر الدول مع بعضها البعض، ولن يتم ذلك إلا عن طريق مساعدة الدول المتقدمة للدول النامية من خلال إقامة مشروعات متعلقة بالطاقة الجديدة والمتجددة، والعمل على تقليل حجم الانبعاثات الكربونية، ونقل التكنولوجيا المستخدمة فى المشروعات الخضراء، حيث وعدت الدول المتقدمة الدول النامية بدفع 100 مليار دولار لمساعدتهم فى القضايا المتعلقة بتغير المناخ، ولم تلتزم حتى الآن إلا اليابان.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2