محمد رفعت يكتب: نجمة الرعب الطيبة !
لم تخطط صاحبة العيون المخيفة الفنانة الراحلة نجمة إبراهيم، يومًا لأن تصبح ملكة الشر والرعب فى السينما المصرية، بل كانت تحلم بأن تصبح مطربة، وانضمت بالفعل لفرقة الفنانة فاطمة رشدى لتشارك بالغناء فى أوبريت "العشرة الطيبة" و"شهرزاد"، وقامت ببطولة عدد كبير من المسرحيات.
عملت "نجمة"، أيضا فى فترة من حياتها ككاتبة صحفية فى مجلة "اللطائف المصورة"، وعرفت طريقها إلى السينما من خلال عدد من الأدوار الثانوية، بدأتها من خلال فيلم "الورشة" بطولة عزيزة أمير ومحمود ذو الفقار، حتى لفتت نظر المخرج حسن الإمام ليعرض عليها المشاركة فى فيلم "اليتيمتين" وتبدأ رحلتها مع أدوار الشر، فاستغل الإمام ملامحها الحادة ليبرز قسوة قلب الشخصية، وتوالت بعدها الأدوار، حتى جاءها فيلم "ريا وسكينة" عام 1953، لتلعب دور السفاحة ريا، ويحقق الفيلم نجاحا كبيرا، وترتبط شخصية ريا فى أذهان الجمهور بالفنانة نجمة إبراهيم، ورغم أن عددا كبيرا من الفنانات قدمن نفس الشخصية فى أعمال فنية مختلفة، لكن لم تستطع أى منهن أن تتفوق على أداء نجمة.
كما شاركت فى فيلم "جعلونى مجرما" مع الفنان فريد شوقى فى دور "المعلمة دواهي"، تلك المرأة المجرمة التى تستغل براءة الأطفال وتستخدمهم فى أعمال السرقة والتسول.
كتبت الفنانة الراحلة مقالًا فى مجلة «الكواكب» فى
12 نوفمبر 1953، بعنوان «أرتعد خوفًا من ريا الحقيقية»، قالت فيه: «لقد تعود الناس أن يرونى على الشاشة شريرة تحالف الشيطان، أو قاتلة تحترف الإجرام، أو قاسية القلب لا تعرف الرحمة سبيلا إلى قلبها، وكل هذه مجرد أدوار تمثيلية لا أكثر، أما حياتى الخاصة فشيء آخر، وأول ما يجب أن تعلموه عنى أننى أقاطع كل حفلات «البريميير» للأفلام التى أشترك فيها فى دور الشريرة أو المجرمة، ذلك لأننى أخرج غاضبة ناقمة على نفسى لأننى كنت بالقسوة التى ترونها، ولأننى حين أجلس لأرى نجمة إبراهيم الممثلة تتجه عواطفى لضحاياها فيستبدنى الحنق عليها، التى هى أنا، ويتمتع المتفرجون بأدائي.. إلا أنا!».
والغريب أنهم كانوا يطلقون عليها لقب «المتصوفة»، لأنها كانت تقيم ندوة صوفية أسبوعية تقتصر على الحديث فى شئون الدين، وحفظت أجزاء كاملة من القرآن الكريم مما مكنها من إتقان اللغة العربية الفصحى على نحو لم يتوفر لعدد كبير من زميلات جيلها، لذلك كانت تؤدى الأدوار المسرحية بإتقان شديد.
وكادت "نجمة" تفقد بصرها فى الفترة الأخيرة من حياتها، حتى قررت الدولة علاجها على نفقتها، وأصدر الرئيس عبدالناصر قرارا لتسافر إلى إسبانيا وتتلقى العلاج هناك، وعادت نجمة بعد أن استردت بصرها، لتواصل عطاءها الفني، لكن لم يمهلها القدر كثيرا فقد أصيبت بأمراض أخرى أقعدتها فى بيتها حوالى 13 عاما قبل أن ترحل عن عالمنا فى 1976.