عاطف عبد الغني يكتب: نموذج لحروب الجيل الخامس

(1)

منذ أن تم الإعلان عن وفاته الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2020، حتى تصدرت مواقع الأخبار قصة مذكراته،  وانتشرت فيديوهات على «يوتيوب» تحمل تقارير عديدة عن أحد أخطر المسئولين عن نكسة 5 يونيو 1967 وزير الحربية آنذاك شمس بدران. أما المذكرات فقد سعى للحصول عليها صحفيان من المؤسسة الزميلة روزاليوسف، الأول الصحفى المجتهد حمدى الحسينى، وأصدر ما حصل عليه من بدران فى كتاب قبل عدة سنوات، أما المحاولة الثانية فصاحبها محمد الصباغ، وهو صاحب دار نشر اهتمت بنشر هذا النوع من الكتب، وانفردت بمذكرات صلاح نصر وعدد آخر من قيادات العهد الناصرى.

(2)

وما أعرفه أن الصباغ سافر إلى بدران فى منفاه الاختيارى بريطانيا، التى ذهب إليها منذ أن خرج من مصر قبل ما يقرب من 52 عاما، وسجل معه بالصوت والصورة عددا من الحلقات، وباع هذه الحلقات لمؤسسة الأهرام فى عهد رئاسة ممدوح الولى، أثناء حكم الإخوان لمصر.

(3)

 ويمكننا أن نفهم بسهولة لماذا يهتم الإخوان بمثل هذه المذكرات وفيما كانوا سيوظفونها، وإذا أردت مزيدا من التوضيح فالهدف الطعن فى الرئيس عبد الناصر وعهده، والجيش، وتوظيف ما سيرد على لسان صاحب المذكرات فى الطعن على كل ما سبق. المذكرات ليست وثيقة، ولكنها مجرد رواية للأحداث التاريخية كما رآها صاحب المذكرات، وسواء نقلها بأمانة أو قام بتزييفها، هى فى النهاية وجهة نظر صادقة أو كاذبة، وليس هناك صاحب مذكرات سوف يدين نفسه، بل على العكس هى فرصة ليفكك التهم، والإدانة التى وجهت إليه، وأبرز  النماذج ستجدها فى مثل مذكرات شمس بدران وصلاح نصر.

(4)

والجديد فى الأمر  هو  تلك الفيديوهات المنتشرة الآن على «يوتيوب» والتى يمكن أن نطلق عليها التوظيف التالى للتزييف الأول.. كاتب المذكرات زيف التاريخ، وجاء من بعده من ينسج على هذا التزييف طبقة جديدة من خداع للمتلقى، وضحية هذا الخداع هم رواد «يوتيوب» وعناوين فيديوهاته الساخنة التى يصنعها أعداء هذا الوطن من الإخوان والقطريين والأتراك، أو هؤلاء الهواة الذين يسعون للمقابل الذى يدفعه موقع الفيديوهات الشهير لأصحاب الفيديوهات التى تحصل على مشاهدات كبيرة.. وهكذا يزور التاريخ، ويمرر التزوير للمصريين وخاصة من الأجيال الجديدة كجزء من حروب الجيل الرابع والخامس.