لماذا – يونيو بالذات – يكون موعدا للامتحانات الجامعية؟ وهل من الضرورى أن تستمر الامتحانات بنفس النظام منذ 20 عاما؟ ولماذا لا تقسم المواد إلى نصفين يمتحن الطالب فيها مرة واحدة؟
ولماذا لا تصبح امتحانات الثانوية العامة على مستوى المناطق التعليمية بعد أن ارتفع رقم الجامعات إلى 13 وأصبح التصحيح فيها لا مركزيا على مستوى 4 محافظات؟
نحن وقد انتهينا من جميع امتحانات النقل فى الكليات الجامعية والمعاهد العالية، والتعليم العام بمختلف أنواعه، الإعدادى والثانوى.. فيما عدا امتحانات كليات الهندسة التى تنتهى فى 3 يوليو المقبل، وكذلك امتحانات ألفى طالب وطالبة – بعثات داخلية – فى المعهد العالى للدراسات التعاونية والإدارية، التى بدأت أمس وتستمر حتى 9 يوليو المقبل.
ونحن الآن فى عز امتحانات الثانوية العامة بقسميها العلمى والأدبى – حيث يمتحن 199 ألف طالب وطالبة على مستوى الجمهورية.
فإنى أود أن ألفت النظر إلى الحقائق التالية:
1- لا جدال: أن الامتحانات الجامعية وامتحانات الشهادتين – الإبتدائية والإعدادية – قد تمت كلها هذا العام فى جو كان متوسط درجة الحرارة فيه ما يقرب من 40 درجة مئوية.. وهى درجة حرارة لم يحدث مثلها فى مصر منذ 25 عاما على الأقل! الأمر الذى أدى فى كثير من لجان الامتحانات إلى أن يفقد عدد غير قليل من الطلبة أعصابهم بسبب شدة الحر.
2- ولا جدال أيضا – أنه رغم أن الجامعات قد غيرت هذا العام نظام الامتحانات فى الخيام إلى داخل مبانى الكليات نفسها.. إلا أن كثيرا من الكليات – كالتجارة والحقوق – قد أدت امتحاناتها فى الخيام، أو فى أماكن غير كلياتها الأصلية، بسبب كثرة الطلاب فى الكليات النظرية.. فقد بلغ عدد طلاب كلية التجارة 23 ألف طالب وطالبة والحقوق 15 ألفا، والآداب 17 ألفا كذلك!
وهاتان الحقيقتان بالنسبة للامتحانات الجامعية تدعو لأن نلفت النظر إلى أنه قد آن الأوان للبحث عن طريقة أخرى أو نظام جديد للامتحانات فى الجامعات.
لا يمكن إزاء جامعات الأعداد الكبيرة – جامعات المائتى ألف طالب وطالبة، أن يستمر نظام الامتحانات فيها على نفس النظام الذى كان مطبقا منذ 15 سنة، إن لم يكن 20 عاما، عندما كان طلاب الجامعات لا يتجاوز عددهم العشرة آلاف طالب وطالبة.
لا يعقل أن تكون فترة تلقى العلم للطلاب هى خلال فصل الشتاء الربيع، أى فى جو هادئ مريح ومنعش.. لا يمكن أن يتعلم التلاميذ فى ظل هذا الجو، ثم نأتى لنمتحهم فى عز الصيف!
وكان الأولى أن تتم الامتحانات فى المساء فى وقت درجة حرارته معتدلة.
ولا يجوز أن نحتج بعدم كفاية الأضواء أو الإمكانيات المادية!
بصراحة.. لابد من البحث بشكل جدى عن طريقة تحول الامتحانات فى مصر لأن تصبح نظاما محببا لدى الطلاب، بدلا من كونها الآن بعبعا أو كارثة أو على الأقل شرا لا بد منه!
ولا بد أن يسير النظام الجديد على غرار نظام امتحانات الجامعات الأمريكية ليس فقط فى طريقة الأسئلة نفسها.. الأسئلة المباشرة التى تتطلب استعمال واختبار العقول بدلا من طريقة الصم والحفظ، ليس هذا فقط، بل يضاف إلى ذلك، ألا يمتحن الطلاب مرة ثانية فى امتحان آخر السنة، فيما سبق أن امتحنوا فيه من مواد أثناء التيرم – الفصل الدراسى – لأن ذلك يعتبر من قبيل التكرار والترديد الذى لا داعى له..
إننى أناشد المجلس الأعلى للجامعات بالتعاون مع كل من لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس الشعب، والمجلس القومى للتعليم، بالانتهاء من مناقشة هذا الموضوع الحيوى خلال هذا الصيف بحيث يبدأ العام الجديد فى أكتوبر القادم إن شاء الله وقد تغلبنا على هذه المشكلة التى أصبحت تهدد مستقبل طلابنا وشبابنا!
وبالنسبة لامتحان الثانوية العامة:
صحيح أن هذه الشهادة تقلق بل أصبحت مثار إزعاج لكل البيوت، وتجعل أصحابها: الآباء والأمهات والتلاميذ، فى حالة طوارئ مستمرة، طوال أيام الامتحانات أى إلى قرب نهاية هذا الشهر.. وصحيح أن وزارة التربية والتعليم، من أصغر عامل فيها حتى وزير التعليم نفسه، فى حالة طوارئ مستمرة.. ليلا ونهارا.
وصحيح أن الدكتور مصطفى كمال حلمى وزير التعليم قد أعد هذا العام نظاما جديدا للتيسير والتخفيف على التلاميذ من رهبة امتحانات الثانوية العامة لتصبح على مستوى المحافظات.
هذا الامتحان.. وذلك بعد أن أمر بتكوين غرفة عمليات برئاسته ومن واضعى الأسئلة وعدد من المفتشين والمدرسين الأوائل.. للاطلاع يوميا على ورقة أسئلة كل مادة قبل بدء الامتحان بساعة، والإجابة عليها فى وقت معقول لمعرفة ما إذا كانت الأسئلة معقولة وفى مستوى الطالب العادى ومباشرة وفى صميم المقرر.. أم لا.
وصحيح أن الأسئلة حتى الآن وكما يقولون، كلها جاءت فى المقرر ومعقولة ومناسبة لوقت الامتحان.
وصحيح أيضا أن السيد الوزير قد أمر بإعداد ورقة أسئلة من كل مادة، مطبوعة ومشكلة بحروف ظاهرة، لتوزيعها يوميا على كل لجنة امتحان، حتى يرجع إليها رئيس اللجنة فى حالة وجود أى لبس أو عدم وضوح أية كلمة أو رقم فى المسائل الرياضية أو العلوم الطبيعية.. إلى آخره.
وصحيح أن غرفة العمليات قد زودت بأجهزة التلكس، وكاميرات التصوير، للاتصال بأى لجنة فى أى مكان بالجمهورية.. وهذا يحدث لأول مرة.
وصحيح أن كبار المسئولين بوزارة التربية والتعليم بالديوان والمحافظات، يمرون يوميا على لجان الامتحانات، للوقوف على سير الامتحانات وحالة الطلاب.
وصحيح أن وزير التربية أمر بتوزيع ألواح من الثلج والمرطبات والماء البارد على لجان الامتحانات، مراعاة لأيام الحر، ومحافظة على أعصاب الطلبة..
صحيح كل هذا.. إلا أن امتحان الثانوية العامة بشكله الحالى وبنظامه المتبع لا يطمئن، بل هو فى الحقيقة مخيف ورهيب!
لا يعقل أن يستمر نظام لامتحان 199 ألف طالب وطالبة على هذا النحو.
وبعد أن جعلنا التصحيح لا مركزيا على مستوى أربع مناطق: القاهرة – الإسكندرية – أسيوط – المنصورة.. فلماذا لا يصبح الامتحان نفسه على مستوى المناطق التعليمية خاصة بعد أن تعددت الجامعات، وارتفع رقمها إلى 13 جامعة؟.
لقد وقف السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء بنفسه على هذه الحقيقة، فطلب رسميا من المجلس الأعلى للجامعات، مناقشة هذا الموضوع بطريقة جدية حيث طلب إليهم إمكانية بحيث قبول أبناء كل إقليم أو محافظة نجحوا فى الثانوية العامة، فى نفس جامعة المحافظة أو الجامعة القريبة إن لم توجد جامعة بها.
إن الدكتور صلاح قطب رئيس جامعة عين شمس الأسبق، والرئيس الحالى لامتحان هذه الشهادة بقسميها، وكذلك رئيسها لمدة 10 سنوات مضت.. سبق أن طالب فى تقرير رسمى رفعه إلى وزير التربية والتعليم، وذلك من واقع تصحيح الامتحان وعمليات المراجعة ورصد الدرجات وكتابة أرقام جلوس الناجحين فى الاستمارة البيضاء، والنتيجة النهائية.. طلب رسميا بأن يكون امتحان الثانوية العامة على مستوى المناطق التعليمية..
ولا شك أن رأى الدكتور قطب له وزنه الكبير باعتباره أحد كبار أساتذة التربية فى مصر، إننى أعتقد أنه اقتراح فى الصميم، وقد آن الأوان لتنفيذه.
لا بد فى النهاية من عرض هذا الموضوع على المجلس الأعلى للجامعات، ومجلس وكلاء وزارة التربية ليتخذا فيه قرارا يسير جنبا إلى جنب مع تعديل نظام الامتحانات الجامعية..
إننا نريد لطلابنا أن يقبلوا على الامتحانات بابتسامة وهمة، بروح كلها التفاؤل والأمل فى المستقبل.. لا الخوف من هذا الشر القاتل!
تم النشر فى السنة الأولى – العدد الرابع والثلاثون – 19 يونيو "حزيران" 1977 – 2 رجب 1397