د.ناجح إبراهيم يكتب: محمد والمسيح .. رسولا الإصلاح

د.ناجح إبراهيم يكتب: محمد والمسيح .. رسولا الإصلاحد.ناجح إبراهيم يكتب: محمد والمسيح .. رسولا الإصلاح

*سلايد رئيسى20-12-2018 | 20:49

نصوص الشريعة من قرآن وسنة تنبض كلها بالحياة،وتحمل من الحيوية والمرونة مالا يعلمه إلا أولو الألباب، ولكن بعض قصيري النظر ينظرون لها على أنها جامدة كالحجارة،صماء لا حياة فيها،فلم يستنكف الرسول"صلي الله عليه وسلم"أن يستعير من الفرس عبدة النار فكرة الخندق التي كانت من أسباب نصرته يوم الأحزاب. اشتد المرض على امرأة من بني إسرائيل يوم السبت فلم تجد بدا ً من الذهاب للمسيح عيسى u ليعالجها حتى برأت من مرضها،وبدلا ً من أن يفرح الكهنة بشفائها إذا بهم يغضبون غضبا ً شديدا ًوعلى رأسهم رئيس الكهنة الذي واجه المسيح بقوله:"كيف تبرئ يوم السبت؟وهو اليوم المقدس،فإذا بالمسيح يلقنه والأجيال كلها درسا ً قاسيا ًفي فقه المقاصد والاهتمام بالجوهر قبل المظهر،والإنسان قبل الرسوم والأشكال قائلا ً:"يا مرائي أفئن سقط حمارك في بئر يوم السبت أنقذته وأبرأته وحين يمرض إنسان تتركه في علته إلي يوم الأحد". ثم هتف المسيح u في الكون مناديا ً:"إنما جعل السبت من أجل الإنسان ولم يجعل الإنسان من أجل السبت"وكأنه يقول:صلاح الإنسان وفلاحه وخيره ورشده هو مقصد الشريعة،وكأن الإنسان هو محور الكون. لقد جاء المسيح ليعيد بني إسرائيل إلي البساطة واليسر والسلاسة ولكن العقل المادي لديهم جعلهم يضيقون على أنفسهم ولا يحبون إتباع اليسر الذي جاء به،حتى أن اليهود تركوا أورشليم القدس تسقط في أيدي الغزاة السلوقيين الذين هجموا على القدس يوم السبت فآثر اليهود سقوطها على أن يقاتلوا عدوهم ويدافعوا عن وطنهم وأنفسهم في يوم السبت في جمود معيب يدل على جمود عقلي معيب. وهذا محمد r يرفض أن يهدم الكعبة ويبنيها على قواعد إبراهيم الصحيحة خوفا ً من تفرق المسلمين وتمزقهم وحرصا ً على وحدتهم قائلا ً لعائشة ومعلما ً للدنيا كلها "يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لهدمت الكعبة ثم بنيتها على قواعد إبراهيم"فوحدة المسلمين وتآزرهم جعلته يعدل من الأفضل للجائز كما قال البخاري،ويقدم وحدة أمته على ما سواها. ولكن البعض يضيقون ما وسعه الله على عباده،ويشددون ويعسرون على أنفسهم وأحبتهم وأمتهم ما يسره الله عليهم. إن محمدا ً والمسيح وكل الرسل وأتباعهم جاءوا لتعليم البشرية أن الشرائع جاءت لخدمة الإنسان وإسعاده وخيره،حتى هتف ابن القيم معرفا ً الشريعة الإسلامية للناس "عدل ورحمة كلها ومصالح وحكمة،فكل مسألة خرجت عن  العدل إلي الجور،وعن الرحمة إلي ضدها،وعن المصلحة إلي المفسدة،وعن الحكمة إلي العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل". فعندما يموت الدين الحق في حياة الناس تحيا الطقوس والأشكال المجردة من كل معنى،وتغيب حيوية النصوص الشرعية تحت وطأة الشعارات التي تدغدغ العواطف ولا تجلب إلا الكوارث،فيتوارى الإيمان لتطغى عليه الحماسة الدينية الهشة التي لا تخالط القلوب فيتحول الدين باسمها لرسوم وأشكال جامدة لا روح فيها،ويتوارى الاهتمام بالجوهر على حساب المظهر وصلاح القلوب من أجل لافتات خادعة،ويظهر الذين يدَّعون تجديد الدين وهم يريدون تبديده،وتتوارى المصالح العليا للأمة تحت لافتات الحزبية والقبلية،ويظهر الغلو والتطرف والتكفير وإقصاء الآخر،ولا ينظر أحد إلي حكمة ومقصد النصوص ، وأن الحكم يدور مع علته وجودا ًوعدما . سلام علي عيسي ومحمد والأنبياء أجمعين في عليين.

أضف تعليق