أجواء مضطربة في البحر الأحمر، وتحديات كبرى في القرن الإفريقي تتصل بأزمة طاحنة في فلسطين المحتلة، واتساقا والتصاقا بمشاكل وأزمات أخرى في دول المنطقة، جعلت هناك ضرورة قصوى من التعاون المشترك بين كل دول الإقليم، لا سيما الدول ذات الثقل والتي تمثل ركيزة مهمة ورقما فاعلا في الأحداث الجارية.. و مصر و السعودية استنادًا إلى عمق العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، ينظر الجميع إلى مكانتهما ودورهما بالمنطقة، كونه ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، خاصة وكما قلت في ظل التحديات الجسيمة والمتصاعدة بالمنطقة التي بطبيعة الحال تتطلب مواصلة وتكثيف التعاون بين البلدين.
ولقد كانت زيارة وزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف للقاهرة، الأسبوع الماضي، واستقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي له في القصر الرئاسي، تعكس رغبة وإرادة سياسية على مستوى القيادة في البلدين، لرفع درجة التنسيق الأمني واتخاذ خطوات متقدمة في هذا المجال، وتجسد أيضا السعي الدائم من قبل البلدين لتوطيد التعاون المشترك والتنسيق المكثف في مواجهة التحديات والمخاطر الأمنية المشتركة التي تفرزها ظروف المنطقة، خاصة في مجال مواجهة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، والجريمة المنظمة العابرة للحدود، فضلا عن تصاعد الجرائم الإلكترونية، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا يتطلب تكامل الجهود للحد من هذه المخاطر، التي تتخذ أنماطا جديدة ومتغيرة، بما يفرض مواصلة التطوير والتدريب المشترك لمواكبة تلك المتغيرات وتعزيز جهود حفظ الأمن والاستقرار.
وتكتسب زيارة وزير الداخلية السعودي للقاهرة، أهمية كبرى، لأنها تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة عددًا كبيرًا من التحديات، في صلبها التحديات الأمنية والإرهاب والجريمة المنظمة، فضلاً عن عدم الاستقرار الأمني، وهذا المناخ السائد حاليًا، يجعل أجهزة الأمن في حالة يقظة واستنفار دائمين لمواجهة أي تهديدات تطرأ وتستحدث خاصة فيما يتعلق بالجريمة الإلكترونية التي تستحدث، وتتطور بسرعة، مما يستدعي العمل على تطوير الإجراءات الأمنية لمواجهتها، لا سيما أنها جرائم عابرة للحدود قد تهدد أمن واستقرار الدول، وهو ما يستدعي معه تعاونًا وتنسيقًا دوليًا، ومن هنا تأتي أهمية التنسيق السعودي - المصري في مكافحتها، ومما يبعث في النفس كثير من الطمأنينة، أن التنسيق الأمني بين مصر و السعودية يمتد لعقود مضت، حيث كانت القاهرة والرياض في طليعة الدول التي تصدت للإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وكل دول المنطقة والعالم أجمع يُنظر لهذا التعاون الأمني بين البلدين بتقدير كبير.
لا شك أن الزيارة كان لها مدلولات ورسائل كثيرة، وقد اشتملت نظرًا لأهميتها الكبيرة علي تفاصيل عدة، حيث جرت مباحثات بين الوزيرين، أكد خلالها محمود توفيق وزير الداخلية، متانة أواصر العلاقات والتشاور المستمر بين الوزارتين في ضوء العلاقات التاريخية التي تربط البلدين الشقيقين، وحرص وزارة الداخلية على تعميق أواصر التعاون مع الأجهزة الأمنية العربية الشقيقة، كما أكد ترحيبه بمواصلة تعزيز آليات تبادل الخبرات والمعلومات مع الجانب السعودي، تفعيلاً لاتفاقية التعاون الأمني الموقعة بين البلدين، وحتمية تضافر الجهود لمحاصرة وتقويض التحديات والتهديدات الناجمة عن التطورات المتسارعة لاستخدامات تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة في ظل المتغيرات والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وقد أكد وزير الداخلية السعودي أهمية مصر ودورها المحوري في محيطها الإقليمي، مشيدًا بالجهود التي تبذلها وزارة الداخلية المصرية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بشتى أشكالها، خاصة في مجال مكافحة المخدرات، مما كان له بالغ الأثر في تدعيم ركائز الاستقرار بالمنطقة.
وأشاد بالخبرات التدريبية المصرية في مختلف مجالات العمل الأمني، معربًا عن تطلعه أن تشهد العلاقات القائمة مزيدًا من الازدهار في مجالات تبادل الخبرات وتعزيز قنوات الاتصال وآليات تبادل المعلومات بين الجانبين.